المؤتمر الشعبي العام … حزب الثورة!
الثورة الشعبية اليمنية ليست خاصة بحزب أو جماعة أو منطقة أو أشخاص, كما أنها ليست ثورة ساحات, بل هي ثورة شعبية يخوضها كل اليمنيين الساعين للتغيير, وأكثرهم ثورية هو أكثرهم قدرة?ٍ واستيعابا?ٍ وتقدما?ٍ في الحركة التغييرية.
وذلك أيضا?ٍ ينطبق على الأحزاب اليمنية التي تتقاسم الحياة السياسية في اليمن اليوم, فالحزب الأكثر قدرة على التغير والتغيير باتجاه تحقيق مطالب الحركة الثورية الشعبية في اليمن? سيكون هو الحزب الأكثر ثورية? والأجدر بقيادة البلد إلى الدولة المدنية اليمنية.
فالصرخات الثورية العدائية والاعتصامات التي أصبحت تشكل إزعاجا?ٍ للمدن وللساكنين بلا جدوى, لا تجعل من الحزب هذا أو ذاك أكثر ثورية وأكثر تجسيدا?ٍ للطموحات الشعبية التغييرية, بل أعتقد أنها تضر بالحزب أكثر مما تنفعه, وتزيد من الفجوة التي تبعده عن المواطنين? وتفقدهم الثقة به على مستقبلهم.
المعطيات الواقعية اليوم تدل على أن المؤتمر الشعبي العام هو الحزب الأكثر قدرة على قيادة التغيير في الحياة السياسية اليمنية خلال المرحلة القادمة, وبرغم أن عوامل الفوز بالانتخابات والقدرة على الحكم تختلف تماما?ٍ الآن عن العوامل التي جعلت من المؤتمر الشعبي العام حزب الأغلبية البرلمانية والحكم خلال المرحلة السابقة, إلا أن الأحزاب الأخرى لم ت?ْظه?ر أية قدرة على مجاراة التغيير والتكيف مع الحركة التغييرية الشعبية.
لم تدفعني العاطفة أو الولاء التنظيمي كي أجزم بهذه النتيجة, بل هي حقائق ومعطيات منطقية تصل بأي عقل سوي? لهذه النتيجة, وسوف أستعرض هنا بعض هذه الحقائق والمعطيات? وأترك لكل عقل سوي? أن يصل للنتيجة بطريقته.
أولا?ٍ: استطاع المؤتمر الشعبي العام -الذي يعتبره البعض من أضعف الأحزاب التي حكمت في الوطن العربي- أن ينجو من النهاية التي أرادها أو توقعها له الكثيرون كنتيجة حتمية لتأثير الربيع العربي على الحياة السياسية اليمنية, خصوصا?ٍ وأن خصومه يظهرون بشكل أقوى من خصوم الأحزاب الحاكمة السابقة في مصر وتونس وليبيا, وهذا يؤكد على أن المؤتمر الشعبي العام أكثر مرونة وتكيفا?ٍ مع التغيير من تلك الأحزاب, ويؤكد أكثر ضعف وغباء خصومه السياسيين الحاليين? وهذا هو أهم أسباب نجاة المؤتمر مما كان متوقعا?ٍ له من نهاية, والضربة التي لا تكسر ظهرك تقويك.
ثانيا?ٍ: خروج عدد من الأعضاء السابقين من المؤتمر الشعبي العام? والذين كان أغلبهم قد انضموا إليه لأسباب نفعية بحتة, أو لاختراقه والتأثير عليه من الداخل لحساب بعض التنظيمات الأخرى, كما أن بعضهم ع?ْر?فوا كرموز?ُ للفساد والرجعية والتخلف? وخروجهم ي?ْبيض صفحة المؤتمر الشعبي العام شيئا?ٍ ما, وهناك عدد ممن استقالوا من المؤتمر خلال العام الماضي? ممن ع?ْر?ف عنهم النزاهة والعفة? وكان ذلك بتأثير من الإعلام أو من محيطهم الخاص? لكنهم سيعودون إلى المؤتمر الشعبي العام عندما يرون أنه أفضل الخيارات? أو على الأقل لأنه من سيقبل بهم.
ثالثا?ٍ: بالرغم من بقاء الرئيس صالح في اليمن واستمراره كرئيس?ُ للمؤتمر الشعبي العام حتى الآن, إلا أنه لم يعد رئيسا?ٍ للدولة, ولم يعد الالتفاف حوله من ق?بل البعض ناتجا?ٍ عن السلطات التي كان يمتلكها أو الامتيازات التي كان يمنحها, فقد أصبح ثقله أقل على كاهل المؤتمر الشعبي العام, فثقل الشخصيات -الدينية والقبلية والعسكرية- هو عبء تتحمله الأحزاب المدنية, بينما يتمسك حزب الإصلاح –كمثال- بالأثقال التي تعيقه عن التحرك مثل أبناء الأحمر والزنداني والديلمي وصعتر, بل وأضاف إليهم حملا?ٍ أشد وطأة? وهو اللواء علي محسن الأحمر, فالشخصيات ذات الثقل كانت مفيدة للأحزاب المدنية عندما كانت السلطة من الأعلى إلى الأسفل, أما وقد قامت ثورة التغيير الشعبية? فقد أصبحت السلطة من الأسفل إلى الأعلى, وأصبح الثقل في الأعلى يشكل كارثة على الحزب? وعائقا?ٍ أمام قدرته على التغير والتغيير? والاقتراب أكثر من مطالب الشعب الثائر المتغير.
رابعا?ٍ: الكثيرون عابوا على المؤتمر الشعبي العام في المراحل السابقة? وانتقدوه لأنه حزب بلا أيديولوجيا, معتبرين أن الأيديولوجيا هي الرابط الوحيد الحقيقي الذي يجعل من التنظيم أكثر تماسكا?ٍ وقابلية للاستمرار, بينما الواقع اليوم والتجارب السياسية في كل دول العالم تثبت أن الأيديولوجيا أصبحت تشكل اليوم سورا?ٍ يحتجز بداخله التنظيم لنفسه بنفسه, وتعيقه عن أن يكسب الآخرين, فالأيديولوجيا كانت مفيدة للأحزاب التي لا يهمها الشعبية الكبيرة لدى الجماهير? ولا تكترث بتسويق نفسها أو الترويج لبرامجها شعبيا?ٍ? ولا يهمها رأي من لا ينتمون إليها بها, وكان اهتمامها أكثر بثقة الأعضاء ببعضهم البعض? وتطابق أفكارهم ورؤاهم, وهذا مفيد?َ فقط في عصور الانقلابات والثورات النخبوية, وليس في عصر الثورات التغييرية الشعبية, فالحزب الذي لا يكون متقيدا?ٍ بأيديولوجيا يستطيع صياغة برامج انتخابية واقعية اقتصادية وتعليمية وصحية وثقافية بصورة علمية منطقية? وأن يقدمها عبر وجوه جديدة لم