نجحت ثورة الشباب وإن طال انتظار النتائج!!
في اليمن طعم التغيير مختلف عن العالم? عاش الجميع آلام الحرب? وسئم المتقاتلون من المواجهات المسلحة? وبدأ الجميع يتوق إلى عودة الأمن والاستقرار ? لكن المشكلة التي لا تزال تؤرق الجميع أن كل فئة من المتصارعين تدعي أنها وحدها صاحبة الحكمة وأن الحل ينبغي أن يكون بشروطها هي..ولذلك لا يزال الناس في الشارع بين الخوف والرجاء? يعيشون حالة رضا عما حدث من توافق لكن هذا الرضا ممزوج باستنفار وترقب متخوف مما سيحدث في المستقبل الذي لا يزال يمثل علامة استفهام كبرى للجميع…
نعم? الجميع يريد أن يخرج من ورطة الحرب وما خلفته من مآس? ويريد أن يشهد نتائج التغيير الإيجابي في واقع الناس الاقتصادي والسياسي.. لكن الجميع يشعر بالمرارة لما أصاب هذا الوطن من قتل ودمار? ولا يزال معظمنا يبكي المنكوبين في حياتهم وأبنائهم وأموالهم ممن سقطوا نتيجة الحرب ويدعو إلى محاكمة كل القتلة من أي جهة كانوا? ولذلك فمهما كانت فرحتنا بإمكانية فرض التغيير إلا أنها فرحة ناقصة بوجود هذا الكم من دماء الأبرياء التي سالت في كل أنحاء الوطن بدم بارد ? وبهذا الدمار الشامل الذي لحق بكثير من المنجزات الوطنية التي تم بناؤها من خيرات هذا الشعب وستظل فرحتنا مشوشة حتى يعود لليمن وجهه المشرق وتأخذ القوانين والأنظمة مجراها على الجميع…
وإلى أن يكتمل التغيير لا بد أن نتفاءل بما تحقق إلى الآن بفضل ثورة الشباب? فمن أجمل نتائج الثورة التي بدأت تظهر في واقعنا أنها عر??ِت الوضع وكشفت حقيقته? وخلقت لدى الناس جميعا نوعا من الحذر ومحاسبة النفس ومراجعة السلوكيات وطرق معاملة الآخر ? وجعلت كل المسئولين يشعرون أنهم تحت المجهر وأن الفرصة لم تعد متاحة لممارسة أي نوع من أنواع الفساد? وبدأ كثير منهم يشعر أن يد الشعب قريبة من وجه كل من يحاول أن يمارس الفساد من خلال وظيفته مهما كانت قوته … الثورة قضت على شعور المسئولين بالعظمة وأصبحوا يحاسبون على تصرفاتهم مع الجمهور وصارت لديهم قناعة تامة أن الجمهور هو صاحب الكلمة العليا في بقاء المسئول على الكرسي أو إزاحته..
صحيح أننا لا نزال نعاني من بعض المسئولين الفاسدين الذين يخادعون الناس بالخطاب اللين ويظهرون استجاباتهم وتقبلهم لإصلاح الاختلالات في مؤسساتهم حينما يطالبون بذلك? لكن استجاباتهم لا تزال شفهية يطلقونها لتسويق أنفسهم واستمرار مصالحهم فقط ? ولا يمكن أن ترقى إلى مستوى التطبيق لأنهم يدركون تماما أن تطبيق النظم والقوانين لن يكون في صالحهم ولا في صالح أعوانهم وبالتالي تراهم يلبسون في كل يوم أكثر من قناع ويجندون أعوانهم لمحاربة من يشعرون أنه يملك الكفاءة لإحداث التغيير في هذه المؤسسات? ويستميتون لإبقاء أوضاع مؤسساتهم كما هي حتى يستمروا في الفساد والإفساد متجاهلين أن الشعب لم يعد قادرا على التحمل? وأنهم يحفرون قبورهم بأيديهم وأن كل خداعهم مكشوف لأن الشعب اليمني عرف طريقه? ولن يتراجع..
لا بد لكل مسئول من أي حزب وفي أية مؤسسة عامة أو خاصة أن يراجع حساباته? وأن يضع في باله أن أداءه وتعامله مع الجمهور هما معيار سلامته? وعليه ألا يركن إلى بطء دوران عجلة التغيير في بعض المؤسسات? فكل مسئول لا يزال يظن أنه قوي سيسقط إن بقي بعيدا عن تغيير مفاهيمه عن واجباته ? وليعلم مثل هذا أن المستقبل ليس مستقبل اللامبالاة باحتياجات الناس? ولا مستقبل قهر الضعفاء? ولا مستقبل عدم الشفافية? بل هو مستقبل الحق ودولة النظام والقانون? وسيفرض الشعب اليمني ما يريد مهما طال الوقت..
ولنرفع ثمار الثورة إلى مستوى التوقعات ينبغي علينا جميعا وعلى كل من ينتمي إلى مؤسسة يديرها مثل هؤلاء المسئولين الفاسدين أن نكشفهم ونحاصرهم بالقانون من كل الجهات حتى يستجيبوا للنظم والقوانين ويطبقوها أو ينسحبوا من مؤسساتنا غير مأسوف عليهم..
[1] أستاذ المناهج وطرائق التدريس المشارك بجامعة صنعاء