حتى لا تساهم الجامعات اليمنية في تشجيع العنف المجتمعي?!
أشرت في المقالين السابقين إلى بعض مشكلات ضعف التدريس في الجامعات اليمنية? ومنها جامعة صنعاء كإقحام عضو هيئة التدريس في تدريس مواد ليست من تخصصه? وضعف تأهيل بعضهم? وضعف شخصية بعضهم? وانشغال معظم أعضاء هيئة التدريس خارج الجامعة? وانعدام التقييم والتقويم للأداء التدريسي في الجامعات…
وهناك مشكلات أخرى تساهم في تدهور الأداء التدريسي في الجامعات اليمنية? بل وفي تشجيع العنف المجتمعي? ربما أخطرها يعود إلى استبداد بعض أعضاء هيئة التدريس القدماء وانفرادهم باتخاذ القرارات في كلياتهم? وتجييركل أنشطة الكليات لصالحهم? وعدم إتاحة الفرصة لأي إبداع يقوم به غيرهم? وإذا اضطروا للاستعانة بالآخرين? فهي بشروطهم هم من باب الأنانية والخوف من المنافسة? مما تسبب في إحباط أعضاء هيئة التدريس الآخرين وشعورهم بالظلم? وجعلهم يدخلون في مشكلات وتحديات لانتزاع الحقوق بدلا?ٍ من الانصراف للإبداع في التدريس الجامعي? وفي خدمة المجتمع..
هذا هو واقع الكبار الذي لم يجرؤ على مناقشته أحد في الماضي? ولا بد أن يتغير هذا الواقع لأنه يهدد السلم الاجتماعي داخل الجامعات? ويضعف الأداء? فكلما زاد الظلم في الجامعات تدهور التدريس على كل المستويات? وزاد اقتناع صفوة المجتمع بعدم جدوى النظم والقوانين في إنصاف المظلومين لأن الشياطين يلتفون عليها وينكرون الحق إذا لم يكن في صالحهم? ويظنون الباطل حقا?ٍ إذا كان سيخدمهم? ويرضي عنجهيتهم? وذلك الوضع سيجعل المظلومين من صفوة المجتمع الذين يعول عليهم في التنوير يلجأون إلى أساليب أخرى لمواجهة الظلم قد تكون غير موافقة لمبادئهم دفاعا?ٍ عن النفس.. وهذا جرس إنذار يهدد مؤسسات عقل الأمة إن لم يوضع حد للأيهمة وللظلم ويحتكم الجميع إلى المعايير العلمية ويكون التميز حسب الأداء المحكوم بالقيم الجامعية..
لقد صارت سيطرة الكبار في الجامعات اليمنية ظاهرة ملاحظة من الجميع حتى فيما يخص المواد التي تقع في تخصصاتهم? حيث نجدهم يستحوذون عليها طوال الحياة ويمنعون غيرهم من الاقتراب منها مهما كانت الأحوال? ويشتد استحواذهم كلما أحسوا بالغيرة من نظرائهم القادمين في تخصصاتهم? وبخاصة أن بعضهم يشعرون أنهم غير قادرين على المنافسة الشريفة? فيختلقون المشكلات ويشنون الحرب الضارية على منافسيهم بأساليب غير أخلاقية تصل إلى التهميش والتشكيك في قدرات الآخرين وعدم قبولهم م والاستيلاء على حقوقهم وإلقاء التهم الباطلة عليهم…
ولأن بعض إدارات الكليات غير حازمة في التعامل مع مخالفات الكبار ـ لحسابات ليست منها المصلحة العامة ـ نجد أن مثل هؤلاء المستبدين يصدقون ظنونهم? ويصبح الباطل في نظرهم حقا?ٍ? ويتصدرون المشهد كأنهم أصحاب حق? فتزيد قوتهم ويفرضون سيطرتهم على الجميع بمن فيها إدارات الكليات? ويمررون رغباتهم رغم أنف الجميع لأنهم واثقون أن الصمت عنهم هو تسليم بسطوتهم وتأييد لأفعالهم? وبالتالي ترتفع مستويات أنانياتهم وتمتد أطماعهم إلى الإخلال بنظام التدريس الجامعي? فيرغمون الإدارات على اختلاق جداول وهمية لهم? وإعفائهم من مهامهم القانونية? أو يعطون الحرية الكاملة للعبث بالجداول الدراسية الموجودة كما يريدون فيحتجزون القاعات التي تروق لهم والساعات التي يفضلونها? والطلاب الذين يحددونهم? ولهم الحق في الغياب متى ما أرادوا? والحضور حينما يجودون? وهذا الوضع يضايق حتى الموظفين? فقد شكا لي أحد الموظفين المسئولين عن إعداد الجداول الدراسية أن مثل هؤلاء الأساتذة يحذرونه قبل إعداد الجدول? فيتصل به كل واحد منهم ويقول: (احذر أن تضع لي محاضرات قبل العاشرة صباحا?ٍ لأنني نائم? أو أيام كذا وكذا لأنني مشغول? أو يوم الخميس لأنه يوم راحتي…) ثم يتابع الموظف الشكوى قائلا?ٍ: (تصوري أن كثيرا?ٍ منهم ليس لديه سوى يوم واحد في جامعته الحكومية).. أنا لست أدري كيف سيتم إصلاح التعليم الجامعي في ظل تعنت مثل هؤلاء?!! أصبحوا كأنهم باباوات ينفذون أوامر الرب والبقية ينتظرون رضاهم ووساطاتهم ليصلوا إلى أرض السلام والأمان الوظيفي..
والذي يثير العجب أن الصمت عن هؤلاء مصحوب بالتأفف منهم من الجميع وبإدراك حجم الأخطاء التي يرتكبونها ضد تطوير الأداء التدريسي وضد حقوق زملائهم? لكن دون فعل شيء ما لتغيير الواقع على أمل أن تأتي قوة خفية لإنهاء سيطرتهم غير المقبولة وغير القانونية..
من العيب أن تظل إدارات الكليات والغالبية من أعضاء هيئة التدريس مستسلمين لسيطرة واحد أو اثنين من أعضاء هيئة التدريس في أية كلية إذا ظهرت للجميع أنانيتهم وحرصهم على تدمير كل شيء جميل من أجل مصالح شخصية? ولتعلم إدارات الكليات أن سياسة (ري?ح دماغك ودع غيرك يتخذ القرار الصعب) لم تعد مجدية في ظل اختراق القيم الجامعية? وانتشار العنف اللفظي والسلوكي في الحرم الجامعي..
وعليه فإن الواجب دعم أي عضو هيئة تدريس يخترق الرتابة ويكسر حاجز الخوف? ويتحدى حراس بقاء الحال على ما هو عليه والصبر على المتعنتين حتى يتقاعدوا لأنهم لن يتقاعدوا إلا بأمر عزرائيل…
لا بد أن