الإمام زيد (ع) (وهج?َ في زمن الطغيان)
الإهداء :
إلى الروح الطاهرة التي ارتفعت في ذلك اليوم الأغر, وإلى الجسد الشريف الذي تناثر رماده في كل مكان ليعطر كل بقعة سكن فيها, وإلى الرأس المكرم الذي احتوى مكنونه الطاهر العبق, وإلى المكان الذي صلب فيه فكان مشعلا?ٍ أضاء الدنيا بالعزة والكرامة وأشرقت معه شمس الحرية.
إلى المجد الخالد في تأريخ البطولات, والمعلم الملهم في ميدان التضحيات . إلى أبي يحيى الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين (ع) أهدي هذه الأسطر في خشوع وتقوى.
حقيقة لا يمكن إنكارها هي أن الحديث عن هذا الطود الشامخ لا يمكن لأي مقام مهما كان متسعه أن يفي بالغرض أو يصل إلى المطلوب, ولكنه لا يجوز الإغفال والتجاهل عن الحديث في مقام كهذا المقام حتى لو كان الحديث ناقصا?ٍ فالتاريخ مشاع للعالمين وهو مترع وزاخر بالرجال العظماء الذين ملؤوا الأرض علما?ٍ وعدلا?ٍ وحلما?ٍ وحكمة.
ومثل هذا الحدث يفرض نفسه علينا فرضا?ٍ, فالتجاهل له خطيئة ونسيانه نكران وجحود.
كيف لا ونحن ما بين فينة وأخرى نسمع الاحتفالات بل ونشاهدها وهي لمناسبات لا ترقى لئن يحتفل بها سواء كانت لمناسبات أولشخصيات لم تقدم للإنسانية شيئا?ٍ, بل ربما عادت بها إلى الوراء قرونا?ٍ طوالا?ٍ.
المعذرة:
عذرا?ٍ يا حبيب المصطفى وحفيده إن قصرت, وأنا أعترف بالتقصير, فالمقام لا يتسع فأنت في قلوبنا دون أقلامنا, وعذرا?ٍ من القارئ الكريم الذي قد يقول ما كتب عن شخصك إلا قليل فأنت أيها الإمام (ع)لست بحاجة لكتاباتنا فالعظيم يبقى عظيما?ٍ مهما غفل عنه الآخرون.
الانطلاقة:
البلاد واسعة, والأرض مترامية الأطراف, والناس في تيه وغرق في الوحول من المظالم والمفاسد والشرور رغم كثرتهم, فقد أخمدت الأصوات الحرة, وانتشرت الروائح الكريهة النتنة المتعفنة الدالة على وجود قبائح ومنكرات, تخاذل الناس عن إنكارها أو حتى مجرد الحديث عنها, في ظل حكم كمم الأفواه وألجمها, وأباح الدماء واستباحها, وقطف الرؤوس عن الأجساد, وأغرق المجتمع في وحل الجاهلية الجهلاءـ التي جاء الرسول المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)لاجتثاثهاـ فلم يراع الحكم آنذاك مراد اله ورسوله فقمع كل صوت ينادي بإزالتها.
وفي ظل هذه الغيوم الملبدة كان لزاما?ٍ وجود صوت يصرخ في وجه الطغيان (أن كفى) , ويصرخ في وجوه الغافلين أن استيقظوا, بل إنه أوجب الواجبات فما الحياة إلا عار على من رضيها بهذا الشكل ومن هنا كانت الانطلاقة المباركة لإمام الأئمة المجدد ثورة جده الحسين الإمام الشهيد حفيد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)زيد بن علي (عليهما السلام).
فمن هو هذا الثائر البطل?
إنه الإمام الولي زيد بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين .أبوه زين العابدين وسيد الساجدين وجده سيد شباب أهل الجنة, وجده علي سيد العرب بالنص النبوي الشريف والدته أسمها جيدا وهي (أم ولد)اشتراها المختار بن أبي عبيدة بثلاثين ألف درهم ورأى أن الأحق بها هو الإمام السجاد (ع)فأهداها إليه. وجدته هي شاه زنان بنت ملك فارس كسرى يزدجر بن شهريار وجدته الكبرى فاطمة البتول الزهراء فلذة كبد المصطفى وبضعة فؤاده صلوات الله عليهم أجمعين.
البشارة:
بشر والده (عليه السلام )بولادته بعد صلاة الفجر فالتفت إلى أصحابه وقال : أي شيء تروا أن أسمي هذا المولود? فقال كل واحد منهم س?ِم??ه كذا , سم??ه كذا فقال (ع): يا غلام علي??ِ بالمصحف.فجاءه به فوضعه في حجره, ثم فتحه فنظر إلى أول حرف في الورقة فإذا فيه(و?ِف?ِض??ِل?ِ الل??ِه?ْ ال?م?ْج?ِاه?د?ين?ِ ع?ِل?ِى ال?ق?ِاع?د?ين?ِ أ?ِج?ر?ٍا ع?ِظ?يم?ٍا) ثم أطبقه وفتحه ثانية فنظر في أول الورقة فإذا به (إ?ن??ِ الل??ِه?ِ اش?ت?ِر?ِى م?ن?ِ ال?م?ْؤ?م?ن?ين?ِ أ?ِن?ف?ْس?ِه?ْم? و?ِأ?ِم?و?ِال?ِه?ْم? ب?أ?ِن??ِ ل?ِه?ْم?ْ ال?ج?ِن??ِة?ِ ي?ْق?ِات?ل?ْون?ِ ف?ي س?ِب?يل? الل??ِه? ف?ِي?ِق?ت?ْل?ْون?ِ و?ِي?ْق?ت?ِل?ْون?ِ و?ِع?د?ٍا ع?ِل?ِي?ه? ح?ِق??ٍا ف?ي الت??ِو?ر?ِاة? و?ِال?إ?ن?ج?يل? و?ِال?ق?ْر?آن? و?ِم?ِن? أ?ِو?ف?ِى ب?ع?ِه?د?ه? م?ن?ِ الل??ِه?) فقال (ع): هو والله زيد فسمي زيدا?ٍ.
وقد كانت ولادته سنة 75 من هجرة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم).
النبي صلى الله عليه واله وسلم والإمام زيد(ع):
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم )أنه قال للحسين (ع): (يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يتخطى هو وأصحابه رقاب الناس غرا?ٍ محجلين يدخلون الجنة أجمعين بغير حساب)
وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)أنه نظر ذات يوم إلى زيد بن حارثة فبكى وقال : (المقتول في الله المصلوب من أمتي , المظلوم من أهل بيتي س?ِم?ي??ْ هذا)وأشار إلى زيد بن حارثة ثم قال (أ?ْد?ن?ْ مني يا زيد, زادك اسمك عندي حبا?ٍ فإنك س?ِم?ي??ْ الحبيب من ولدي).
من صفاته:
أبيض اللون, أعين, مقرون الحاجبين, تام الخلق, طويل القامة, كث اللحية, عريض الصدر, أقنى الأنف, أسود الرأس واللحية وقد خالطه الشيب في عارضيه.
كان يشبه أمير المؤمنين (ع)في