“الحكومة الجديدة.. بعشرين ريال
(1)
قبيل الانتخابات الرئاسية 2006م كنت حاضرا ندوة أقيمت في مركز البحوث والدراسات بالعاصمة صنعاء حول البرامج الانتخابية? وفي الندوة تحدث مدير مكتب رئاسة الجمهورية علي الآنسي عن اختلاف الواقع والتنظير ومما قاله إنه أعجب مرات كثيرة بتصريحات ومداخلات بعض الأكاديميين فساهم في دعمهم لتولي مناصب حكومية? وتمر فترة بسيطة وإذا المسئول الجديد والمنظر سابقا يعمل بعيدا كل البعد عن ما كان يطرحه في وسائل الإعلام والندوات والفعاليات? وصار بحاجة ماسة لمن يذكره بأقواله وأوراق عمله? حد تعبيره..
تذكرت كلام الآنسي وأنا أتابع ردود الأفعال المتباينة حول حكومة الوفاق الوطني برئاسة الأستاذ محمد سالم باسندوه حيث لاحظت أن أغلب التعليقات كانت تقف عند السيرة الذاتية للوزير المعين ومقارنة تخصصه بالحقيبة التي أسندت له? وللأسف كثيرون أصدروا على ذلك أحكاما? هذا الوزير سينجح وهذا سيفشل!!
من الصعب الحكم على نجاح أو فشل الوزراء الجدد? ولابد من مرور فترة كافية كي يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود? فكثير من الوزراء الذين أطلق عليهم “تكنوقراط” في حكومات سابقة توقعنا لهم نجاحات باهرة واتضح أنهم أفسد الناس و”يقرطوا” الموازنات والقروض لا غير? ووزراء لم نعر لهم بالا واكتشفنا بالأخير أنهم ناجحون جدا وعلى قدر عال من المسؤولية والوطنية..
التخصص مطلوب لكنه ليس كل شيء فهذا الدكتور غازي القصيبي – رحمه الله- دكتوراه في العلوم السياسية وشاعر وأديب? وتولى حقيبة الصحة في المملكة العربية السعودية وكان من أنجح من أدار هذه الوزارة? ومثله كثر في أماكن مختلفة وبلدان متفرقة? ولو اشترطنا التخصص في كل منصب فهل ثمة تخصص رئاسة الجمهورية?!
نجاح أي وزير مرهون بقدرته على اتخاذ القرار الصحيح ثم التأكد من تنفيذه? وللوزير الراغب في العمل والنجاح مستشارون وإدارات عامة ومكتب فني يغنوه عن التخصص? أهم شيء يكون صاحب قرار ويجيد الإدارة حيث مشكلة البلد هذا الفن منذ زمن? والوزير الذي سيكون عاجزا عن ممارسة مهامه واستخدام صلاحياته واتخاذ القرار وتنفيذه لأي سبب كان الأولى له أن يقدم استقالته ويجلس في بيته? ولا يرمي فشله على الآخرين.
(2)
بلا شك تقع على وزراء أحزاب المشترك وشركائه مهام كبيرة وتنتظرهم قرارات مهمة? إذ لا مجال للفشل بالنسبة لهم أو هكذا يفترض.. عليهم أن يثبتوا جدارتهم وأن يرضوا شباب الثورة في ساحات الحرية والتغيير? وهذه المهمة العويصة باعتقادي..
فهذا وزير الداخلية اللواء الدكتور عبدالقادر قحطان رغم أنه مشهود له بالنزاهة والكفاءة? لن يكون ناجحا بنظر الشارع اليمني إذا استمر “قيران” مديرا لأمن تعز.. وجهود وزير الإعلام رهن بقاء “الردمي” في موقعه ومؤتمرات عبده الجندي الصحفية? وإذا صحت الأنباء التي تحدثت عن أول قرار لوزير الإعلام الأستاذ علي العمراني وهو منع الجندي من التحدث باسم حكومة الوفاق الوطني فهذا يدل على ذكائه.. ولن يشفع المواطنون لوزير الكهرباء الدكتور صالح سميع إذا استمرت الاطفاءات الكهربائية وظل جامع الصالح لاصي 24 ساعة? وقس على ذلك بقية الوزراء.
(3)
اليوم التالي لإعلان تشكيلة حكومة الوفاق كان طفل في إحدى جولات العاصمة قد صور أسماء الوزراء في ورقة واحدة ليطلب الله ويبيعها على المارة وركاب الباصات لأن أعداد الصحف تستنفد ذلك اليوم كالمعتاد? وكان الطفل يصيح بأعلى صوته: “الحكومة الجديدة.. بعشرين ريال”? “اقرأ.. ثلاثين وزير بعشرين ريال”!!
(4)
طالما لا يوجد نائب رئيس وزراء ويستحال أن يكون باسندوة حاضرا جميع اجتماعات مجلس الوزراء ولهذا سيرأسها أحيانا أكبر الوزراء سنا.. حزب الإصلاح حكيم إذا?ٍ في اختيار وزير العدل القاضي مرشد العرشاني.. ولو أن حزب المؤتمر كان ذكيا لتنبه لهذه النقطة ورشح “مقصع” وزيرا للاتصالات!!
(5)
الوزراء الذين يحسدون فعلا هم وزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى رشاد الرصاص? ووزيرا الدولة عضوا مجلس الوزراء أحمد شرف الدين وشائف صغير..
حصلوا على درجة وزير واثنين صوالين? ويتصوروا كل يوم ثلاثاء ومكافآت بالملايين وسفريات و… ومافيش عمل.
(6)
من الطرائف المتداولة أن باسندوة ذهب إلى عرافة بباب اليمن بعد أداء اليمين الدستورية لقراءة حظه فكانت قراءتها على النحو التالي: احتمال تصاب بجلطة أو الجنون من هول الأزمة القائمة? اثنين وزراء سيموتوا وثلاثة سيقدموا استقالتهم? وواحد سيتزوج أربع وآخر سيعمل لكم فضيحة.
(7)
وزارة لحزب بعث العراق? ووزارة لحزب بعث سوريا.. يالها من عدالة يمنية!!
(8)
بالأخير.. أمنيتي أشوف حكومة يمنية بدون وزير إرياني!!
المصدر: صحيفة “اليمن
* رئيس تحرير صحيفة “الناس”