أول الطريق
كثيرة هي المحطات التي توقفنا عندها طويلا?ٍ وقلنا: هذا أول الطريق. ثم اكتشفنا بعد وقت قصير أنها لم تكن سوى آخر الطريق الذي رافقتنا معه الحيرة والخيبة? وأدركنا أن أقدامنا لم تتحرك خطوة واحدة نحو ما نريده ويريده لنا المستقبل. وها نحن الآن? وفي هذه الظروف الصعبة على موعد مع أول طريق جديد قد يقودنا إذا ما أحسن العقلاء التصرف إلى حيث كنا نحلم ونشتهي ليس لأشخاصنا وإنما لوطننا ولشعبنا وللأجيال الجديدة التي تأمل أن تتسلم وطنا?ٍ نظيفا?ٍ من المماحكات السياسية ومن الفساد والإفساد. وفي التجارب السابقة ما يكفي لتفادي الوقوع في مصيدة الأخطاء التي أضاعت عقودا?ٍ من الزمن في طحن الهواء والحراثة في البحر.
وإذا كان الحديث عن أول الطريق موجه إلى كل مواطن في هذه البلاد يشعر بأهمية العبور من المنطقة الجامدة التي توقفت فيها الأقدام والأفكار فهو موجه أيضا?ٍ إلى أعضاء المؤتمر الوطني للحوار الذي يمثل بهيئته الراهنة كل الشرائح التي يهمها الخروج بالبلاد من حالة الركود والصراع السياسي. ومن حق الوطن على هؤلاء الأخوة? وفيهم خلاصة حقيقية للنخبة المسئولة عن تصحيح المسارات السياسية والاجتماعية? من حقه عليهم أن يطالبهم بأن يسألوا أنفسهم أولا?ٍ? وأن يسألوا الشعب ثانيا?ٍ عن الأسباب التي جعلتنا نطيل الوقوف على الأطلال وعلى قبور الأحلام? وهل آن لنا أن نغادر هذه المنطقة الجامدة والمزدحمة بالخلافات والاحباطات والشعور بالانكسار وعدم الجدوى من عمل أي شيء والتنكر للمبدأ الأزلي في التغيير.
لقد سبق لي أن أشرت في أحاديث سابقة إلى أن مؤتمر الحوار كان يجب أن تسبقه عملية تحضير واسعة وإجراءات تنفيذية عاجلة فمهمة المتحاورين واضحة ومحددة بالقضايا الرئيسية المتعلقة بالدستور ونظام الحكم بدلا?ٍ من الغرق في مناقشة القضايا الراهنة والمعلقة? وما تثيره من خلافات وردود أفعال متشنجة وعصبية تحول دون النظر الهادئ والعميق إلى مسألة تكوين اليمن الحديث في ضوء القيم الجديدة والمتغيرات المتسارعة. وبما أن المؤتمر قد خرج إلى حيز الوجود وصار من مهمته أن يقرأ الواقع من جوانبه المختلفة فأتمنى أن لا ينسى في زحام النظر في هذا الكم الهائل من المشكلات أن مهمته الأساسية هي في تحديد معالم أول الطريق? وإلى أن وجوده نفسه يشكل هذه الأولية في طريق طويل وشاق ينبغي أن يقطعه شعبنا إلى أن يصل بأمان وسلام إلى حيث يطمح ويتمنى.
لقد شبعنا خوفا?ٍ وقهرا?ٍ ومجاملة للحكام? وكان أقصى ما يستطيع إنسان هذا البلد أن يحلم به أن يعيش في منأى عن بطش المتنفذين وجبروتهم? وتلك هي السمة البارزة لحياة المواطن في المجتمعات المتخلفة والمحكومة بقانون الصدفة والتحايل والقهر. وسيكون من العبث? بل من العار استمرار هذا النوع من الحكم الجائر والمخزي للحاكم والمحكوم على السواء. وهو عار مشترك يتلبس الحاكم لأنه ارتضى بأن يكون جائرا?ٍ وقاهرا?ٍ? ويتلبس المحكوم لأنه قبل بهذا الجور وبهذا القهر. ولم يعد هناك أدنى شك في أن كل شعوب العالم المقهورة تحلم بواقع جديد لا غالب فيه ولا مغلوب? لا قاهر ولا مقهور? وفي إمكانات هذه الشعوب? لو أرادت- أن تصنع هذا الواقع بنفسها وبدون وصائط خارجية? أو نصائح من كهان العالم “المتحضر” الذي لا يملك منهجا?ٍ لحماية نفسه من الارتداد إلى ما قبل العصور الوسطى.
الشاعرة عائشة المحرابي في ديوانها الأول:
لا يسعدني شيء في هذه المرحلة كما يسعدني أن أقرأ ما يثبت وجود المرأة اليمنية على صعيد الحياة في مجالاتها المختلفة? وفي مجال الإبداع الأدبي خاصة. وفي ديوانها الأول (سيد المساء) تقدم الشاعرة عائشة المحرابي أوراق اعتمادها إلى عالم الشعر? ورغم أنه الديوان الأول إلا??ِ أنه يسجل مشاعرها الصادقة في قصائد صاعدة من القلب وضالعة من الوجدان وتبشر بشاعرة متمكنة.
تأملات شعرية:
—————-
أكذب?
لو قلت لكم أني أعرف بابا?ٍ
أو دربا?ٍ
يحملنا نحو نهار?ُ لا ليل?ِ به?
غائمة?َ في عيني كل الطرقات?.
وما يحضرني الآن:
أن?ا لو س?ر?ن?ِا صفا?ٍ لا يتشقق?
لكسرنا القيد?ِ
وقاومنا بالنور
وحوش?ِ الظلمات?.