الزحف على فلسطين
كتب الدكتور خالص جلبي منذ أي?ام مقالا?ٍ متمي?زا?ٍ في مضمونه – استلهمه من الفيسبوك – حوى دعوة?ٍ إلى زحف جماهيري? على فلسطين يوم 15 – 05 – 2011 في ذكرى قيام دولة الكيان الصهيوني لفتح فلسطين وإعادة اللاجئين إليها بعد تشريد دام أكثر من ست?ين سنة.
لا شك? أن? الفكرة أثارت تهك?م كثير من القر?اء وتبس?م آخرين لغرابتها و”طوبوي?تها”? لكن?ي أعتقد أن?ها في حاجة إلى وقفة ملي?ة للنظر فيها بجدي?ة وموضوعي?ة ? ونحن في زمن تسارعت أحداثة بشكل عجيب تجاوز تحليلات الساسة والعلماء والمراقبين ? وأفسد حسابات أكثر من طرف على أكثر من مستوى ? وذلك منذ ثورة شعوب أوروبا الشرقية وسقوط جدار برلين .
نسل?م ابتداء?ٍ بما تعل?مناه من الحياة أن? معظم الاكتشافات ال?تي غي?رت وجه الدنيا والإنجازات الإنساني?ة الضخمة كانت مجر?د أحلام تراود بعض الناس وتثير التهك?م والابتسامة القريبة من السخري?ة ? ولا أدل? على ذلك من إقامة دولة يهودي?ة في قلب البلاد العربي?ة الإسلامي?ة ? فلا شك? أن? أكثر الناس صن?فوا بشارة هرتزل أواخر القرن التاسع عشر في خانة الأفكار الطوباوي?ة وأحلام اليقظة والتنفيس عن الذات ? لكن? فكرته تجس?دت بعد خمسين سنة?ٍ فقط ? فلماذا يحلم جميع الناس ولا نحلم نحن? ولماذا نبقى محكومين بقانون قتل الأفكار الجديدة والمشروعات الحي?ة والمبادرات المنعشة باسم واقعي?ة أصبحت صنما?ٍ يطوف به المثب?طون والمستسلمون والمنهزمون? ويرغمون العرب والمسلمين على تبن?ي طقوسهم تحت طائلة الات?هام بالمغامرة واللامعقول والصبيانية ? هرتزل رمى للساحة بحلم مجنون ? ولم يبق يبتهج به أو يتفر?ج على آثاره الإعلامية وإن?ما شرع في العمل الفوري على تجسيده ? فكان أن تحق?ق حلمه على حسابنا !فلماذا لا نفعل نفس الشيء ?
إن? اندلاع الثورات الشعبية في عد?ة دول عربية وبشائر وصولها إلى المنطقة كل?ها يتيح الشرط الأساسي الأو?ل لنجاح الزحف على فلسطين وهو الإطاحة بالأنظمة التي كانت حارسة للكيان الصهيوني ? توف?ر له الأمن وتقمع كل عربي? يتجر?أ على تهديد سلامته أو التشكيك في شرعي?ته ? ضمن مخط?ط مت?فق عليه صراحة أو ضمنيا يسمح الصهاينة و أمريكا بموجبه أن يبقى الحك?ام العرب في مناصبهم مدى الحياة ثم? يرثها منهم أبناؤهم ? وقد كانت تونس ملاذا آمنا لليهود يعربدون فيها ويجوس خلالها عملاؤهم بكل حرية ? وللدولة العبرية فيها مكاتب ومصالح ? أم?ا النظام المصري فقد كان حارسا وفي?ا وقوي?ا لأمن الصهاينة ? باع من أجلهم قضية فلسطين وضي?ق الخناق على قطاع غز?ة ? وحارب ” حماس” بكل? ضراوة ? وعمل على إفشال حكومتها ? ولم يتور?ع عن تجويع أهل فلسطين وإحكام الخناق عليهم بينما يزو?د الكيان الصهيوني بالغاز بأبخس الأسعار ? فكان انهياره إيذانا بعهد جديد لصالح القضية الفلسطينية ? لكن? زمن الزحف على فلسطين لن يأتي إلا بعد إزاحة باقي الأنظمة العميلة لليهود التي تتفانى في خدمته والدفاع عنه ? فكم قتل الأردن وسجن وأبعد من أحرار يهد?دون أمن حليفه اليهودي ? وكم تفاخر بذلك رغم أنف الجماهير الأردنية الغاضبة ? فهل ترى نظامه يسمح بمجر?د التفكير في هذا الزحف على فلسطين الذي ينطوي في مراحله الأولى على إزعاج الصهاينة ?
ومع انكشاف الجبهتين الجنوبية والشرقية لفلسطين المحتل?ة تبقى الجبهة الشمالية-الشرقية تمث?ل حصنا منيعا يحمي الصهاينة من أي? سوء ? ذلك أن النظام السوري هو في الحقيقة – وكما لا يخفى على عاقل – من أشد? حماة الدولة العبرية الغاصبة التي اعترف ساستها بذلك وتن?موا – منذ اندلاع شرارة الثورات العربية – استمرار النظام البعثي فيها لأن?ه يرفع شعارات الصمود لأغراض تكتيكية بحتة لم يعد ينخدع بها أحد ? فيصبح سقوطه شرطا لازما ومقد?مة ضروري?ة لانطلاق الزحف المنتظر على الجولان وعلى حدود فلسطين الشمالي?ة .
لكن? المعضلة الأكبر – بعد استبعاد حسني مبارك – تكمن في النظام السعودي? الملتحم عضوي?ا?ٍ ومصلحي?ا?ٍ بأمريكا ? وال?ذي يرو?ج لسياساتها في المنطقة ويحمي مصالحها وتواجدها بالشرق العربي? وي?ْعتبر أكبر عقبة أمام كفاح الشعب الفلسطيني? والحركات التحر?ري?ة بالمنطقة ? يبذل الأموال بسخاء لفرض خيار التسوي?ة ويسو?غها بفتاوى علمائه المدج?نين ? ويعتبر “حماس” عدو?ه ويكف?ر “حزب الله” بسبب مشاكستهما للكيان الصهيوني? ال?ذي أصبح بحكم الضرورة في صف? المملكة ضد? “المغامرين” من إصلاحي?ين وجهادي?ين و”منتحرين”? فلا يعقل تنظيم أي? زحف قبل سقوط النظام السعودي? لأن?ه سيكون أو?ل من يتول?ى التآمر عليه وإجهاضه بكل? الوسائل من الفتاوى الجاهزة إلى إنفاق الأموال الطائلة لتحصين اليهود وتثبيط عزائم العرب والمسلمين مرورا?ٍ بالمؤامرات الظاهرة والخفي?ة من كل? نوع ? وليس هذا مستغربا?ٍ من نظام عو?دنا على الثرثرة حول الإسلام لتخالف أفعال?ْه وسياسته جميع?ِ قي?م الدين وأخلاقه وأحكامه ? فهو لم يقبل بفوز حماس – ذات الات?جاه الإسلامي المعتدل – في الانتخابات الديمقراطي?ة الن?زيهة كي لا تشاكس الأصدقاء اليهو