إنه يوم عيد .. فلنعلن الفرح
تتوالى المناسبات الدينية والوطنية .. وتتوالى معها صنوف البلاء .. وأشكال المعاناة على أمتنا .. حتى باتت أمتنا تنفر من قدر إلى آخر .. ومن بلاء – يراوح بين زلزال وفيضان وإعصار ووباء – إلى ابتلاء – يرواح بين احتلال وقمع واستبداد.. ومن فساد وتزوير .. إلى ظلم وبغي .. ومن احتراب .. إلى فتن وحروب داخلية لا تبقي ولا تذر.. – .
يحل علينا العيد .. وأمتنا بين تسلط خارجي وآخر داخلي وكلاهما متماهيان معا?ٍ .. في تشريعات وسياسات وإجراءات .. إذ تتسلط على أمتنا أنظمة مسخرة لحروب الآخرين .. يسوقها إعلام فاسد .. ومنابر مدجنة استمرأت النفاق.. وتعليم مفصل لصياغة أجيال منزوعة الأسنان والأظافر..
أنظمة تسابق الزمن في تجفيف منابع التدين .. بل كل منابع الخير فينا.. وتحاصر إيماننا وقناعاتنا .. وتستمتع بإثخاننا في الجراح ..
هم عابثون مسخرون لقهرنا وإضعافنا ..فمزقونا كل ممزق .. وجعلونا حارات ودكاكين.. وعشائر وبطونا وأفخاذا.. وطوائف ومذاهب .. وأصول ومنابت . . وأقاليم ومناطق .. ودوائر وهمية !!
استباحوا كل قيمنا واعتدوا عليها .. وتركونا نهبا?ٍ للفقر والجوع .. والتسكع في أزقة البطالة .. بانتظار فتات الموائد وتوافهها .. رهائن في محراب رواياتهم ومصطلحاتهم .. متسابقين في خدمة مشروعاتهم … فهم سادرون في ضلالاتهم .. يسوموننا الذل ألوانا.. حتى قتلوا الفرح وغابت البسمة حتى عن وجوه الأطفال ..
• فمالنا نمتلئ بؤسا?ٍ? ..
• ولماذا نستهلك أعمارنا تحت وطأة ليت ولعل ومتى وإلى أين ?..
• وكيف تآكلت ذواتنا حتى صرنا إلى كل هذا الخواء النفسي والإنساني ??
• وما لنا وقد استسلمنا لمقولات الشعب المقهور والمأزوم ??
• ومالنا نرتع في كبواتنا وكأنها انتصارات ?
• وكيف امتد بنا زمن الغياب ..حتى نسينا زمن الحضور??
فهل نستسلم ?? .. أم نستلهم ??
إن اخترنا الاستسلام والانزواء في الظلام.. عندها لن يبقى أمامنا إلا أن نتفيأ كل ظلمات الاستسلام من عسف وقهر وبلاء .. ونتبوأ مقعدنا الدائم في ذيل القائمة .!!
وأما إن اخترنا الاستلهام .. عندها لا بد من استلهام التاريخ والجغرافيا والدين والثقافة .. وحركات الشعوب والأمم .. ولا بد من مراجعة النفس ومحاكمتها محاكمة إيمانية .. لنتعرف على أي طريق نحن سائرون .. أو في أي متاهة نحن واقعون ? .. كما لا بد من أن نستلهم كل معارك الشعوب من أجل الحرية والعدالة والاحترام ..!!
أما طريقنا المستقيم الذي ينبغي أن نسلكه .. فلا بد من أن يبدأ من استلهام معاني وأسرار النداء الخالد .. نداء ( الله أكبر … لا إله إلا الله) !!
بهذا النداء تستحضر الكرامة وتتجدد الروح الوثابة .. !!
وبهذا النداء دافعية قوية للانتفاض على كل ما ران على قلوبنا من وهن وعلى نفوسنا من هوان .. ولا بد منه في مواجهة الخواء الروحي والفقر الإنساني ..!!
بهذا النداء نؤوب إلى الخالق أوبة خالصة لوجهه الكريم !!
إنه النداء المحفز لتجاوز الجبن والعجز والاستخذاء .. نداء يشحذ الهمم .. ويقوى العزائم .. وينأى بنا عن كل أسباب الضعف والهوان .. ويفتح الآفاق .. !!
فبه وعليه نتسابق في الخيرات واجتراح المكرمات.. !!
وبه تتعملق الكرامة وتتصلب الإرادة .. وعنده يتواضع الجبابرة.. وينهزم غلاظ القلوب !!
الله أكبر .. نداء لازم لتدبر أمورنا وشؤوننا .. !!
فحين يتفاعل فينا هذا النداء الخالد .. لا بد من أن نستحضر ونحن نأوي لبيوت آمنة .. وبطون عامرة.. وملابس دافئة ساترة .. أخوة لنا يفترشون الغبراء? ويلتحفون الخضراء? ويتضورون في العراء…!!
وأن نستحضر.. كل من درج على النفاق والجبن .. وكل من أفسد الأخلاق .. وزرع الخوف .. وكل من أوهن العزائم وفرق الناس .. وكل من جزأ المجزأ.. وكل من شوه الذاكرة والوجدان .. وكل من عبث باأخلاق وروج للانحلال .. وزين لنا سوء الأعمال..
الله أكبر .. نحدد بها عدونا ونعرف كل من عاجلنا بالدسائس والفتن .. وكل من تلاعب في مقدرات أمتنا وكل من حاصر شعوبنا وقهرنا وحولنا إلى شعوب مهيضة الجناج كسيرة القلب ..
نعم إنه العيد… إنه يوم النداء “الله أكبر” .. يخرج من القلوب قبل الحناجر .. فنتسامى بخيريتنا !!
فلنخرج على رذيلة الصمت وأقانيم القعود.. ولنجدد العزم والعزيمة .. ولنستعيد زمام المبادرة .. لقد حان وقت الانتفاض على واقعنا .. والنهوض من كبوتنا .. كما حان وقت العودة إلى مضمار السباق في ميدان الحضارة الفسيح .. فالعيد مناسبة لاستشعارالانتماء الفعلي لخير أمة أخرجت للناس.. !!
إن الشعوب الحية .. تثق بنصر الله .. وتصنع الحياة كما تصنع الشهادة وتصنع الفرح كما تصنع الحزن .. !!
إنه يوم عيد فلنعلن الفرح .. فإن لم نستطع فلننأى بأحزاننا عن كل من قرر ممارسة حقه المشروع في الفرح !!!
إنه عيد .. وهو مبارك إن أردناه مباركا?ٍ.. وسعيد إن أعددنا العدة ليكون كذلك !!
eidehqanah@yahoo.com