” قراءة تاريخية وتحليلية في ملف أسرار وخفايا الانقلاب الأسود 15/10/ 1978م”
في لقاء خاص مع الدكتور طارق عبد الله ثابت الحروي الخبير في شئون وتاريخ الحركات السياسية والباحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية والكاتب والمحلل السياسي يضع أمامنا? خارطة طريق
جديدة تكشف عن الجزء الأكبر والمهم من حقيقة تفاصيل المؤامرة الأكثر خطورة على حاضر ومستقبل اليمن دولة وشعبا التي قادتها القوى التقليدية المحافظة واليسارية المتطرفة بالشراكة والتعاون والتنسيق مع الحركة الناصرية بامتياز منقطع النظير.
” الحلقة الاخيره ”
في الوقت الذي تسنى لإدارة الرئيس الراحل ألحمدي تجاوز معظم العقد الرئيسة الشائكة في البيئة الداخلية? فإنها بالمقابل قد نجحت في تجاوز كافة التحديات التي تفرضها البيئتين الإقليمية والدولية آنذاك? من خلال اللعب المحترف على متغيرات الساحة الدولية بنفس القواعد المتعارف عليها? والسعي وراء اغتنام هذه الفرصة التاريخية إلى أقصى حد ممكن? على الرغم من صعوبة التحرك المرن في بيئة مناهضة وطاردة لمثل هكذا توجه مغاير للسياسة الإقليمية والدولية القائمة? في ضوء أهمية بل حيوية وحساسة المصالح الرأسمالية والشيوعية فيها? والسؤال الذي يفرض نفسه علينا د. طارق الحروي عند هذا الحد من التحليل هل يمكن إحاطتنا بشي من التفصيل عن بعض أهم المعطيات الظرفية في البيئة الإقليمية بأبعادها الدولية في هذه الفترة? كي يتسنى لنا الإلمام بإرهاصات البيئة الخارجية ومدى تأثيرها على خط سير التطورات الرئيسة في اليمن ?
– نعم هذا السؤال مهم جدا بل وضروري? وبهدف اكتمال الصورة بأبعادها المختلفة أود الإشارة في البدء إلى أمور غاية في الأهمية يجب الإحاطة بها قبل الشروع بالإجابة عنه? أولها أن السنوات الأولى من عقد السبعينيات قد شهدت نكوصا حادا في فاعلية سياسية الاستقطاب الثنائية الدولية المتبعة إزاء منطقة غرب المحيط الهندي بأقاليمها الفرعية الثلاثة (الخليج العربي? البحر العربي? البحر الأحمر)? سواء جراء ما أصاب محور القوى الرأسمالية من ضربات موجعة بلغت حد الذروة في الحرب الفيتنامية التي انتهت عام 1974م- وفقا- لما اصطلحت الدوائر الغربية على تسميته بـ”عقدة فيتنام” فرضت نفسها بقوة على طريقة تعاطيها مع خط سير الأحداث الرئيسة في المنطقة وبعض دولها الفاعلة أو محور القوى الشيوعية الماركسية التي تعرضت بالمثل لسلسلة ضربات متتالية نالت من نفوذها ضمن نطاق حدود المنطقة وما يجاورها? سيما في ضوء دخول المتغير الصيني بقوة في لعبة الاستقطاب الدولية نيابة عن القوى الرأسمالية في الظاهر? باعتبارها ممثلة للقوى الشيوعية المعتدلة والمنافس الأكثر ضراوة للقوى الشيوعية المتطرفة التي يمثلها المحور السوفيتي? على خلفية التحالف الاستراتيجي الحاصل على محور واشنطن- بكين عام 1971م? بمباركة غربية.
– وثانيها إن لدي قناعات مترسخة بهذا الشأن- استنادا- للنتائج التي توصلت إليها أن دخول المتغير الصيني بهذه القوة لم يكن سوى نتاج اتفاق ثنائي أمريكي- سوفيتي تم في أعلي المستويات القيادية وأضيقها لماذا ? لأن قواعد هذه اللعبة وضعها الشريكان باتفاق شبه تام? فتقاسما العالم ومناطقه الحيوية واستعدا لخوض تنافس وصراع طويل ?ْيبقى دول العالم تدور في فلكهما? والتزما كل منهما على أداء ما عليه كي تبقى فصول اللعبة مستعرة? وعند بروز أية متغيرات جديدة لها تأثير على قواعد هذه اللعبة وتداعيات حادة على مصالحهما يستعد الشريكان لخوض جولة تفاوضية غاية في الأهمية والسرية? بهدف التعاون والتنسيق لتجاوزها والعودة إلى أتون اللعبة مرة أخرى? ووفقا- لهذا السياق مازلت أرى أن بروز وتفعيل الدور الصيني حافظ على زخم اللعبة الدولية لفترة من الزمن? كانت كافية لاستعادة الشريكان لنشاطهما المعتاد والعودة لممارسة دورهما المرسوم? في ظل بقاء الشريك الأمريكي أكثر منه السوفيتي بعيدا قليلا عما يدور في هذه المنطقة من العالم بعد انتهاء الحرب الفيتنامية عام 1974م? وسعي السوفيت وراء نقل الجزء الأكبر والأهم من نشاطه إلى مناطق جديدة? بانتظار اللحظة المناسبة لكليهما للعودة إلى المنطقة? سيما في حال ما أدركنا أن كل ما شهدته دول المنطقة من تطورات ومنجزات ايجابية يعتد بها في مراعاة المصلحة الوطنية خارج ما يسمي بسياسة الاستقطاب الثنائية الدائرة رحاها ضمن قواعد اللعبة الدولية في مرحلة الحرب الباردة طوال الفترة المحصورة (1970-1976م) على وجه التقريب والتي كان للصين دورها المحوري البارز فيها? قد تم إزاحتها نهائيا بضربات متوالية منظمة وسريعة وكأن شيء لم يكن بمجرد عودة كلا من أمريكا والسوفيت إلى الساحة? وهذا ما يجب على الجميع الانتباه إليه كثيرا.
– أما ثالثها وأهمها – بحسب وجهة نظري- فهو أن هذا الأمر برمته قد أفسح المجال واسعا أمام نشؤ وتطور تيار ثالث قوى له شأنه يقوده العراق الجديد? باعتباره أهم القوى الإقليمية المعتدلة ومحور التيار التحديثي التحرري في المنطقة قاطبة الذي شق طريقه بقوة في منطقة تهيمن عليها القوى التقليدية المحافظة المتحال