معلومات ابنتي ضائعة !!!
بينما كانت ابنتي تحاول استجماع أفكارها ومعلوماتها قبل العودة إلى المدرسة وبين يديها كتاب كيمياء الثاني الثانوي , أخذت ت?ْق?ِل??ب?ْ الكتاب تارة وتفتحه تارة أخرى وتتنقل بين صفحاته تارات وقد أصابها الإعياء والتعب , تنفس??ِت أنينا?ٍ مؤلما?ٍ وقالت :
ما أسهل الكيمياء عندي ولكن? والله ما عاد استوعبت في الكتاب شيئا?ٍ .
كنت أتأملها وهي تتعامل مع الكتاب ثم أصغيت لأنينها النابع من قلبها :
ما أسهل الكيمياء وما أصعب فكفكة طلاسمه .
بعدها كنت أحاول تفسير الأنين ولسان حالها فكانت النتيجة االتالي :
· العام الماضي لم يكن هناك شيئ ي?ْش?ِو??ش الأفكار ويعمل على عرقلة نفاذ المعلومات إليها سوى في النصف الثاني من العام الدراسي , وقد حاولنا التغلب عليه بما لم نكن نحسب حسابه , أما اليوم فقد ازداد الوضع تعقيدا?ٍ وسوءا?ٍ , فل?ِك?ِم سيطر علينا الخوف والرعب والفزع والهلع .
· أيام?َ عجاف?َ قضيناها خلال حرب الحصبة نسمع دوي القذائف والصواريخ نصحو ونحن نعتقد أل??ِا مساء وننام فيما نعتقده تحصينا?ٍ ونحن نعتقد أل??ِا صباح .
· شهور تسعة كلما سمعنا عن توتر الأجواء ون?ْذ?ْر? الحرب حملنا أغراضنا ونزحنا من بيوتنا إلى البلاد بعد الإنتقال في صنعاء من شارع نعتقده آمنا?ٍ إلى ما نعتقده أكثر أمنا?ٍ , وحين نحس بالحاجة وأل??ِا قبول لنا سوى في بيتنا نعود إليه وما هي إلا أيام أو شهر وسرعان ما تعود الأراجيف فيعود السيناريو ( النزوح ) كما سبق وهكذا .
· تسعة?ْ شهور لم نعد نجد من الكهرباء سوى ساعة أو ساعتين في اليوم وطالما انقطعت تماما?ٍ لخمسة أيام متوالية .
· عدنا للوراء عشرات السنين فلا بترول ولا ماء , آه?ُ كم تزاحمنا على حنفيات المساجد والس?ْب?ْل? الخيرية أسرابا?ٍ وطوابير وكم وقعت فيها من ملابجات وخصومات .
· كان والدي يكفينا ذل الحاجة بالكاد واليوم صار بلا عمل بعد تسريحه من عمله نتيجة الكساد التجاري فصرنا نشبع في الوجبة بالكاد أو ن?ْوهم أنفسنا بالشبع .
· كان في البيت من المصاريف ما يكفينا في بعض الأحايين أسبوعا?ٍ واليوم نأكل قوت اليوم وننتظر فرج الله بقوت اليوم الثاني .
· كنا نشتري نصف كيس من الدقيق وقطمة من السكر والأرز واليوم صرنا نتصارع مع الكيلو ونصف الكيلو .
· في صنعاء ما عرفت الحطب وتنور الحطب وحين انعدم الغاز بحثنا عن الحطب وبحمد الله حصلنا على تنور حطب .
· كنا نحصل على مصروف يومي لا يقل عن خمسين ريالا?ٍ واليوم أين العشرة ? أحيانا?ٍ نجدها وأياما?ٍ بدون .
· كنا نخرج وندخل ولا على بالنا أما اليوم فقد ق?ْتل ابن جارنا وصديقتي وانخرم خزان مياهنا نتيجة عودة الرصاص الطائش من الجو صرنا حبيسي البيوت لم نعد نتمتع حتى باللعب .
· كنا نتابع الإعلام لنجد النزف والقتل والدماء في فلسطين والعراق والصومال وأفغانستان و … و … و … واليوم مشاهد القتل والجرح يمنية بامتياز .
· كنا نسمع القتل في الحصبة والدائري واليوم تخض??ِبت بالدماء مساحات واسعة في مدرستي وجامعة أخي , من ي?ْصد??ق أن مدرستي أصبحت ثكنة عسكرية ? كيف سأستوعب دروسي في جو??ُ كهذا ?
· كل شيئ في حياتنا مفخخ أخشى أن ينعكس الصراع في البلد على علاقتي بزملائي وزميلاتي بعد أن تم الزج بنا في أتون هذا الصراع فتم حقننا به من قبل الكل : الوالدين , المدرسين , الأهل وسائل الإعلام .
كنت أستشعر أن??ِات ابنتي وأعلم أنها أنين كافة أطفال اليمن الذين ضاعت أفكارهم وغابت معلوماتهم في ذمة الأزمة القائمة فأي? دروس سيستوعبون ???!!!