مفاجآت زيارة للسعودية
غبت عن السعودية نحو عشر سنوات? وعندما عدت إليها في الأسبوع الماضي لاحقتني المفاجآت حينما ذهبت? وأدركت أننا نرى السطح فيها ولا نعرف شيئا عما يجري تحته.
ــ1ــ
أولى المفاجآت كانت على الطائرة? حيث أتيح لي أن أطالع الصحف السعودية الصادرة صبيحة يوم 12/3.
واكتشفت أنها جميعا تتحدث عن أمور لم نسمع بها جرت في جامعة الملك خالد بمنطقة عسير جنوبي المملكة إذا نقلت وقائع لقاء استمر ثلاث ساعات لأمير منطقة عسير مع 500 طالب وطالبة لمناقشة المشكلات التي يعانون منها في الجامعة.
وفي اللقاء لخص الطلاب مطالبهم في 23 بندا أولها المطالبة بإقالة إدارة الجامعة في مدينة أبها.
وتحدث أمير المنطقة الأمير فيصل بن خالد? قائلا إن «ما تطالبون به حق مشروع لكم. فأنتم لم تطلبوا سوى تحسين وتطوير المستوى التعليمي الجامعي»
ومما أسفر عنه الاجتماع أن الأمير رحب بتشكيل لجنة تمثل الطلاب لمتابعة حل المشكلات التي يعانون منها? ولجنة أخرى أكاديمية لإعادة النظر في المناهج. على أن تعقد اللجنتان اجتماعات شهرية لإنجاز مهامها.
ولم تكن تلك هي المفاجأة الوحيدة? لأنني علمت مما قرأت? ومما سمعت لاحقا? أن طالبات كلية الآداب كن من بدأ الاحتجاج والتمرد? وأن الموضوع الأساسي الذي أثار غضبهن كان تدني مستوى الخدمة والعوائق الإدارية التي يعانين منها. وقد أسهمت شبكة التواصل الاجتماعي في تعبئة الطالبات والطلبة? وفي حث الجميع على التعبير عن غضبهم وإيصال صوتهم إلى الجهات المسؤولة.
صحيفة «الوطن» علقت على ما جرى في الجامعة قائلة: إنه منذ انطلاق شرارة مطالب طالبات كلية التربية والآداب سعى مسؤولو جامعة الملك خالد إلى تحوير ذلك التوجه إلى ما أسموه عبثا وتخريبا وإخلالا بالأمن تقف وراءه أياد خفية? وأنه يتعين على الجميع إيقافه? متجاهلين أن للطلاب والطالبات حقوقا لم يعطوها.
الموضوع المثار واللغة المستخدمة في عرض الحدث وموقف السلطة إزاءه? ذلك كله كان جديدا بالنسبة لي.
إذ كان علي أن أقرأ التفاصيل جيدا لكي أستوعب حقيقة أن ثمة غضبا معلنا تحدثت عنه الصحف حيث الأصل أن يتم كل ذلك في السر??. وأن الطالبات صار لهن صوت يرتفع في بلد يعتبر متشددوه أن جنس النساء عورة يجب سترها? وأن أمير عسير شخصيا التقى 500 طالب وطالبة واستمع إلى ملاحظاتهم على مدى ثلاث ساعات? وأنه تم الاتفاق على انتخاب لجنة تمثل الطلاب وأخرى أكاديمية للتعاون في حل المشكلات المشكو منها.
وكان السؤال الذي خطر لي حينذاك هو: منذ متى يحدث كل ذلك في المملكة?
ــ2ــ
أحداث طالبات وطلبة جامعة الملك خالد في «أبها» تحولت إلى مادة للتعليق اليومي في كل الصحف السعودية.
ولاحظت أن مبادرة الطالبات إلى التمرد والاحتجاج احتلت قسطا ملحوظا من التعليقات حيث فتحت تلك المبادرة الباب لمناقشة أوضاع النساء وحقوقهن في المملكة.
في هذا الصدد كتبت الباحثة مرام مكاوي تقول: النساء شقائق الرجال ونصف المجتمع وشريكات الوطن. ولهن حق مثل الرجال تماما في جميع مرافق الدولة وثرواتها وخططها المستقبلية وفي عصر الانفتاح والحرية الرقمية وزمن الإصلاح? فهن لن يقبلن إلا بأن ينلن هذه الحقوق كاملة غير منقوصة (الوطن ــ 14/3).
بعد أيام معدودة من أحداث أبها? حدث تمرد آخر في كلية التربية للبنات في محافظة بلقرن.
إذ نشرت صحف الخميس 15/3 عن وقوع تذمر من جانب الطالبات «حاولن فيه تقليد طالبات جامعة الملك خالد. فتظاهرن مطالبات بإبعاد العميدة وتحسين الخدمة بالكلية إلى جانب سوء معاملة المشرفات.
وحسب جريدة الوطن فإن مدير العلاقات العامة بالكلية ذكر أن الطالبات عبثن بطفايات الحريق بالمبنى وبباب المقصف.
ومن الواضح أن صداما حدث داخل الكلية لأن تقرير الجريدة تحدث عن إسعاف 13 حالة في مقرها ونقل 6 طالبات إلى المستشفى لعلاجهن إضافة إلى إصابة أستاذة جامعية
وذكرت تقارير أخرى أن إصابتهن كانت نتيجة للإغماء وتحدثت صحف أخرى عن أن سيارات الشرطة هرعت إلى موقع الكلية لاحتواء الموقف وفرض الوجود الأمني.
في هذه الأجواء استوقفني في صحف الأربعاء 14/3 ثلاث ملاحظات لها دلالاتها هي:
ــ تصريح لنائب وزير التعليم العالي الدكتور أحمد السيف أعلن فيه إلغاء تفتيش طالبات الكليات بصفة نهائية والسماح باستخدام الهواتف الجوالة داخل الكليات? وتحذيره من «عقوبات رادعة» لمن يسيء استخدام الجوال
وذكرت صحيفة الوطن التي وضعت الخبر على صدر صفحتها الأولى أن هذه الخطوة اتخذت «على خلفية أحداث جامعة الملك خالد الأخيرة».
ــ إصدار توصية لوكلاء الجامعات السعودية للشؤون الأكاديمية تقضى باشتراك الطلاب في صناعة القرارات التي تخصهم وتستجيب لتطلعاتهم.
ــ تصريح وزير الدولة ورئيس الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله (ابن الملك) بأن معالجة الأخطاء والمطالبة بالحلول لا تكون بالطرق التي تخل بالأمن والاستقرار? وإشارته إلى أن «هناك جهات خارجية تسعى إلى زعزعة الاستقرار في وطننا». وتحدث الأمير عن «الا