أسرى العراق .. هل نسيناهم .. أم لا بواكي لهم ??
منذ أن وطئت أقدام الاحتلال الأمريكي أرض الرافدين.. سعى حثيثا?ٍ لتحويلها إلى يباب.. وتحويل العراق إلى أكبر سجن في التاريخ .. يمارس فيه وعلى أهله واحدة من أبشع جرائم العصر وربما التاريخ .. جرائم يندى لها جبين الانسانية (إذا ما بقي للإنسانية جبين يندى)..
لقد تم توثيق هذه الجرائم عبر المئات من الدراسات والتقارير والشهادات وعبر ملايين الوثائق كشف عن بعضها عبر تسريبات “ويكيليكس” .. في حين ما زال الكثير منها مقيد ضد مجهول!! دراسات وتقارير منها ما صدر عن منظمات حقوقية دولية ومنها ما صدر عن منظمات أهلية ومراكز دراسات عراقية..!!
وفي سياق هذا الجهد البحثي أعدت “المنظمات غير الحكومية العراقية” تقريرا?ٍ مهما?ٍ استعرضت فيه “ملف الولايات المتحد?ة الأمريكية في مجال حقوق الإنسان في العراق” .. ووثقت فيه آلاف الانتهاكات التي ارتكبت في مختلف مناطق العراق.. كما أدانت تسليم “أسرى الحرب والمعتقلين” العراقيين الى جهات حكومية باعتباره مخالفة خطيرة لإلتزامات الولايات المتحدة? الجهة المحتلة للعراق? بموجب إتفاقيات جنيف.. في حين وثقت الدراسة التي أعدها مركز بغداد للدراسات والاستشارات ( المنشورة بتاريخ 24 تشرين الثاني 2009 ) لأساليب التعذيب المتبعة ضد المعتقلين في سجون الاحتلال الأمريكي .. !!
إلا أنه رغم هذا الكم الهائل من التقارير والوثائق والشهادات .. فإن حقائق المشهد العراقي ما زالت مشوبة بالعديد من الإشكاليات والمفارقات لعل منها :
1. أن السجان الأمريكي هو فوق القانون.. و فوق ذلك فهو يمارس سياسة حجب المعلومة مما تسبب في التباين الكبير في إحصائيات وأرقام وأشكال المعاناة العراقية ومنها معرفة الأعداد الفعلية للمعتقلين والأسرى .. إذ أن هذه الأعداد تتراوح ما بين “5800” معتقل في تقرير” قيادة المعتقلات الأمريكية”.. إلى نحو ثلاثين ألفا?ٍ في تقرير “منظمة العفو الدولية”… لتصل إلى أكثر من ( 320 ألفا?ٍ ) في الدراسة التحليلية لـ”رابطة ضباط ومنتسبي الأجهزة الامنية الوطنية العراقية” ( المنشورة بتاريخ 21/9/2010)
2. رغم هذا الكم الكبير من الوثائق والدراسات الدولية التي تؤكد الجرائم والانتهاكات والفظائع التي تمارسها حكومة الاحتلال في العراق إلا أن “نوري المالكي” ما زال يصر على نفي كل شيء حتى أنه ينفي وجود سجون سرية بما فيها سجن مطار المثنى في بغداد الذي يقع تحت هيمنته وسلطته المباشرة والذي كشفت عنه وثائق ويكيليكس بالصوت والصورة..
3. أما أكثر الإشكاليات مرارة فيتجلى في ما أكدته الدراسات بأن اكثر من 90% من السجناء العراقيين سواء عند قوات الاحتلال أو في سجون “الحكومة ” هم أبرياء (اللهم إلا من تهمة رفض الاحتلال ) تم اعتقالهم لأغراض انتقامية .. حتى أنهم صاروا بضاعة وجوائز ترضية تتفاوض عليها قوات الاحتلال مع من يعنيهم الأمر من العملاء!!
هذا المشهد الاحتلالي الفظيع تم تأسيسه على استقدام الاحتلال لمئات الآلاف من الحاقدين والقتلة والموتورين .. سواء منهم من تم استقدامه من وراء البحار من خبراء القتل وصناع الجريمة .. .. أو من تم استقدامه باعتباره نبتا?ٍ خبيثا?ٍ من نباتات المنطقة .. نصبتهم سلطة الاحتلال حكومات على رقاب العراقيين فمارسوا تنمية مستدامة وشاملة لكافة لعراقيين كان من أهم منجزاتها :
· تدمير الدولة العراقية بمؤسساتها المختلفة? وتبديد أموال العراق.. ونهب آثاره وتهريبها ..
· وديمقراطية زائفة تنتهك فيها حقوق الإنسان بشكل سافر ومخالف لكل الأعراف والقيم الدينية والحضارية فضلا?ٍ عن المواثيق الدولية..
· وفوضى عارمة طالت حتى البنيان الاخلاقي للمجتمع.
إنها التنمية التي بدأ العراقيون ينعمون ببواكير مخرجاتها حين نجحت بإعادة “خمسة ملايين” عراقي إلى وهدة الأمية في أقل من خمس سنوات ..
حكومات أقامت حاكميتها على أنقاض مجتمع مزقته قبائل وعشائر .. وبطونا?ٍ وأفخاذا .. وطوائف وإثنيات وقوميات.. وأحزاب وميليشيات سرطانية اخترقت جسد الوطن العراقي بأورامها الخبيثة .. تأمر وتنهي .. تعتقل وتقتحم .. تقتل وتعذب ..تدفن المئات في مقابر جماعية وتلقي بمئات الجثث الآدمية في حاويات النفايات على قارعات الطرق .. وتتلذذ في مشاهد وآلام التعذيب ..
ديمقراطية متفردة بتعذيب جميع المواطنين وقتل شامل للعراقيين من مختلف الأصول والمنابت.. واعتقال شامل للنساء والرجال من جميع الفئات العمرية من أطفال وشيوخ وشباب..
ديمقراطية أقامت مئات السجون والأقفاص والزرائب بأشكالها السرية والعلنية .. الانفرادية والجماعية .. السوداء والملونة .. الطائرة منها والأرضية وتحت الأرضية.. وبملحقاتها في داخل العراق وخارجه..
سجون تطبق فيها ديمقراطية التعذيب بأشكالها الغرائبية التي لم يسمع بها بنو البشر من قبل.. سجون استبيحت فيها آدمية الناس .. وانتهكت فيها كل القيم الأخلاقية والإنسانية .. واعتمد فيها نهج الترهيب والتخويف .. والاعتداء الجنسي والاغتصاب .. وانتزاع الأعضاء .. والقتل والذبح و