واقع الت?ربية وسراب الأرقام
التعليم الذي يتنك?ر لعقيدة الام?ة وقيمها لا تجني منه الام?ة الا السراب والخراب? هذا ما يؤكده الواقع في بلداننا الإسلامية ? كل بلداننا الاسلامية ? وما يحدث في هذه الايام في اوطاننا (خاصة في ليبيا الجريحة ) اوضح برهان على اهمية تكريس التربية الدينية المتوازنة الصحيحة الوسطية في منظوماتنا التعليمية فمن دونها تضيع الاجيال وتصبح عامل هدم لا عامل بناء ? والمقالة التي بين ايدينا تناقش هذا الموضوع بما يقنع من البيان والبرهان ? وقد اخذتها بتصرف عن موقع رابطة ادباء الشام الأخلاق روح الت?عليم وسر? نجاعته إلا? ا ن? الأهم من المعارف والمعلومات في العملية الت?عليمية هي روح الت?عليم ? ونقصد بها الت?هذيب والت?ربية على الأخلاق والفضائل بمفهومها الش?امل ? فلا يكفي في إعداد الجيل أن نشحن ذهنه بالمعلومات وندر?به على الت?قنيات ? مهما كانت كثيرة ? دقيقة ? وحديثة ? إن? ذلك وحده لا يجعل منه فردا صالحا نافعا لمجتمعه ما لم تغرس فيه الأخلاق والقيم والفضائل التي تجعله ي?ْسخ??ر تلك المعارف لخدمة مجتمعه وبلده وأم?ته ? فالمهندس البارع من دون أخلاق يسبب الكوارث لاقتصاد بلده بالغش? والن?هب والت?هاون في أداء الواجب المهني ? والقاضي من غير أخلاق يكون اخطر شخص على العدالة التي ي?ْمث?لها ? لأن?ه يتقن الت?حايل على القانون فيتحو?ل إلى آلة طي?عة في يد الر?اشين من أصحاب الجرائم والمظالم ? والمسؤول في أي?? مستوى من مستويات المسؤولية من غير أخلاق وبال?َ وخبال?َ على مصالح الأم?ة ? لأن?ه يتحو?ل إلى لص??ُ محمي??ُ بالقانون يصب??ْ ريوع الشعب في أرصدته البنكية بالخارج ? ويخون بلده وشعبه مقابل المال والامتيازات ? واهون كارثة يسب??بها من تعل??ِم ولم يترب??ِ ان??ِه يبيع بلده بأدنى امتياز ي?ْغر?ي به الخارج ? وبذلك يحرم بلده من خبرته وتضيع الجهود والأموال التي ك?ْر??ست من اجله ليحصل على تلك الشهادة والخبرة ? وواقعنا اليوم زاخر بالأمثلة الحي?ة على ما أقول ? حيث تفشى الفساد من اختلاس ورشوة وغش واحتيال في أجهزة الد?ولة الإدارية والسياسية والاقتصادية وانتشرت الجريمة والرذيلة في المجتمع ? وطم??ِت ظاهرة هجرة الأدمغة وحتى الذيول ? فأين الأثر التربوي لمدرسة الاستقلال واغلب هؤلاء المفسدين تخر??ِجوا منها ? الحقيقة أنها عل??ِمت ولم ترب?? ? بل رب??ِت تربية تغريبية عكسية أبعدت الجيل عن عقيدته وقيمه المحص??نة وتركته حائرا ضائعا مهملا . تصو??ِروا كم الإمكانيات المادية والبشرية التي كانت توفر لولا هذا الت?سيب الأخلاقي ? تخي?لوا مقدار الخطوات التي كانت تخطوها البلاد نحو التقدم والحضارة لولا هذا الحطام البشري المعرقل. إن? القيم الكريمة والأخلاق الحميدة هي التي ت?ْسعد المجتمعات وترفع الأمم وتبعث الحضارات ? وكل حضارة تغيب القيم الخلقية منها تنهار حتما ? وإذا كانت منهارة فلن تنهض أبدا قال تعالى :\” وإذا أردنا أن ن?ْهلك قرية أمرنا م?ْترفيها ففسقوا فيها فحق??ِ عليها القول فدم??ِرناها تدميرا \” الاسراء 16 وقال الشاعر : إن??ِما الأمم?ْ الأخلاق?ْ ما بقيت = فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا العقيدة الإسلامية منبع الأخلاق والمصدر الوحيد للفضائل والأخلاق هو الدين الص?حيح ? هو العقيدة الر?اسخة والإيمان الص?ادق ? فبقدر رسوخ العقيدة في الأفراد والأمم ترسخ الفضائل والقيم التي تعد??ْ ركائز الن??ْهوض الحضاري والس??ِعادة في المجتمعات ? كالت?عاون ? والت?سامح ? والت?كافل ? وإتقان العمل ? والحرص على العلم واستخدامه في صالح الأمة ? والت?ضحية من اجل الوطن ? والص?بر عند الأزمات والشدائد ? والقناعة ? وأداء الأمانة ? والوفاء بالالتزامات …. الخ وهذه الحقيقة يقر??رها أولو الألباب في كل? الديانات والأمم واليك بعض أقوالهم : يقول الفيلسوف الألماني فيختة : \” الأخلاق من غير دين عبث \” ويقول القاضي البريطاني ديننج :\”بدون دين لا يمكن أن يكون هناك أخلاق ? وبدون أخلاق لا يمكن أن يكون هناك قانون \” وقد توصل هذا القاضي إلى هذ ا التقرير بعد أن عالج ملف قضية فساد تورط فيها احد الوزراء في بريطانيا . ويقول الزعيم الهندي غاندي : \” إن? الدين ومكارم الأخلاق هما شيء واحد لا يقبلان الانفصال ولا يفترق بعضهما عن بعض ? فهما وحدة لا تتجزأ ? إن الدين كالر?وح للأخلاق ? والأخلاق كالجوارح للر?وح ? وبعبارة أخرى إن الدين يغذ??ي الأخلاق وينم??يها وينعشها كما أن??ِ الماء يغذ??ي الز??ِرع وينم??يه \” ( الأقوال ماخوذة من كتاب الايمان والحياة إن هذه الأقوال صحيحة تماما وهي تصدق أكثر على الاسلام ? فخلاصة الر?سالات الس?ماوية قبل أن ت?ْحر?ف ? ورسالة الإسلام المحفوظة من الت?حريف هي الد?عوة إلى الأخلاق الفاضلة بشمولها : مع الله سبحانه : بالاعتراف بوجوده ووحدانيته وعبادته وذكره وشكره وتقديره والحياء منه ومراقبته في السر والعلن ? وهذا يؤدي إلى رقابة ذاتية على السلوك نابعة من الشعور بالر?قابة الإلهية ? فالت?خلق ثمرة الت?حقق كما يقرر علماء السلوك عندنا. مع الن?اس :