حاجة غزة إلى قبة فولاذية
لا يكاد يمر يوم?َ واحد دون أن يقوم الجيش الإسرائيلي بالاعتداء على قطاع غزة? ودون أن تغير طائراته العسكرية على أطرافه وقلبه? وتقصف فيه أهدافا?ٍ كثيرة? وتقتل فيها رجالا?ٍ أكثر? وتثير الرعب بين سكانه? وتنشر الهلع بين أهله? فهي لم توقف اعتداءاتها يوما?ٍ واحدا?ٍ على الأرض والسكان? فإن كانت حربها الدموية البشعة على قطاع غزة قد توقفت? فإن عملياتها اليومية لم تتوقف? ومازال جيشها يمارس أنشطته العسكرية المعتادة كل يوم?ُ في أرض القطاع وسمائه? دون أسباب?ُ تدعوه إلى الاعتداء? وبغير تجاوزات?ُ تبرر اختراقه المستمر للهدنة غير المعلنة? بل إن حكومة الكيان الإسرائيلي هي التي تتحرش وتستفز? وهي التي تتمحك وتتعلل? وهي التي تباشر وتبادر? في الوقت الذي يعلو فيه صوتها تشكو إلى المجتمع الدولي ظلم المقاومة الفلسطينية لها? واعتداءاتها المستمرة بصواريخها عليها? وتطالب المجتمع الدولي أن يساعدها في نصب خيمة?ُ فوق رأسها? لتحميها من حمم براكين المقاومة? ومن نيران صورايخها الفتاكة? وتنقذها من الكتل الحديدية الملتهبة التي تسقط فوق رؤوس مواطنيها? وتهدد سلامتهم وتفقدهم أمنهم وتعطل حياتهم.
اعتدت إسرائيل بكل قوتها وجبروتها وسلاح الجو والميدان فيها? واستخدمت كل ما في ترسانتها العسكرية من أسلحة فتاكة?ُ مدمرة? مما عرفه العالم ومما لم يجربه بعد ولم يعرف نتائجه? وزلزلت الأرض تحت أقدام سكان قطاع غزة? وحرقت الأرض من حولهم? وأمطرتهم من السماء حمما?ٍ ونيرانا?ٍ? وهي تصرخ أمام العالم وتولول أنها تسعى لحماية نفسها? والدفاع عن مواطنيها? والحيلولة دون تدميرها وتهديد وجودها? وطالبت العالم أن يساندها وأن يتفهمها? وأن يتعاطف معها وأن يقف إلى جانبها? وأن يعينها على تنفيذ أهدافها وتحقيق أحلامها? وسألته أن يزودها بمزيد?ُ من المال ليسقف به سماءه? ويظلل فيه أجواءه? وينصب فوق رؤوس سكانه خيمة?ٍ فولاذية? لا تسمح بسقوط الصواريخ ولا تمكن الرصاص عبرها من النفاذ.
ليست إسرائيل هي التي تحتاج إلى قبة فولاذية لتحمي سماءها من صواريخ المقاومة الفلسطينية? وليست هي التي يعتدي الفلسطينيون على مواطنيها ومؤسساتها? وليس أبناؤها هم الذين يقتلون وتفجر سياراتهم في الشوارع والطرقات? وتتمزق أجسادهم في بيوتهم وخلال نومهم وأثناء عملهم? وتتناثر أشلاء?ٍ في كل مكان بما يصعب العثور عليها? ويستحيل تجميعها? وليس أطفالهم من يفقدون الأب والأخ والأم والشقيق? وليست شوارعهم التي تخرب? ومدنهم التي تدمر? ومزروعاتهم التي تحرق وتخلع? وليست طائراتنا هي التي تخترق جدار الصوت فوقهم? فترعبهم وتثير الهلع في نفوسهم? وتوقظ أطفالهم من نومهم مذعورين خائفين? وليست دباباتنا هي التي تحيط بهم من كل جانب? تصطاد رجالهم وتقتل نساءهم? وتقصف كل شئ?ُ يتحرك عندهم? وليست طائراتنا الزنانة هي التي تراقبهم وتلاحقهم وتتجسس عليهم وتطاردهم من مكان?ُ إلى آخر? وليس قناصونا هم الذين يطاردون الساعين وراء رغيف الخبز? والباحثين عن لقمة العيش? والجادين نحو السترة والعيش الكريم? وليس الفلسطينيون هم الذين يفرضون الحصار عليهم? ويمنعونهم من السفر للتعليم والعلاج والعمل? ويحرمونهم من كل مستلزمات الحياة والبقاء.
ترى من الذي يحتاج إلى الحماية والدفاع? ومن الذي يستحق النصرة والمساندة والانتصار? ومن الذي من أجله يجب أن تجتمع الأمم? وتصدر القرارات? ومن هو الشعب الذي يتطلع?ْ إلى نيل حريته والحفاظ على حقوقه واستعادة أرضه وتطهير مقدساته وعودة لاجئيه? ومن هو الشعب الذي ي?ْقتل?ْ أبناؤه? وي?ْعتقل?ْ رجاله ونساؤه? وي?ْطرد?ْ من أرضه? ويحرم?ْ من حقه? وتنهب?ْ خيرات بلاده? وتداس?ْ مقدساته? وتتآمر الحكومات على مستقبله? أليس الفلسطينيون هم أحق الشعوب بالنصرة والمساعدة والمساندة? ألا يستحقون أن يهب العالم الحر من أجلهم? ويقف ضد الكيان الإسرائيلي الذي يعتدي عليهم? ويضع حدا?ٍ لتغوله على أرضهم وحياتهم وحقوقهم? ألا يستحق الفلسطينيون أن يشعروا بالأمن والأمان? فلا يخافون من طائرة?ُ تتجسس عليهم? أو تمزق صمت ليلهم? أو تطلق صاروخا?ٍ يفتت عظامهم وينثر دماءهم ويبعثر أجسادهم? ألا يستحق الفلسطينيون أن ينظر المجتمع الدولي في حالهم? ويقرر في مصيرهم? وينطق بكلمة الحق من أجلهم? ويقف ولو لمرة?ُ واحدة في وجه الظالم القوي المستبد.
أم أن اللص الذي يسرق? والمغتصب الذي ينهب? والمجرم القاتل? والإرهابي المحترف? الذي امتهن القتل واستمرأ الظلم وعشق الدم? وساكن الحروب? وأغمض عينيه عن أصوات الباكين? وصراخ الموجوعين? وآهات المكلومين? وأنات الجرحى? ودعوات المظلومين? هو الذي يستحق النصرة والمساعدة? وهو الذي يجب أن يتفهم العالم حاجته إلى الأمن? وحنينه إلى السلام? وتطلعه إلى العيش بأمان? وعلى العالم كله أن يصدق حرصه على السلام? وسعيه لبناء الثقة بين الشعوب? وبغضه للحرب والقتال? واستعداده التام للجلوس مع الصديق والشريك? ليحاوره على الاستسلام والرحيل? والعفو والمسامحة والشكر الجزيل? وعلى العالم أن يكذب