القرار 2216 رخصة لقتل الشعب اليمني
بقلم/ فائز سالم بن عمرو
يتساءل المواطن البسيط الذي يعيش ويلات الحرب العسكرية الظالمة في شهرها العاشر من السكوت المطبق للعالم المتحضر على جرائم القتل والتدمير لكل الموروث اليمني إنسانا وأرضا وبنية تحتية وتراثا وحضارة . فالشرعة الدولية التي شرعت ذلك العدوان العسكري بقيادة المملكة الوهابية الحاقدة على شعبنا التي تنطلق في حربها من استجرار الأحقاد التاريخية والمطامع الاستعمارية في أرض اليمن وثرواته .
اعتبر كثير من المراقبين الدوليين ومراكز البحوث الاستراتيجية القرار 2216 نقطة سوداء في تاريخ المنظمات الدولية وخرق فاضح للشرعية الدولية ، بل أنه يعد تغيير في مسيرة الأمم المتحدة ومجلس الأمن كونها منظمة تحافظ على الأمن والسلام العالمي ، فالقرار 2216 شرع القتل والدمار وغطي الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها العدوان ومليشياته وتغافل القرار نصوص القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة حين فوَّض كيانا مثل المملكة الوهابية المعروفة بجرائمها ضد الإنسان والتاريخ والحضارة ، وخوَّل لذلك الكيان ما قبل التاريخ والحداثة بتطبيق الشرعية الدولية وإنفاذ القانون الدولي دون مراقبة أو توفير أي آلية قانونية وتشريعية تستوجب المحاسبة خاصة بأن المملكة الوهابية تضمر الشر لبلادنا وتحركها الأطماع التاريخية بتفتيت اليمن وضمه كثير من محافظاته للنظام الملكي السعودي . وفي هذا البحث المختصر سنوجز نقاط التناقض التي يستند إليها العدوان السعودي في تماديه بجرائم القتل والعنف وتجاوز كل القوانين الانسانية والدولية ، ويمكن حصرها في الآتي :
أولا : جاء القرار في ظل تسوية دولية بعد تجدد الخلاف بمجلس الأمن بين روسيا والصين من جهة ، وأمريكا وبريطانيا وفرنسا من جهة أخرى جراء رفض روسيا كثير من قرارات المجلس ضد سوريا ومحاربة الإرهاب ، فجاء القرار ليمثل لحظة توافق وقتية لتخفيف التوتر بين الدول الحاكمة للعالم ، وليتيح للدول المسيطرة على المجلس فرصة للتوافق وتقاسم مناطق النفوذ والمصالح في الشرق الأوسط ، لذلك تم التوافق السريع على القرار تحت وطأة العملية العسكرية لعاصفة الحزم .
ومن جهة أخرى مارست دول الخليج ضغطا اقتصاديا وسياسيا كبيرا على إدارة اوباما إثر رفضها للاتفاق النووي بين الجمهورية الإيرانية ودول دائمة العضوية بالمجلس فيما يعرف باتفاق خمسة زائد واحد ، فما كان من أمريكا والدول الغربية المتحالفة مع دول الخليج والمرتبطة معها بتحالفات عسكرية وسياسية إلا أن فرضت القرار الجائر على المجلس ، وأتي القرار بصورته الحالية رشوة دولية ضخمة قايضت فيها دول الخليج الشرعية الدولية بأموالها الضخمة وصفقاتها المشبوهة .
ثانيا : شكل التحرك العسكري السعودي في اليمن خرقا فاضحا للقانون الدولي إذ انتهكت دول العدوان السيادة اليمنية لدولة عضو في الأمم المتحدة دون أن يحرك العالم ساكنا ضد انتهاك القانون الدولي ، بل شرع المجتمع الدولي وبارك العدوان وأصدر القرار 2216 بعد عشرين يوما من العدوان ، وهذا يعد خرقا قانونيا فاضحا فيما يعرف في القانون القرار بأثر رجعي ، بمعنى لا يجوز تطبيق أي قرار بأثر رجعي وإنما يعتمد القرار في الحالة الحالية والمستقبلية . المصدر : ” ويكيبيديا” .
ثالثا : النقطة المهمة في القرار 2216 بأن مجلس الأمن والأمم المتحدة لم تعط العدوان السعودي الخليجي في اليمن أي صفة قانونية تمكن المجتمع الدولي من منع جرائم الحرب وتمنع التجاوزات العسكرية التي تقع في الحروب والنزاعات ، وكذلك تخضع تلك القوة العسكرية للرقابة الدائمة ، وكذلك يوفر الغطاء القانوني حماية للقوة الدولية التي تطبق القرار الدولي من المحاكمة والمحاسبة ويمنحها حصانة قانونية دولية .
فحين غزت الولايات المتحدة الأمريكية دولة العراق عام 2003م متجاوزة للقرار الدولي 1441 لمجلس الأمن اعتبر المجلس القوات الامريكية في العراق قوات احتلال ليوفر لها صفة قانونية لاحتلالها الغير شرعي لدولة ذات سيادة وأوجب مجلس الأمن على القوات الأمريكية توفير الحماية الأمنية والغذائية للعراقيين ومنح حصانة قانونية لحماية قواتها العسكرية وأفعالها السياسية في العراق .
والغريب بأن القرار أعطى العدوان السعودي شرعية دولية وغطاء قانوني ، ولم يعطها صفة قانونية تحدد ما هي القوات التي ستنفذ القرار ، والآلية المتبعة ، وكيف سيتم مراقبة ومحاسبة القوات أمام مجلس الأمن ؟ . ولذلك عملت المملكة لتجميع الدول العربية واستجلبت المرتزقة مثل مرتزقة بلاك وتر وكذلك اعتمدت على المليشيات العسكرية وتعاملت مع المنظمات الإرهابية مستفيدة من القرار 2216 غطاء دولي لجرائمها وتجاوزاتها ضد القوانين الدولية لحماية المدنيين .
رابعا : على الرغم من أن القرار 2216 يقوم على الاعتراف بشرعية هادي وحكومته ، إلا أن القرار أيضا جاء وفقا لقرارات سابقة تعترف بمخرجات الحوار التوافقية بين كل الأحزاب والكيانات اليمنية ويعترف بحكومة الكفاءات الوطنية التي جاءت وفق توافقي يمني داخلي ويطلب من تلك الحكومة والشرعية التوافقية تطبيق بنود القرار 2216 ، ولكن الواقع الذي تحاول شرعية الرياض فرضه هو القبول بكل قرارات التي صدرت بشكل فردي وغير توافقي وهي تمثل طرفا واحدا من أطراف الصراع والأزمة اليمنية ، وهذا يعد خللا وتناقضا في القرار . كما أن حكومة الكفاءات الوطنية تم إبعاد كل الأطراف الوطنية الرافضة للعدوان منها ، وصارت حكومة لمؤيدي العدوان ومناصريه ، وهذا الواقع الحزبي للحكومة والشرعية لا يمكن أن يحقق استقرار اليمن والسير بالحوار وفرض أسس الدولة المدنية التي يطالب بها المجتمع الدولي .
خامسا : القرار يطالب طرفي الحوار والتفاوض وهم شرعية الرياض ووفد المؤتمر ووفد أنصار الله بالتوافق على آلية واضحة لتسليم الأسلحة الثقيلة من كل الأطراف للدولة وإطلاق الأسرى والمحتجزين وإيصال الاغاثة والمساعدات الانسانية لكل المناطق . ولكن الواقع الميداني على الأرض خارج سيطرة تك الشرعية الزائفة حيث تسيطر قوات عسكرية لمليشيات وتنظيمات إرهابية متصارعة على الواقع الميداني مما يعيق تطبيق ما يتم التوافق عليه من آليات لتطبيق بنود القرار الدولي .
سادسا : مكَّن القرار الدولي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش من التمدد والتوسع والسيطرة على كثير من المحافظات والمدن مستفيدا من الغطاء السياسي الذي وفره العدوان وكذلك استفادت تلك التنظيمات من الأسلحة والأموال التي زودت بها من قبل دول العدوان . لذلك يستوجب أي حل للأزمة اليمنية الاتفاق على نصوص ومقررات تضاف للقرار تتضمن رفض الإرهاب وتجرم دعمه لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية .
سابعا : يطالب القرار 2216 جميع الأطراف الاعتراف بالقرار والقبول به ، وبعد أن قبلت الأطراف الوطنية اليمنية بتطبيق القرار المفروض على مجلس الأمن إصدار قرار بإيقاف الحرب والعدوان ويهدد بفرض عقوبات عسكرية تحت الفصل السابع لمن يتجاوز القرار ، وبعد ذلك يسعى مبعوث الأمم المتحدة باستئناف الحوار والتفاوض للتوافق على آلية لتطبيق بنود القرار .