مرحلة ثورية جديدة في تاريخ مصر والأمة
الآن بدأت في مصر مرحلة انتقالية صحيحة وسليمة يشارك فيها الجميع ولايتم فيها إقصاء احد من خلال صياغة دستور توافقي ? تدار فيها المرحلة الانتقالية ? بهئيات توافقية تصيغ أسس الدولة الديمقراطية المدنية ? الحديثة .
اليوم انتصرت ثورة ? 25 ينائر بعد سنتين ونصف عجاف ? ساهم الاخوان والمجلس العسكري السابق والتدخل الخارجي في ان تكون مرحلة مغالبة بدلا من مرحلة توافق كما كان يجب منذ البداية وكما هي طبيعة المراحل الانتقالية في التحول نحو الديمقراطية ? من خلال جعل الانتخابات تسبق الدستور وجعل فئة واحدة تهيمن على الحياة السياسية وتمارس الإقصاء وتنفرد بوضع أسس الدولة والدستور وتصيغ الدولة على هواها وبشكل انفرادي بعيدا عن الجماعة الوطنية .
اليوم صحح الشعب ثورتة وصحح الجيش الذي انحاز الى الشعب في 25 ينائر 2011 خطاءه في التعاون مع طرف واحد وتسليم البلاد والسلطة له .
واهم الدروس التي يمكن استخلاصها انه لم يعد بإمكان طرف ان يستغل بغفلة من التاريخ والزمن الفرصة. ليقفز الى السلطة للانفراد بها وبناء نظام أحادي اقصائي ? لم يعد ذلك ممكنا بأي صورة من الصور بما فيها صورة الانتخاب ? كما حدث في المانيا التي وصل فيها هتلر الى السلطة بالانتخاب وانفرد وحزبه النازي بالسلطة وكانت المحصلة تدمير المانيا والبشرية .
كل تجارب وأصناف الانفراد بالسلطة سقطت ? وترسخت أسس وقواعد جديدة صحيحة للديمقراطية تبداء بمرحلة انتقالية توافقية تضع كل قواعد الديمقراطية والياتها والانتخابات هى احد هذه الآليات وتنتهي بانتخابات توصل الى السلطة من يعمل وفقا لدستور شارك فيها الجميع ? وليس دستور يصيغه الحاكم على مقاسه ومقاس جماعته ? يحول السلطة من أداة خدمة عامة يجري تداولها الى أداة لتغليب مشروع أحادي يستغل السلطة لاقصاء الآخرين وجعل الانتخابات أداة لطريق واحد ذات اتجاه واحد لايسير بها الاطرف واحد من الجماعة الوطنية ? بينما الديمقراطية الحقيقية طريق ذات اتجاهين صعودا ونزول .
العصر لم يعد عصر انظمة شمولية وفاشية واحادية واقصائية ومصر الدولة العريقة والراسخة لاتقبل انظمة أحادية واقصائية وفاشية لاتقبل دولة دينية أوغير مدنية ? فبالإضافة الى انه لاوجود للدولة الدينية في جوهر الإسلام فأن الدولة الدينية هي انقسامية وطائفية وتمزق الوحدة الوطنية ?
وقد أحسن الجيل الجديد من قادة الجيش الوطني في مصر بقيادة الفريق عبدالفتاح السيسي انحيازه الى الشعب الذي خرج بالملايين في الموجة الثالثة من الثورة بالتزام واضح ان لايعطي لنفسه دورا سياسيا أو مكانا في الحكم في المرحلة الانتقالية الجديدة بعد ثورة 30 يونيو وهو ما تأكد فعلا من خلال خارطة الطريق الجديدة للمستقبل .
وعلى الاخوان المسلمين تعلم الدرس وإدراك أخطائهم وانهم فشلوا رغم كل الفرص التي أعطاها لهم الشعب ولم يحسنوا الاستفادة منها حتى اخر لحظه التي اضاعوها بخطاب مرسي الكارثي امس و وان يعملوا على عدم تكرار الأخطاء من جديد من خلال عدم الوقوف في مواجهة الفترة الانتقالية الجديدة ? التي توافقت عليها الجماعة الوطنية المصرية بكل تنوعاتها الدينية والطائفية والسياسية والمهنية والفكرية والمشاركة في كل مراحل المرحلة الانتقالية او خارطة الطريق للمستقبل التي أعلنها الجيش وممثلي الجماعة الوطنية المصرية ومؤسسات الدولة وهئيات الأزهر والكنيسة والشباب والثوار ممثلين بحركة تمرد وجبهة الإنقاذ والأحزاب الأخرى بتنوعها بما فيها احزاب إسلامية وفي مقدمتها حزب النور السلفي .
الفرصة الآن متاحة لمصالحة وطنية حقيقية ? وتجاوز الماضي وبدون إقصاء احد ? لا احد يريد إقصاء الاخوان المسلمين ولا أظن ان من وقف ضد اقصائهم للآخرين سيسعى الى اقصائهم ? وحسنا اذ اكد الجيش في كل بياناته منذ البداية وفعل ذلك اليوم ان خارطة طريق المستقبل ستكون بدون إقصاء احد .
وإذا كان الاخوان وفي مقدمتهم مرسي رفضوا حتى اللحظة الأخيرة الفرص لان يكونوا جزاء من عملية الانتقال للمستقبل التوافقي من خلال التمسك بمشروعهم الانفرادي حتى اللحظة الأخيرة وعدم إدارتك الواقع الذي تبداء في خطاب مرسي وفي رفض المشاركة في المفاوضات لوضع خارطة المستقبل مع مكونات الجماعة الوطنية الأخرى ? فان عليهم ان لا يستمروا في إقصاء انفسهم ويرفضون الأبواب المفتوحة لهم .
وبالتأكيد فان عليهم إدراك ان العنف طريق خطر عليهم أولا وعلى مصر ثانيا وعليهم مراجعة مواقفهم والتعلم من أخطائهم والتخلي عن دعوات العنف التي أطلقها عدد من قياداتهم وفي مقدمتهم الرئيس مرسي في خطابه الكارثي ?
فرصة جديدة تاريخية أتيحت لمصر لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة وفرصة اخرى وربما أخيرة أتيحت للإخوان المسلمين لان يبقوا ضمن الجماعة الوطنية والمشهد السياسي ? وطالما هم واثقون من شعبيتهم فلا يجب ان يضيعوا هذه الفرصة وعدم إدراك حقائق الواقع .
ماحدث في مصر يبشر بأن مرحلة جديدة بدأت في مصر مترافقة مع تغيرات عميقة في النظام العالمي الجديد ? مرحلة تبني مصر نموذج لدولة مدنية دي