سيناريو «الاخوان» في اليمن
تتزايد المخاوف على اليمن بعد سقوط نظام المرشد في مصر بانتصار ثورة 30 يونيو.. فانعكاسات الهزيمة خطيرة جدا?ٍ خصوصا?ٍ وأنها أصابت حركة الاخوان في العالم بمقتل ولابد لهم من البحث عن انتصار يعيد المعنويات الى أعضائهم ومليشياتهم المنهارة.. ويمكنهم من انقاذ التنظيم من السقوط والتمزق.
إذا?ٍ ليس أمامهم من ضحية إلا? اليمن التي تعد الحلقة الأضعف لتنفيذ مؤامرة تنظيم الاخوان المسلمين وتخفيف آلام الهزيمة النفسية والسياسية والعقدية -كما يصورون ذلك- التي جعلت أعضاءهم يصابون بحالة من الهستيريا بعد ثورة الشعب المصري على نظام الاخوان واسقاط مرسي.
اجزم أنه لا جديد فيما نقوله عن توجه الإخوان الى اليمن اليوم بعد هزيمتهم في مصر فقد »هاجروا« مرات عدة الى اليمن بعد كل نكبة كانوا يتعرضون لها في مصر طوال عقود من الزمن.. لاعتقادهم منذ بداية تأسيس الحركة أن اليمن أكثر تهيئة لإقامة إمارتهم الاسلامية دون سواها من دول العالم العربي والاسلامي.. وما تزال ذكريات مرشدهم العام محمد بديع عالقة في حي الحصبة التي ظل يؤدي فيها دورا?ٍ تنظيميا?ٍ تحت ستار طبيب بيطري كما يقال..
إذا?ٍ اليمن لن تكون مقلدة لما حدث في مصر كما يتصور البعض? لقيادة ثورة ضد الاخوان في اليمن? بل إنها تعد الفريسة الأضعف أمام حركة الاخوان المسلمين التي تسعى للانقضاض على السلطة فيها? بأية طريقة كانت خصوصا?ٍ وأنها تمتلك فرصا?ٍ لنجاح مشروعها التآمري لا تتوافر في غيرها من الدول الأخرى.
إن الأوضاع في اليمن أضعف ألف مر ة أمام الاخوان مقارنة بالصعوبات التي واجهوها في مصر أو تونس.. حيث اصطدموا باصطفاف غير مسبوق ضم جميع الاحزاب والقوى السياسية بما في ذلك الاحزاب التي كانت مشاركة لهم في الحكومة? خلافا?ٍ على أن مؤسستي الجيش والأمن ظلتا خارج سيطرتهم وكذلك السلطة القضائية والمؤسسة الدينية وغيرها? وعلى العكس من ذلك نجد أن الاحزاب اليمنية المتحالفة مع الاصلاح لاتزال رغم الإقصاء والإبعاد والتكفير أسيرة أهواء هذا الحزب.. كما أن الجيش والأمن قد تعرضا للأخونة بطريقة مرعبة اضافة الى تسريح أكثر من لواء في الحرس الجمهوري السابق بطريقة انتقامية متوحشة.. زد على ذلك أنه تم تجنيد أكثر من 200 ألف من المليشيات المتطرفة في الجيش والامن وتم توزيعهم على أهم المراكز في محافظات الجمهورية.
والأسوأ من كل ذلك ان الجنرال المنتمي للاخوان والذي تسبب في ضرب وحدة الجيش اليمني وتمرد على الشرعية الدستورية أصبح مستشارا?ٍ لرئيس الجمهورية بصلاحيات تفوق الحكومة وتتجاوز حدود صلاحيات كل المستشارين.
وهكذا نجد أن للـ«الاخوان» في اليمن مؤسسة دينية وتعليمية ومالية لإعداد الشباب حيث يسيطرون على حوالي سبعين ألف مسجد في الجمهورية وآلاف المدارس الخاصة والجامعات والجمعيات الخيرية التي تم رفدها بالملايين من خزينة الدولة بعد أن أصبحت وزارتا المالية والكهرباء وغيرهما في قبضتهم.. كما يمتلكون العديد من المقومات الأخرى الكفيلة بنجاح مخطط أخونة اليمن للتعويض عن هزيمتهم في مصر.
حقيقة تقف اليمن أمام سيناريو تراجيدي جديد بدأ يطفو على السطح بقوة وتعبر عنه ردود الأفعال المتطرفة التي نلاحظها بعد انتصار ثورة مصر على نظام الطغيان والاستبداد الاخواني? ومن ذلك تجييش عناصر متطرفة والسفر لدعم الاخوان عسكريا?ٍ في مصر وبينهم قيادات في حزب الاصلاح.
ولعل ما يؤكد حقيقة خطر هذا السيناريو هو أن الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أصبح يؤدي مهامه وسط حصار?ُ حقيقي يفرضه الاخوان عليه عبر قياداتهم العسكرية والمدنية والقبلية التي تتدخل في مؤسسة الرئاسة.. بسبب أخطاء استراتيجية تم ارتكابها.
ولا يغيب عن بالنا التذكير هنا أن »الاخوان« يستشعرون خطر الموقف الخليجي منهم? ولذا فهم يرون أن مصر لا يمكن أن تكون أرض مواجهة مسلحة مع النظام هناك? لأن الاوضاع مختلفة جدا?ٍ وغير مهيأة لهم.. على عكس الاوضاع في اليمن التي تعد الخط الاول للمواجهة مع دول الخليج التي يتهمونها بدعم وتأييد وتمويل ثورة شعب مصر ضدهم.. وخصوصا?ٍ السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ولعل برقية التهنئة والمباركة التي بعث بها الرئيس هادي الى الرئيس المصري المؤقت وما أثارته من سخط داخل الاصلاح تعد واحدة من الصور التي تؤكد مخاوفنا..
إذا?ٍ يبدو أن التغييرات في مصر سيدفع ثمنها اليمنيون غاليا?ٍ.. وإذا لم تستشعر كل القوى السياسية مسؤولياتها الوطنية وتقف بشجاعة وتوحد الصفوف فإن الخطر لن يجتث المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه فقط بل سيقضي على الجميع وستتحول اليمن الى سجن أبو زعبل أو مقبرة لمن سيطلق عليهم »الاخوان« العلمانيين والملاحدة..