بقلم / حميد دلهام
قديما قالها الأجداد … صدحت بها حناجرهم ، وانتظمت بها أهازيجهم ونغماتهم، وتعالت أصواتهم ،، إنها تلك العبارة الجميلة والمعبرة ( طلع البدر علينا) و هم يستقبلون خير خلق الله، و يصطفون في صفوف منتظمة لاستقبال موكب النور والهدى ، و المبعوث رحمة للعالمين..
ذلك الشرف العظيم والمنقبة الفريدة ، ليست بمهب ريح ، وما كان لها أن تكون في متناول عرابيد رعاديد ككفار قريش ، و أوباش مكة، الذين أصروا على مقارعة الحق، ومعاندة ومحاربة رسول الهدى والحق، وآخر سفراء السماء إلى الأرض ، بل لم يكتفوا بذلك ، فقد حاولوا قتله أو سجنه أو إخراجه من بين أظهرهم، وهو ما حدث بالفعل ، حتى كانت الهجرة النبوية المباركة ، يقول سبحانه وتعالى ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله و الله خير الماكرين )..
لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة مهاجراً الى ربه، غادر مكة بعد أن بلغ به أذى أهلها وتكذيبهم له ومحاربتهم لدينه ولدعوته حداً لا يطاق، غادرها و هو يقول أو معناه ( والله انك أحب البقاع إلي ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)..
تلك هي مشاعر رسول الله وهو يغادر مكة ، حزن وأسى ، و آلام فراقٍ و بعدٍ عن أحب البقاع الى قلبه، هذا من جهة ، ومن جهة إخرى كان صلى الله عليه وآله ، يشعر بحزن إضافي ، وحسرة كبيرة، لأن أهل مكة الذين هم قومة، يفرطون في شرف عظيم، ويرفضون هدية إلهية لا تقدر بثمن ، لقد رفضوا أن يكونوا أهل الفضل الأول في إحتضان وتقديم خير رسالات السماء، وأفضل وآخر أديانها القويمة..
بالتأكيد لم يكونوا أهلاً لذلك..بإستثناء من أراد الله بهم خيرا، من آل رسول الله، وأكابر الصحابة من المهاجرين، الذي حذوا حذوه..وخرجوا وهاجروا من مكة، كما هاجر هو عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام ، ذلك الفضل كان له أهلٌ آخرون، و قومٌ مغايرون، و أصحاب سبقٍ مرموقون ، قومٌ بسطاء ، ولكنهم من الكرم والسخاء بمكان ، حتى قال عنهم رب العزة والجلال ( يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على انفسهم ولوكان بهم خصاصة)…
إنهم الأنصار قومٌ يمانيةٌ أقحاح، أختصهم الله بذلك الفضل العظيم دون سواهم ، فكانوا خير أهلٍ لرسوله الكريم ، وكانت دورهم وبلادهم خير دار استضافت رسول الله وآله وأصحابه من المهاجرين ، دارٌ آستهم و واستهم ، و أنستهم كل آلام فراق الأهل ، وغربة الدار والأوطان بعد مغادرتهم مكة.. ويكفيهم من كل ذلك محبة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لهم ، حتى أنه خاطبهم بقوله أو ما معناه ( المحيا محياكم والممات مماتكم، لو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار)
اليوم وكأن التاريخ يعيد نفسه، فما من شعب على وجه الأرض يحتفل بمولد رسول الله، و يفرح بهذه المناسبة الدينية العزيزة والمنسية من قبل قطاع اسلامي عريض..كما يحتفل الشعب اليمني، وما من حراك شعبي وتجمع انساني مشهود على وجه البسيطة سيعقد احتفاءً بهذه المناسبة ، كما ستشهده ساحة الاحتفال بالمناسبة في العاصمة صنعاء…
إنه شعب الإيمان والحكمة، شعب كثيرا ماكان محط ثناء ومحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،، شعب سيظل يبادل نبيه الكريم الوفاء بالوفاء ومشاعر المحبة بمثلها..وكلما لاح هلال ربيع الأول من كل عام..راح شعب الايمان يردد بلسان الحال والمقال( طلع البدر علينا )…..