السلفيون في تونس.. والمتغيرات الجديدة
بدت الشبكات الاجتماعية والمنتديات على شبكة الإنترنت مهتمة كثيرا بمستقبل الإسلاميين في تونس? على خلفية المستجدات التي بات يشهدها البلد العربي بعد رحيل “الدكتاتور”? زين العابدين بن علي.
ويلحظ المتابع أن أكثر النقاشات أخذت تدور حول عودة القيادات الإسلامية التي كانت تعيش في المنافي? إذ يبدو أن قيادات حركة “النهضة” ليسوا وحدهم من يستعد إلى العودة لتونس? بل ربما يشاركهم إسلاميون عديدون من انتماءات شتى? كان قد ف?ْرض عليهم لسنين طويلة ألا تطأ أقدامها هذه البلاد.
وتوقع مراقبون ـ إزاء ذلك ـ أن تجد حركة النهضة? التي لم تعد بنفس قوتها كما كانت في الماضي? انتشارا سلفيا كبيرا على الأرض? وهو تيار متصاعد في المجالات الدعوية التي ي?ْغلبها دائما على العمل السياسي.
وفي حين يتحدث البعض عن منافسة وصراع بين الفصيلين الإسلاميين يذهب آخرون إلى مساحات عديدة للتواصل بينهما.
وتتحدث أوساط المتابعين للشأن التونسي عن “تيار سلفي جارف” استطاع أن ينمو في البلاد على الرغم من سياسة “تجفيف المنابع” التي اتبعها النظام السابق منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي. ظل هذا التيار يزحف في “صمت” كما يصور الباحث التونسي? صلاح الدين الجرشي? في ظل أجواء معادية لكل ما هو إسلامي.
وهو تيار لم يكن عابرا على المجتمع التونسي كما ردد البعض? بل إن? المعطيات تؤك?د أن?نا أمام “حالة ثقافي?ة ديني?ة سلوكي?ة يتبن?اها وينافح عنها بكل? وثوقي?ة فئات من المجتمع? وخاص?ة الش?باب”? على حد قول سامي إبراهيم? في دراسته “الس?لفي?ة في مناخ تونسي?”.
وقد ظلت السلفية ـ كحال باقي الإسلاميين ـ تمثل هاجسا كبيرا للنظام السابق? الذي اتبعت أجهزته طرقا عديدة في محاربتها? بعضها إعلامي وثقافي وبعضها أمني انتهى بمحاكمة وسجن عدة آلاف من الشباب? بحسب إحصائيات منظمة العفو الدولي?ة. وشهد كل من العام 2008 و 2009 تحركات ملحوظة لوزارة الشؤون الدينية (الأوقاف) بإصدار كتب ومطبوعات تدعو إلى التصدي للفكر السلفي الذي تصفه بـ “الدخيل”.
وعقب سقوط نظامه? نشرت وسائل الإعلام وثيقة لوزارة الداخلية في عهد بن علي? بتاريخ 2008م, تؤكد على تشديد الرقابة على السلفيين ومن يتواصل معهم, إلى جانب مراقبة مقاهي الإنترنت? وإحكام الرقابة على المترددين عليها? والنساء المحجبات والمترددين على المساجد. وفي فقرة منها يطلب التعميم “مواصلة الاهتمام بالعناصر النسائية المرتدية للزي الطائفي”? يقصد النقاب و”تعميق التحريات” عنهن.
وبالرغم من الحديث عن مد متصاعد للسلفية إلا أنه لا يبدو أن السلفيين في تونس منظمون في صفوف ضمن “تيار سلفي” معروف له زعاماته? وناطقون باسمه? وهيكله الحركي والتنظيمي? كما هو الشأن في عدد من البلدان? لكن الثابت أن? آليات التفكير والروافد العلمية والنقاشات تجم?عهم تحت مظلة منهجية واحدة تقريب?ٍا.
ويذكر مصدر إسلامي تونسي? تحدث إليه “أون إسلام” أن حركة سلفية كانت قد أنشئت في أواخر الثمانينات تحت اسم “الجبهة الإسلامية التونسية”? ولكنها وئدت بعد أسابيع فقط من تأسيسها? وجرى اعتقال جميع قيادتها والمنتمين إليها. ومن بين قادتها «محمد على حراث» المدير التنفيذي لقناة “إسلام تشانل” الإسلامية المعروفة في بريطانيا? وعبد الله الحاجي (51 عاما) المعتقل التونسي السابق في جوانتانامو? والذي حكمت عليه محكمة عسكرية تونسية
غيابيا عام 1995 حين كان موجودا في باكستان بالسجن عشر سنوات بسبب الانتماء إلى “الجبهة الإسلامية التونسية”? التي قال الادعاء إنها على علاقة بحركة “النهضة”.
ومن ثم فلا يوجد حتى الآن هيكل منظم للسلفيين? لكن هناك أفراد وشخصيات سلفية معروفة وإن لم تنتظم في هيكل يجمعها.
ويتزعم الحركة السلفية في تونس? الخطيب الإدريسي (56 عاما) الذي سجنته السلطات التونسية لمدة عامين? وأطلقت سراحه أوائل يناير 2009 بعد إنهائه عقوبة بتهمة «الإفتاء بقيام عمليات جهادية وعدم الإرشاد عن وقوع جريمة»? بالرغم من أن المحامين قالوا أنه «لم يرتكب من الجريمة سوى إبداء رأيه في بعض المسائل العقائدية والفقهية».
اشتهر الإدريسي بعد عودته من المملكة السعودية عام 1994? ولمع اسمه خاصة في أوساط الشباب الإسلامي? وصار يقبل عليه التونسيون للإفتاء في الأمور الدينية? وأصدر عددا من الكتب منها: «صفة الصلاة»? و«كتاب الأذكار»? و«ترتيل القرآن».
لكن يقول المتابعون لتطورات الحركة السلفية في تونس? إن الجيل الجديد من الشباب السلفي هناك لم يسمع من الشيخ الإدريسي? بل تعل?ق بمشايخ ودعاة من مصر والخليج بعضهم توفي? منذ سنوات وبعضهم لازال حيا? على عادت أصحاب الدعوة التي تستند أساسا إلى المنهج المأخوذ عن سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب.
فقد كشف تقرير أصدرته “الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين” تضم?ِ?ن تحليلا?ٍ لملفات (1208) من المعتقلين السلفيين تحت طائلة قانون الإرهاب لعام 2003. أن الشريحة العمرية الرئيسة لهؤلاء تتراوح بين 25 و30 عام?ٍا. وهي قد تنخفض أحيان?ٍا لتصل حد