الخ?ْطة البديلة
إعتمدت الدول الإستعمارية في القرنين الماضيين على جيوشها الجرارة لإخضاع الوطن العربي لإرادتها التوسعية والإستغلالية حيث انتهى هذا الإحتلال المسلح بإحتلال آخر مقنع أي بدون إستخدام للجيوش منذ خمسينيات القرن الماضي بل تم إستخدام عوضا?ٍ عنها أنظمة ت?ْدين بالولاء للغرب وتنفذ سياساته في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والعسكرية وغيرها ? بإستثناء نظام أو نظامين وفي أزمان مختلفة وظروف سياسية متقلبة فرض عليهما حصارا?ٍ إستثنائيا?ٍ إلى أن هبت ثورات الربيع العربي الشاملة ورفعت الستار بشكل كلي ونهائي عن كل الأنظمة العربية بما في ذلك تلك الأنظمة الملكية المستبدة التي مازالت تحاول جاهدة العمل على قمع الثورات العربية في الدول الأخرى حتى لا تصل إليها.
ومن المعروف بأن الغرب ظل يستعين من أجل إستمرار حياته الإقتصادية بمخرجات ما يفيضه الشرق لاسيما الوطن العربي من المواد الخام الرخيص والسوق الإستهلاكية والمواقع الإستراتيجية وغيرها بل أنه علاوة على مده شريان الحياة للغرب ? حمل رسالة إنسانية وثقافية عالمية خالدة وهي الإسلام الذي يمكن من خلاله أن يتوحد العالم على منهجيته الإخلاقية والإنسانية مع إحترام التعدد والتنوع العرقي والطائفي لكل شعب من شعوب هذا العالم على حده.
وبما أن العالم قد تقاذفت به الأطماع بعيدا?ٍ عن أي وازع إنساني أو إخلاقي لذا ظل الوطن العربي رهينا?ٍ لردح?ُ من الزمن لمقدراته الهائلة المادية والإنسانية والأخلاقية مما جعل من الصعوبة بمكان أن يتم التخلي عنه من قبل الذين قاموا بإستغلال هذه المقدرات والإستفادة منها خلال الفترة الطويلة الماضية حتى وإن هبت فيه ثورات شبابية وشعبية هنا أو هناك تطالب بإسترداد الحقوق مالم تكن هذه الثورات متسلحة بالإيمان والإرادة الكاملة المستمدة من المعرفة الحقيقية بشرعية الحقوق الوطنية والجغرافية والتاريخية للأمة العربية بالإضافة إلى القناعات الجمعية والمعرفيه بأن هذا الوطن قد تم سرقته ونهبه من قبل القوى الظالمة وأذنابهم من الأنظمة العربية وبات لزاما?ٍ على أهل هذا الوطن العمل على إسترداد هذه الحقوق والإمساك بزمام قراراته الوطنية والسيادية.
وبما أن الثورات العربية الحالية قد عبرت عن هذه القناعات التي بات من الواضح أنه لا رجعة فيها ? بات على القوى الدولية المتنفذة أن تجد مخرجا جديدا?ٍ للإلتفاف على هذه الثورات وتجييرها لصالحها فقامت بتطبيق المثل القائل “وداو?ها بالتي هي الداء?ْ” ويتمثل هذا بالتعاون مع القوى الإسلاموية “السياسية” الطامحة للوصول إلى السلطة بأي شكل وبأي ثمن وذلك عن طريق إستخدام الشعار “الديموقراطي” ? الذي لا تؤمن به هذه القوى أصلا?ٍ ? الذي يمثل المنظومة الديمقراطية المطبقة في الغرب والتي لا يمكن محاكاتها في الشرق ولا تنطبق على حالات دول المنطقة العربية – في الفترة الحالية على الأقل – لاسيما في ظروف الدول العربية الثائرة التي لم تخرج بعد من ربقة المنظومات الديكتاتورية ولا يمكن في نفس الوقت لهذه الديمقراطية أن تقوم بسلق وسيلة سريعة للإنتقال السلمي للسلطة لأنها اي الديمقراطية ماهي إلا نتاج تراكم ثقافي وحضاري مديد له سماته وخصوصياته إلا إذا كان الهدف من هذا السلق هو الإلتفاف على الثورات العربية لتمكين قوى جاهزة على الأرض للإنقضاض على السلطة بإستخدام الشعار الديمقراطي ليس إلا وبإتفاق مع الأنظمة السابقة التابعة للقوى الأجنبية التي لا تزال تحكم حتى الآن ? بيد أنها مضطرة للخروج وتسليم السلطة بعد أن فقدت ما تبقى لها من شرعية بعد إنقضاض الشارع العربي عليها. وما المبادرة الخليجية في الحالة اليمنية إلا تعبيرا?ٍ واضحا?ٍ لما نذهب إليه في هذه العجاله حيث وقعت عليها القوى الإسلاموية المتمثلة بحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي تم تحضيره وسلقه في السابق من قبل نظام صالح نفسه وذلك لإستخدامه في مثل هذه الظروف الطارئة تحت رعاية إقليمية ودولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .
وهذا بالضبط ما يجري الآن كخطة بديلة وعلى قدم وساق في دولنا العربية من محاولات لنقل السلطة من الأنظمة الحاكمة السابقة إلى الأنظمة الإسلاموية المنبطحة للغرب كما حدث في تونس وليبيا ويجري محاكاة ذلك في مصر واليمن مع الفوارق الواضحة بينها وفقا?ٍ لما يميز كل دولة من خصوصية عن الدولة الأخرى.
bassethubaishi@yahoo.com