ثورات عربية ام مؤامرات غربية ????
انا اختلف كثيرا في إطلاق مسمى الربيع العربي على ما يحدث في بلداننا العربية حاليا ’ اذ ان الذي يحدث ليس ربيعا ان لم يكن صيفا حارا او شتاء قارصا ليس بفعل عوامل المناخ والطبيعة بل بعوامل وأجندات خارجية بكل المقاييس وقد يقال ان نظرية المؤامرة تسيطر على عقلك كونك عربي , وهذا ليس عيبا في التفكير ولا غباء فان وجدت المؤامرة فهي في المصطلحات السياسية تعبر عن المصالح التي هي مشروعة من وجهة نظر أصحابها ولكنها في كثير منها لا تتحقق الا من خلال المؤامرات !!.
لذلك ما يجري في الوطن العربي هو تنفيذ لاستراتجيات مخططة سوف تؤتي ثمارها على المدى البعيد او المتوسط من خلال اعادة هيكلة سياسية او جغرافية للأنظمة العربية التي لا احد يستطيع ان ينكر عدم ادراك الغالبية منها لمفاهيم المصالح الإستراتيجية او حتى مصطلح الإستراتيجية على غرار غالبية كبيرة من الشعوب لا تفقه حبائل السياسة الغربية وقد تنجر وراء شعارات ومصطلحات براقة بل وتضر نفسها وأوطانها .
ولعل لتلك الخطط الغربية أدوات وبرامج ذات جداول زمنية ولها نتائج يجب ان تكون ظاهرة حتى يمكن الاطمئنان الى انها تسير وفق المخطط المرسوم لها و يجب ان تكون احدي نتائجه الاحتراب الداخلي لابناء الوطن الواحد وتفكيك النسيج المجتمعي له , إضافة الى انهيار تام او شبه تام في المؤسسات الوطنية سواء منها المدنية او العسكرية .
لذلك فان ما يحدث في تونس ومصر اراه شيئا طبيعيا لمل هو مخطط له من نتائج ومؤشرات يجب ان تكون ملموسة من هذه الثورات , اذا ان النتائج التي أوردناها سابقا قد ظهرت وتحققت بشكل جلي في كل من الثورات في ليبيا واليمن وسوريا ومن خلال مرحلتها الأولى , بينما في مصر لم تتحقق تلك النتائج وكان لزاما ان تتحقق , لذلك بدأت الدورة الثانية ( ثورة ثانية ) من اجل تحقيق تلك النتائج المتمثلة في تدمير البنى التحتية للمؤسسات المدنية والعسكرية وتفكيك النسيج المجتمعي وقيام الاحتراب الداخلي لأبناء الوطن الواحد في كل من مصر وتونس على غرار ما يحدث في كل من ليبيا وسوريا واليمن .
هناك من يقول ان الدول الغربية سوف تغير من مواقفها تجاه الثورات في كل من اليمن وسوريا واي بلد اخر بعد ان رأت ان التيارات الاسلامية قد بدأت تظهر على الساحة في كل من مصر وتونس وحتى ليبيا وتسيطر على المشهد السياسي وربما تعمل اختطافه من أطياف العمل السياسي العلماني والليبرالي .
الدول الغربية لا شك سوف تغير تكتيكاتها في تحريك اية مجاميع جماهيرية في البلدان العربية ومنها اليمن وسوريا في ضؤ تشكيلة وأطياف تلك المجاميع التي قد تكون لا تفضلها على المدى البعيد ولكنها بالتأكيد تحتاجها حاليا من اجل الوصول الى النتائج المرجوة بأقصر الطرق والمتمثلة كما أسلفنا في الاحتراب الداخلي والتفكك الاجتماعي والانهيار المؤسسي لهذه الدول مدنيا واقتصاديا وعسكريا …. الخ وليس هناك من هم اكثر حبا للاحتراب من أخواننا الإسلاميين كونهم الى الجنة شهداء !!
لعل القارئ هنا يتساءل عن الأدوات التي تمت الإشارة إليها في بداية هذا الرأي , ولعلي لا أكون مجافيا للحقيقة ان قلت ان هناك أدوات كثيرة ولكن أهمها هو بعضا من الأطياف السياسية المشكلة لهذه المجاميع الجماهيرية والتي رأت في هذا المشروع الغربي فرصة لها واعتقدت أنها ستلعب على السياسات الغربية في تقاطع المصالح , ولم تدرك ان الوصول الى السلطة قد يتقاطع مع الغرب في إسقاط نظام ولكنه لا يتقاطع في تدمير بكل مقوماته المادية والبشرية ,
لقد أصبحت هذه القوى الداخلية وتلك الخارجية تلعب على بعضها وكل منها يعتقد انه يستطيع إنهاء اللعبة لصالحه , وتناسيا لعبة الشيوعية التي لعباها معا في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي آنذاك’ وهم حاليا يلعبان لعبة العالم الجديد الذي يراه كل منهما برؤية مختلفة , في حين يدفع ثمن هذه اللعبة الشعوب العربية عموما وتلك المجاميع الجماهيرية في الشوارع خصوصا .
وهناك أدوات مساعدة كثيرة منها قنوات إعلامية تم تربيتها من وقت مبكر وتهيئتها للقيام بدورها المسموم بعناية ودقة ومنها أيضا أنظمة عربيه ومؤسسات تعليمية وهيئات ما يسمى بالمجتمع المدني ناهيك عن مؤسسات دولية تحت مسميات مختلفة حقوقية ومدنية وصحفية … الخ كلها نراها تلعب أدوارا مختلفة في لعبة ما يسمى الثورات العربية ( العالم الجديد ) سواء أدركت ذلك او لم تدركه , فهذا لا يدلل على غبائها بقدر ما يدلل على ذكاء الأخر !!!!
ليتأكد لنا في الأخير اننا لا نعيش في ربيع عربي بقدر ما نعيش في منعطف تأريخي اذا لم نعي فصوله وأهدافه ومخططاته فإننا سوف نخرج منه ونحن اسؤ مما كنا عليه قبل قيام الثورات العربية ليست الحالية وإنما القديمة طبعا …
Alahdal4@gmail.com