بقلم || عبدالفتاح علي البنوس
الإعلان عن تدشين فروع هيئة رفع المظالم التابعة لرئاسة الجمهورية في المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى خطوة هامة على طريق تحقيق العدالة والانتصار للمظلومين ورفع الظلم الذي يتعرضون له ومحاربة الفساد ، وعقب التدشين الرسمي نتطلع جميعا إلى ما ستقوم به هذه الهيئة والمهام التي ستنجزها، وخصوصا في ظل الكم الهائل من المظالم التي تعج بها رفوف المحاكم ، الكثير منها مضى عليها سنوات عديدة دون أن يتم الفصل فيها، العدل أساس الحكم ، وفي ظل غياب العدالة والإنصاف تتحول المجتمعات إلى غابات موحشة القوي يبطش بالضعيف، بالعدل والإنصاف يتحقق الأمن والاستقرار، ويعم الخير وتسود الطمأنينة ويعيش الجميع في أجواء مثالية بلا منغصات ومكدرات ومشاكل وصراعات .
فالمطلوب اليوم فاعلية هذه الهيئة وقيامها بالمهام التي شُكِّلَت من أجلها، لا نريدها أن تكون سببا في تكدس ملفات المظالم لديها وفروعها في المحافظات وتشعب تداعياتها وآثارها ، نحن لا نعاني من قلة الأجهزة والمؤسسات المعنية بالرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد ، فلدينا منها الكثير ولكن المشكلة تكمن في عدم فاعليتها وغياب دورها الملموس في محاربة الفساد وتحقيق العدالة والإنصاف، ما استدعى تفعيل دائرة الشكاوى بمكتب رئاسة الجمهورية ولجنة الإنصاف تحت مسمى هيئة رفع المظالم، والتي نأمل أن تنجز وتفصل في الملفات الشائكة وترفع الظلم عن المظلومين وتضع نهاية لسطوة وتسلط وفرعنة الطواغيت والظلمة والفراعنة الذين أغرقوا في ممارسة الظلم والتعسف للناس ونهب حقوقهم والسطو على ممتلكاتهم .
لا نريد أن تتعارض مهام واختصاصات هيئة رفع المظالم مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة التفتيش القضائي وهيئة الرقابة على المناقصات والمزايدات ، فالتنسيق مطلوب فيما بينها من أجل الوصول إلى الغاية والهدف الأسمى وهو رفع المظالم وتحقيق العدالة والإنصاف في أوساط المجتمع ، لا نريد أن يظل ميزان العدالة مائلا ويظل الظلم سائدا ، ويظل أصحاب المظالم يضربون أخماسهم في أسداسهم وهم يتنقلون بين المؤسسات والهيئات والأجهزة الرقابية بحثا عن العدالة والإنصاف ورفع الظلم عنهم ، لا نريد أن نحمل هيئة الإنصاف فوق طاقتها، بتحميلها مسؤولية تقصير الجهات المختصة في جانب تحقيق العدالة والإنصاف وعدم الفصل في القضايا والملفات ذات الصلة ، لذا يجب تفعيل كافة الجهات وتنسيق الجهود فيما بينها لكي تؤتي ثمارها وتقوم بواجباتها ومسؤولياتها على أكمل وجه .
هيئة مكافحة الفساد مهامها محددة وعليها القيام بها على أكمل وجه ، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة هو الآخر لديه مهام ومسؤوليات محددة وهو مطالب بالقيام بها وترجمتها عمليا على أرض الواقع ، والحال من بعضه فيما يتعلق بهيئة التفتيش القضائي المختصة بالمحاكم ومكتب النائب العام فيما يتعلق بالنيابات، وكذا هيئة الرقابة على المناقصات والمزايدات، لا نريد اتكالية في هذا الجانب ، وترحيل القضايا من هذه الجهة إلى تلك ، ظروف المواطنين صعبة للغاية ولا يتحملون إرهاقهم بالمتابعة وتكبد الخسائر الكبيرة في رحلة البحث عن العدالة والإنصاف، إلى هنا ويكفي (دعممة).
بالمختصر المفيد: الكل مسؤول أمام الله عن المسؤوليات المنوطة بهم ، وإذا كنا اليوم نعول كثيرا على هيئة رفع المظالم ، فلا يعني ذلك أن ( تمدد بقية الهيئات والمؤسسات الرقابية ولا تبالي ) وتغرق في (الدعممة ) واللامبالاة، كل جهة مطالبة بأن تقوم بواجباتها ومهامها على أكمل وجه ، والعاجز الفاشل يستبدل طبيعي فالوظيفة ليست (ملكية خاصة ) لهذا المسؤول أو ذاك ، أو لحزب دون آخر، فهي لم يعمل بجد وإخلاص ومسؤولية وأمانة.
قلت قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .