أبعاد التحركات في جنوب اليمن ضد هادي والتحالف السعودي؟
شهارة نت – تحليل / قاسم عزالدين
الاحتجاجات المتصاعدة في محافظات اليمن الجنوبي، تطالب برحيل التحالف السعودي والقوات الإماراتية وحكومة الفار عبد ربه منصور هادي. لكن هذه الاحتجاجات لم تضع أصبعها على الجرح بعد، لإعادة النظر في أسباب الغزو وأهدافه بذريعة دعم الشرعية ضد ثورة الشمال.
بعد طول غياب المحافظات الجنوبية عن نصرة أخوانهم في الشمال ضد العدوان والحصار والقتال، تبدأ التحركات والاحتجاجات تتسع في تعز وعدن ولحج وفي لحج وأبين لمواجهة تفشي الجوع والمرض. وهي تطالب برحيل حكومة هادي ورحيل قوات التحالف السعودي التي لم تعد أهدافه من وراء الغزو والاحتلال يمكن التستر عليها.
غالبية السكان والأهالي في جنوب اليمن، أصابتها أهوال وجرائم الاحتلال منذ اللحظة الأولى للعدوان. لكن قيادات معظم الأحزاب الجنوبية على اختلاف مشاربها، راهنت على حظوة في السلطة وعلى مكاسب من النفوذ عبر العدوان الذي أطلقت عليه تسمية “التحالف العربي” ورددت وراءه مقولات “دعم الشرعية” وأيضاً ما يسمى “مسؤولية المجتمع الدولي ضد الانقلابيين” وغير ذلك من إدعاءات منمّقة لذر الرماد في العيون.
المفارقة أن بعض قيادة هذه الأحزاب والتنظيمات، المعادية تاريخياً لما كانت تسميه الرجعية السعودية والامبريالية الاميركية، غطّت العدوان وجرائم الحصار والقتل من موقع المسؤولية في حكومة هادي. وغلّبت خلافاتها السياسية والإيديولوجية مع أنصار الله والمؤتمر الشعبي، على قوى الغزو والاحتلال. ولم تأبه لأبشع مأساة إنسانية في العصر (بحسب توصيف المنظمات الدولية) بل حمّلت القوى التي تواجه العدوان مسؤولية الضحايا ودمار اليمن، كما يتحدث الناطق باسم قوات التحالف السعودي.
التململ الذي بدأ دفاعاً عن كل منطقة ومحافظة بمفردها، لم يخرج عن هذا السياق العام. فدفاع حزب التجمع للاصلاح عن محافظة تعز ضد قوات الامارات ومجموعاتها من “العماليق”، اتخذ صيغة اتهام الامارات “بدعم الانقلابيين” لأنها أوقفت المعركة ضدهم وليس لأن قوات الجيش واللجان الشعبية تستبسل وتمنع قوات الغزو من التقدم على الجبهات. ولم يصل الاحتجاج في عدن وفي جزيرة سقطرى وغيرها إلى مستوى الصحوة في أهداف الغزو وأطماع الاحتلال في ثروات اليمن والسيطرة على الشمال والجنوب.
قوات محمد بن زايد تحتل موانىء المخا وحضرموت وعدن وتسيطر على منشآت النفط وخطوط تصديره في شبوة وصولاً إلى مساعي السيطرة في مأرب، ولا تخفي أطماعها في اليمن وفي دعم جماعاتها في المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك وطارق محمد صالح، ولا يضير أبو ظبي تجويع اليمنيين في المحافظات الجنوبية وتعذيبهم في السجون والاغتيالات التي تقوم جماعات الامارات في “الحزام الأمني” والحرس الجمهوري وغيره.
الخسائر الفادحة التي تمنى بها السعودية على الرغم من التدمير والمجازر وأمراض الكوليرا، تمنعها من تحقيق أطماع السيطرة على الشمال. وهو ما يهدد حكم محمد بن سلمان الذي يحمله الأمير السعودي أحمد بن عبد العزيز مسؤولية الحرب ضد اليمن، متمنياً انهاء هذه الحرب “اليوم قبل الغد” خلال رده على محتجين في لندن ضد آل سعود.
الاستبسال الخارق الذي تبذله قوات الجيش واللجان الشعبية في مواجهة الغزو والاحتلال، حرّكت المنظمات الانسانية والجمعيات الحقوقية التي تضغط على الحكومات الغربية لوقف الدعم عن السعودية. وفي هذا الصدد انضمّت اسبانيا إلى السويد وكندا وبلجيكا وألمانيا وفنلندا لوقف مبيعات السلاح والذخائر للسعودية. لكن بريطانيا ذات الاطماع التاريخية في موقع اليمن، لا تزال تشترك في المجازر وإلى جانبها واشنطن وأيضاً باريس التي تدّعي أن الذخائر التي تبيعها للسعودية لا تُتستخدم في قتل المدنيين.
الاحتجاجات المتصاعدة في المحافظات الجنوبية، للمطالبة برحيل حكومة هادي والتحالف السعودي، تستند بشكل غير مباشر إلى صمود الشمال في مواجهة العدوان. لكنها يمكن أن تتحوّل إلى قوّة دفع في اتجاه التحرر إذا نظّمت خلافاتها مع الشمال على قاعدة تحديد الأولويات في المواجهة. فإذا كان “المجلس الانتقالي” المدعوم من الامارات يدعو لمقاطعة المشاورات التي يدعو إليها مارتن غريفيث في جنيف، قد تكون الدعوة للمشاورات فرصة لضم جهود الجنوب إلى الشمال للمطالبة بوقف الحرب ورحيل العدوان عن اليمن.