سأشفعُ لقاتلي
بقلم/ د. فاطمة بخيت
لم تكن كلماتٍ عابرةً مرت على لسان قائلها في مناسبة أَو اجتماع ضم الكثيرَ من رجال الدولة، بل كلمات من امتلأ قلبه حباً لله، ويقيناً بعدالة القضية التي يدافعُ مِن أجلِها، ويواجه أعتى قوى الشر والاستكبار، عقيدةُ قلبٍ صادق دفعه أن يسلك ذلك الطريق منذ سنوات طوال، رغم التحديات والصعاب، عقيدةُ مَن تعلقت نفسه بحب الشهادة في سبيل الله فرآها أعلى منازل الكرامة، وأعظمَ وسامٍ قد يناله الإنسان من رب الأرض والسماوات، فأمضى الكثير من سنوات عمره متنقلاً من هذه الجبهة إلى تلك الجبهة حتى لقي الله شهيداً.
لقد أدرك الحاجُّ قاسمُ سليماني جيِّدًا أنّ مَن يسلُك الطريقَ الذي سلكه لن يكونَ في مأمن من قوى الشر وعملائها في المنطقة، الذين يسعَون لوأد كُـلّ مشروع مناوئ لهم، وعلم أنّ هناك مَن يترصَّدُه، لكنه لم يتراجع، بل أقسمَ في أحد المحافل بأنّه سيشفعُ لذلك العربي الذي يترصَّدُه إذَا نال الشهادة على يديه، الشرف العظيم الذي لا يمنحُه اللهُ إلا لخَاصَّةِ أوليائه.
فكان لجهاده أثرٌ فاعلٌ، فأصبح متنقلاً بين عدة بلدان وعلى رأسها دول محور المقاومة، لمكافحة النفوذ الغربي في المنطقة بقيادة أمريكا وإسرائيل، فكان أن تحقّقَ على يدَيه الكثير من الإنجازات في مواجهته لهم، وذلك بطبيعة الحال من الأمور التي تزعج الأعداء؛ كونه يعرقل تنفيذ مشروعهم الشيطاني؛ لذا صنّفته في قائمة الإرهاب على الطريقة الأمريكية التي تسعى من خلالها لإيجاد ذريعة في التصفيات ومصادَرة الحقوق والحريات، لكن ذلك لم يوقفْ سليماني عن مواصلة الطريق الذي بدأه، بل استمرَّ في جهاده ومقارعة الغرب وأذنابهم من القاعدة وداعش، وكان رفيقُه في ذلك الدرب في دولة العراق أبا مهدي المهندس قائد الحشد الشعبي ضد تنظيم داعش، الذي تميّز بمشاركاته الميدانية في المواجهات، وحقّق الانتصارات.
هدفٌ سامٍ جمعهما، وهو الوقوف ضد أعداء الأُمَّــة، ذلك الهدف الذي أَدَّى بهما إلى أن يصلا إلى الارتقاء في معراج الشهادة، بعد عمر مضى في هذا الدرب الذي يتشرف كُـلّ حر من أحرار الأُمَّــة أن يسلكه.
هكذا هم أولياء الله في كُـلّ زمان ومكان، تبقى الشهادةُ هي الغاية الأسمى التي تستحقُّ منهم بذلَ الجهد والمال والروح وكلّ شيء مِن أجلِها للفوز برضا المولى عز وجل، والفوز بالنعيم الأبدي الذي ينسى معه الإنسانُ كُـلَّ معاناة عاناها في هذه الحياة القصيرة، التي لا تقارنُ زمنياً أَو مكانة بالحياة الأبدية.