الموقف البرازيلي اتجاه القضية الفلسطينية
ليس بالضرورة ان تتحكم بنا العاطفة عندما نقيم سياسة حزب يساري او موقف حكومي لحزب محسوب على اليسار بدولة ما بالعالم اذا كان يرأس هذه الحكومة مناضل يساري عرف بفترة زمنية ما مناصرته ووقوفه الى جانب القضايا العادلة وعلى راسها القضية الفلسطينية? فحكومة لولا العمالية اليسارية التي تحكم البرازيل منذ 8 سنوات? اتخذت العديد من الخطوات والمواقف اتجاه الصراع بالشرق الاوسط? هي بحاجة الى وقفة وتقييم من قبل اصحاب القرار? ومن هذه الخطوات هي مبادرتها بالدعوة الى عقد قمة على مستوى الرؤساء لدول امريكا اللاتينية والدول العربية? والتي عقدت بالبرازيل وقطر خلال السنوات الخمسة الماضية? وكانت تهدف من هذه المبادرة الى تعزيز العلاقات بين المنطقتين على كافة الاصعدة?? وقد تمكنت الحكومة البرازيلية من رفع حجم الصادرات البرازيلية الى 15 مليار دولارا للمنطقة العربية.
منذ وصول حزب العمال الى سدة الحكم بالبرازيل? نشطت الحركة الصهيونية من خلال الكونفدرالية “الاسرائيلية” باتجاه القصر الجمهوري والمؤسسات التشريعية البرازيلية كالبرلمان ومجلس الشيوخ? واجرت العديد من اللقاءت مع مسؤولين بالحكومة البرازيلية وعلى راسهم الرئيس البرازيلي لولا? اضافة الى الزيارات واللقاءت التي تجريها مع حكام الولايات ورؤساء البلديات الكبرى بالبرازيل? وارتكزت حركتهم ونشاطهم باتجاه تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البرازيل والكيان الصهيوني? وقام العديد من حكام الولايات والمقاطعات البرازيلية بزيارات الى الكيان الصهيوني وتوقيع اتفاقيات بالعديد من المجالات اضافة الى شراء طيارات بدون طيار? اضافة الى الاستثمارات لكبار رجال الاعمال اليهود بالبرازيل التي اتوها من العديد من دول العالم ومن داخل الكيان الصهيوني.
الاستثمار الصهيوني ورجال الاعمال اليهود تكرس لخدمة الاهداف الصهيونية? حيث لا تخرج هذه الاهداف عن المفهوم الراسمالي في الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب كمنظومة راسمالية استعمارية? وتسخر هذه القدرات لابتزاز حكومات العالم من اجل ارغام العديد منها لاتخاذ مواقف تكون منحازة لصالح الكيان الصهيوني بالصراع الدائر? فالكيان الصهيوني ليس كيانا استهلاكيا? فهو كيان يعتمد على قدراته الانتاجية والصناعية والتكنولوجية والعسكرية? والتي يصدرها الى دول العالم? فالصناعات العسكرية والتكنولوجيا لها دورا اساسيا مساهما بفتح اسواق عالمية لها? فالبرازيل التي وقعت العديد من الاتفاقيات التجارية مع العديد من الدول العربية لفتح اسواق هذه الدول امام المنتجات البرازيلية كسوق استهلاكي? ايضا اقدمت الحكومة البرازيلية على توقيع العديد من الاتفاقيات مع هذا الكيان وفتحت اسواقها وسمحت للمستثمرين من كبار رجال الاعمال ورؤوس الاموال من الاستثمار بالبلد.
طبيعة الاستثمار لكبار رجال الاعمال الصهاينة تاتي للسيطرة على المراكز الاساسية لاقتصاد البلد والاستفادة من القوانين المعمول بها بالبرازيل? ومن خلال حاجة السوق البرازيلي للمنتجات والخبرات التي يتمتع بها الكيان الصهيوني? ويستفيد الكيان من العلاقات القوية التي يقيمها مع العديد من الشخصيات السياسية ورجال الاعمال البرازيليين الكبار? وتنشط الكونفدرالية “الاسرائيلية” بهذا الاتجاه من خلال مؤسساتها المنتشرة وصاحبة النفوذ بالبلد.
من زاوية اخرى? ان العلاقة الاقتصادية البرازيلية مع الدول العربية? هي علاقة تصدير منتجات برازيلية اليها? وتفتقد الى سياسة استثمار عربية والى قدرات وخبرات تكون مؤثرة بمراكز القرار بالبرازيل? اضافة الى غياب المؤسسة التنظيمية التي تكون قادرة على مواجهة المؤسسة الصهيونية بالبلد وما اعني به وجود لوبي عربي يكون بمواجهة اللوبي الصهيونية الذي ترسم بدايات خيوطه ليلعب دورا مؤثرا ومقررا بالسياسة الخارجية البرازيلية? مع الاخذ بعين الاعتبار ان الحكومة البرازيلية الحالية رغم مواقفها اليسارية المعروفة الا انها تنظر الى المصلحة البرازيلية قبل ان تعطي اولوية لقضايا اخرى? وهنا لا بد من الوقوف امام تصريح وزير الخارجية البرازيلي اثناء زيارته للكونغو برفقة الرئيس لولا عندما اجاب على سؤالا لاحد الصحفين باعتبار رئيس الكونغو ديكتاتورا? فاجاب “ان ما يهمنا من زيارتنا للكونغو هو الاستثمار بهذا البلد وخاصة بمجال البناء” وهنا يطرح السؤال التالي ما الذي يهم الرئيس لولا بزياراته للمنطقة العربية? الموقف السياسي المؤيد للحقوق العربية ام الاستثمار وبيح اللحوم والدجاج والقهوة والخشب?
فالبرازيل تنظر لمصلحتها اولا? وهي دولة تفتح ابوابها للاستثمارات الاجنبية بكل المجالات? فالعديد من رجال الاعمال واصحاب رؤوس الاموال والشركات الكبيرة تستثمر بالبرازيل? وهذه الاستثمارات تصب بخدمة اهداف المستثمرين وانتماءاتهم? فهي تنهب خيرات البرازيل وتؤثر على العديد من القرارات السياسية الخارجية والداخلية البرازيلية? فدولنا العربية ورجال الاعمال العرب واصحاب رؤوس الاموال اذا ارادت موقفا برازيليا مناصرا للقضايا الع