في العقود الماضية عمل الإخوان والوهَّـابية على طمس ومنع أية مظاهر شعبيّة تربط وتذكر الناس بذكرى المولد النبوي الشريف والسخرية ممن يحتفل بهذه المناسبة، وفي أوقات كثيرة وصل الأمر إلى القمع والتشكيك بعقيدة كُـلّ من يحاول إحياء هذه المناسبة التي تشكل لنا كمسلمين ولكل البشر أعظم مناسبة وحدث في تاريخ البشرية بل للعالمين وكلمة عالين تعني كُـلّ ما خلق الله من بشرٍ وجن وحيوانات وطيور وزواحف وكلّ شيء من مبدأ قول الله سبحانه وتعالى: }وَمَا أرسلنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَٰلَمِينَ{.
ولا أعلم كيف يكون احتفال وفرح وسرور المسلمين بمولد شخص وصف الله قدومه ومجيئه إلى هذه الحياة بالرحمة المرسلة من الله للعالمين بالبدعة والخروج على منهج الله وكيف يمكن لشخص مؤمن برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يقتنع بأقوال وأفكار هذه الجماعات المشبوهة والمرتبطة بالفكر الصهيوني الهادف بمثل هذه الأفعال إلى فك ارتباط الناس برسول الله وإنهاء ذكره والقضاء على سيرتها -صلى الله وسلم عليه وعلى آله-.
لقد جند الإخوان والوهَّـابية أنفسهم وأوقاتهم لرصد كُـلّ مناسبة يقام فيها مولد والتصدي لها ومنع الناس من ذكر مولد رسول الله والصلاة عليه وتذكير الناس بالسيرة النبوية حتى أنهم استكثروا على رسول الله لقب سيدنا محمد وكانت هذه الكلمة تثير جنون البعض مع أنهم يوزعون هذا اللقب على سيدي صاحب الجلالة وسيدي الأمير وسيدي سمو الشيخ وسيدي الرئيس حتى أن نتنياهو حصل على هذا اللقب لكن عندما كنا نقول سيدي رسول الله يغضب هؤلاء ويقولون سيدك الله.
حتى كاد هؤلاء ينجحون في القضاء على هذه المناسبة والثقافة الشعبيّة والدينية التي حافظ عليها أبناء الشعب اليمني لأربعة عشر قرنا وكانت سببا في بقاء الارتباط والصلة بين رسول الله وأبناء الشعب اليمني وهي صلة وارتباط قوي وفريد لن تجد له مثيل إلا في اليمن وكان رسول الله يعلم ويشعر بها وقد أشار إليها وإلى أبناء اليمن في الكثير من المواقف والأحاديث وهو الذي لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وقد أدرك أعداء رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأعداء آل البيت عمق ذلك الارتباط وتلك المودة والمحبة بين أبناء اليمن ورسول الله وآل البيت ليتم تسخير كافة الجهود والإمْكَانيات لاستهداف ذلك الرابط الوثيق وقد نجحوا في بعض المناطق وفشلوا في كثيرٍ من المناطق بفضل الزوايا الصوفية التي كانت الحصن المنيع المدافع والمقاوم للفكر الإخواني والوهَّـابي وحافظت على تلك الثقافة وذاك الارتباط برسول الله، لكن الإخوان والوهَّـابية وبشكلٍ عام استطاعوا الحد من هذه الثقافة الأصيلة وكانت المسألة مسألة وقت فقط للقضاء على محبة رسول الله في قلوب الناس خُصُوصاً أنهم كانوا يحصلون على دعم ومباركة الدولة.
إلا أن ثورة 21 سبتمبر جاءت لإيقاف مشروع ومنهج أعداء رسول الله وحتى تعيد الاعتبار لذكرى المولد النبوي الشريف وتعزز ارتباط الناس بالحبيب المصطفى وتمسح الغبار عن عيون وعقول أُولئك الذين انخدعوا بتلك الشعارات والأقنعة الخادعة التي تخفي وراءها مشروعا صهيونيا وكراهية شديدة لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وآل البيت -عليهم السلام-.
ولم يكن الأمر يحتاج إلا إلى إزالة ذلك الغبار ليعود الارتباط برسول الله أكثر وأعمق مما كان في السابق ويكفي النظر إلى حجم تفاعل الناس مع ذكرى المولد النبوي في مناطق الجيش واللجان الشعبيّة.