تداعيات الثورة المصرية على المنطقة وعلى مستقبل الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي
تسارعت الاحداث حتى باتت مهمة التنبؤ في العلاقات الدولية او ما يسمى الدراسات السياسية الاستشرافية او علم المستقبليات لاي باحث في هذا المجال اعقد واصعب من اي وقت مضى وذلك في محاولة لوضع رؤيا واضحة وخطوط عريضة لما هو ات في مقبل الايام.
وتعتبر الثورة المصرية وسقوط نظام مبارك حدث جلل ومرحلة مهمة وفاصلة في التاريخ المصري حيث بهذا السقوط السريع اسدل الستار عن مرحلة سارت فيها عجلة التقدم في جميع مناحي الحياة ببطء شديد لا يتناسب مع مكانة مصر وتاريخ مصر حيث اعاد هذا التقدم البطيء مصر الى مراحل متأخرة جدا حيث باتت الهند وماليزيا وسنغافورة وتايلند افضل حالا من مصر التي كانت قبل عقود مبارك متقدمة بخطوات كثيرة عنهم.
وما يهمني الان هو مناقشة الاثار المترتبة على التغبير الحاصل في مصر على الاوضاع الفلسطينية و تقديم رؤيا حول مصير فلسطين بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص ولان غزة شغلت العالم كله وكانت محط انظار قوى وفواعل المجتمع الدولي.
اود الاشارة الى جملة من الخطوط العريضة التي ارى بانها ستحدث? وتنقسم هذه الخطوط الى قسمين:
القسم الاول :
1- ان مصر مرشحة لان يكون فيها بعض القلاقل في السنوات القليلة الاولى حيث سيسود التنافس بين القوى السياسية ولان هناك خطوط مختلفة فسيواجه الانتقال السلس كثير من المصاعب والتحول الديمقراطي دائما يسير عبر التضحيات. كما وستحاول ايد خارجية ان تفسد عملية الانتقال ولكن كل هذا لن يتخطى نضج الشعب المصري وستكون حكمة ودراية مؤسسة الاخوان واليساريون وحزب الوفد والجبهة الناصرية حائط منيع ضج اي ايد خارجية مشبوهة.وسيحتاج الامر قليل من الوقت لكي يستقر النظام الجديد? ولكن الجيد ان مبارك قد خ?ْلع من كرسيه على عجل ولم يكن هناك وقت كاف ليثبت الكثير من رجاله في الحكم.
2- سقوط نظام مبارك كسر ظهر السلطة الفلسطينية وافقدها حليف قوي واصبحت كالطفل الذي فقد والده في وسط امواج بحر عاتية? فهي الان تخشى انتفاضات كبيرة في الضفة بسبب ممارسات افراد الاجهزة الامنية مع افراد المعارضة وقادتها من ناحية? ومن ناحية اخرى تخشى من النجاح الكبير الذي حققه الاخوان في مصر فجأة بسقوط مبارك? وكان الامر مكافأة على طول صبر? حيث من المؤكد ان عود حماس سيشتد وهي اساسا تحكم غزة بثقة وقد تكيفت وتأقلمت وكان الحصار عليها سببا في امدادها بالقوة وطول البقاء. وانقلب السحر على الساحر.
القسم الثاني:
1- بسقوط نظام مبارك نستطيع القول بان الحروب الاسرائيلية على غزة انتهت. فقد كان جناح الاسرائليون اليساري مأمون الجانب? وقد كانت ” اسرائيل” تشن الحروب على غزة واثقة من الجبهة المصرية بانها لن تسكت? بل سوف تقدم الغاز المصري فاتحة حدودها مع اسرائيل لدخول البضائع والسياح وحرية الحركة? وكما ولن تسمح ايضا للقطاع بان يكون له منفذا ومتنفسا نحو العالم الخارجي باغلاق معبر رفح الحدودي? وستحاصره وتمنع قوافل المساعدات والوفود الاجنبية المتعاطفة مع غزة? لتكشف بانها كانت خير حليف لاسرائيل.
2- سيطرأ تحسن في العلاقات بين مصر من جهة وسوريا وايران وتركيا وحتى قطر من جهة اخرى وذلك لان هناك قوى جديدة فاعلة ووازنة داخل المجتمع المصري وقد كان النظام السابق عبارة عن صخرة منيعة ضد اي انفراج في العلاقات مع تلك الدول بسبب اصطفافه خلف الولايات المتحدة واسرائيل وما يسمى بدول ” الاعتدال” .
3- ستتحسن علاقات مصر بدول ” الحوض” اي الدول التي تستفيد من نهر النيل? حيث شهدت الفترة السابقة بسبب مبارك ازمة في العلاقات مع دول الجوار بسبب المخاوف المصرية بتقلص نسبة حصة مصر? ومطالبة العديد من الدول بزيادة كميات المياه وانشاء مشاريع تهدد مصر بشكل مباشر? ووصلت لدرجة التهديد بشن حروب? فبسقوط النظام سيفتح باب جديد في العلاقات وستسترجع مصر مكانتها.
4- ستلعب مصر دورا قويا وكبيرا وهاما في العلاقات العربية العربية حيث ستعتبر مصر الاقوى في المنطقة اعتمادا على العلاقات الجيدة والتحالفات الجديدة لها وستكون هذه التحالفات الجديدة ورقة كبيرة ورابحة يمكن استعمالها في تحقيق مكاسب للطرف الفلسطيني في صراعه مع دولة ” اسرائيل” التي كانت تعتمد على مصر مبارك في السكوت والتغطية على الاعتداءات وايضا قدرة مصر مبارك على تحييد العرب بشكل كبير عن القضية الفلسطينية. وتجلى ذلك بموقف عمر سليمان من الحرب على غزة.
5- حيث ان ملف المصالحة الفلسطيني مسؤلية مصر فاتوقع ان يحصل تقارب كبير بين فتح وحماس وان تزول نقاط الخلاف والتنافر لان الخلاف سيزول بشكل كبير بين مصر وباقي الدول وما كان عدو الامس سيكون صديق اليوم? وهذه هي السياسة.
كاتب وباحث في العلاقات الدولية
ماليزيا
Fahmy1976@yahoo.com