الشراكة في السلطة
أخيرا?ٍ شرع الفرقاء السياسيون في تنفيذ اتفاقية الرياض? الاتفاقية التي سعى إليها “الرئيس علي عبد الله صالح” لتكون المخرج المشرف له من الحكم? فإذا كانت الاتفاقية تعد المخرج الذي رسمه “الرئيس علي عبد الله صالح”? فإنها في ذات الوقت تعد المخرج وطوق النجاة لأحزاب اللقاء المشترك? خاصة وان الأفق السياسي لكل الفرقاء السياسيين قد أحكم حول الحل الوحيد “المبادرة الخليجية”.
من هنا كانت التنازلات المقدمة من أحزاب اللقاء المشترك لجذب “الرئيس علي عبد الله صالح” للتوقيع علي المبادرة بهدف الوصول إلى نزع الصفة الدستورية عنه? وإن كانت تلك التنازلات قد قدمت على حساب شباب الساحات وعلى حساب شهداء الثورة? ووضعت الاتفاقية شرعنة لموازين القوى لصالح النظام ? على أن حالة الضنك والجور السياسي والاقتصادي الذي يعيشه أبناء اليمن منذ 10 أشهر قد دفع بالجميع للقبول بالاتفاقية وآليتها التنفيذية? كما أن الاتفاقية تعد كذلك مخرجا?ٍ ينقذ اليمن من الصراعات المسلحة والمواجهات الغير محسوبة العواقب إذا ما تفجر الوضع لا سمح الله? إذ يصعب على الثورة تحقيق أي هدف من أهدافها إذا ما بقي “الرئيس علي عبد الله صالح” وسقطت البلاد في حرب أهلية لا يعلم مداها إلا الله? لذا فإن أي اتفاق سياسي يفضي إلى تحقيق الهدف الأول للثورة يعد انجازا?ٍ محسوبا?ٍ للثورة وللثوار.
إن مرحلة التطبيق للمبادرة والآلية التنفيذية المتفق عليها تعد أهم من مرحلة الاتفاق? فالكل شركاء في المرحلة المقبلة? وأي فشل في تطبيق الاتفاق يجر نفسه على الجميع دون استثناء? على أمل أن يدرك الفرقاء السياسيون أن ما يعاني منه اليمن من متاعب وأزمات هو ما جمعهم بكل تناقضاتهم حول طاولة واحدة? والكل في الداخل والخارج يعلمون أن هناك تحديات جمة وكبيرة تواجه السياسيين في اليمن? وأن أي طرف سياسي يحاول أن يلعب على المتناقضات سوف يعري نفسه? خاصة من أضحوا في السلطة اليوم? فالوقائع المستمدة من التحالفات السياسية تشير إلى أن هناك توجها?ٍ واستمراء?ٍ في خلق الأعذار والأسباب الواهية للتهرب من المسؤولية.
من هنا نرى أن الأهمية تقضي فرض رقابة شعبية ورقابة شبابية ? ورقابة إقليمية ودولية تضمن تنفيذ المبادرة الخليجية ? وتضمن استمرار الضغط على كل ” الفرقاء السياسيين” لتحقيق أهداف الثورة ? خاصة وأن النتائج السلبية في حال عدم التنفيذ الجدي للمبادرة ستؤثر بشكل كبير على اليمن .
ومن المهم ألا يتناسى السياسيون بعدما وقعوا على المبادرة الخليجية أن المرحلة التي خاضوها طوال الأشهر القليلة الماضية ليست بصعوبة المرحلة المقبلة ? وأن يدرك كل الساسة بمختلف أطيافهم السياسية والاجتماعية والفكرية أن إعادة بناء ما د?ْمر في بلادنا هي مسؤولية مشتركة يضطلع بها كل أبناء اليمن ? فمرحلة إعادة بناء الاقتصاد المنهار يعد من الصعوبة ما يجعلنا ننظر إليه كتحد?ُ أكبر من تحدي تحقيق هدف تغيير النظام.
ويجب أن يتذكر السياسيون في كل مراحل تنفيذ اتفاقية الرياض آلاف الضحايا الذين سقطوا بين شهيد وجريح في سبيل الوصول إلى تحقيق حلمهم بالدولة المدنية الحديثة ? دولة المؤسسات والنظام والقانون? وأن التضحيات التي قدمها أبناء اليمن لن تذهب هدرا?ٍ إذا بني يمن جديد وقوي ? وعلى السياسيين أن يعوا بأن المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة شراكة وتكامل ? لذا اذكر بما سبق وان سقته في مرحلة مبكرة من أهمية التأسيس للشراكة والعمل على خلق ثقة متبادلة بين جميع الشركاء في العمل السياسي ? على أسس من الشفافية المطلقة المتسمة بالوضوح ? والعمل الجاد المخلص من اجل الوطن ? وجعل الشراكة وسيلة للنهوض بالعمل السياسي بهدف البناء المؤسسي ? وعدم اتخاذ الشراكة السياسية وسيلة الغاية منها الوصول إلى السلطة فقط ? وأن يؤمن كل الفرقاء السياسيين أن الحوار هو المدخل الايجابي الذي من خلاله? لابد أن يتم وضع حد للخلافات وتقريب وجهات النظر في هذه المرحلة ? مع أهمية التزام الشركاء بالدستور والقانون ? والتزامهم جميعا?ٍ بعدم التنصل من مسؤولياتهم تجاه الشراكة التي ارتضوها ? وأن يتقوا الله في هذا الشعب العظيم .
إن هذه المرحلة تعد مرحلة استثنائية ارتضاها الفرقاء السياسيون وتوجب معها إعادة صياغة وتفسير المبادئ والمفاهيم الديمقراطية المتعارف عليها ? إذ أصبحت “السلطة والمعارضة ” اليوم طرفا?ٍ واحدا?ٍ يمسك بالسلطة ? من هنا يجب عليهم إيجاد البدائل والمعالجات للصعوبات التي ستواجههم وأن لا يخضعوا تصرفاتهم وقراراتهم للتأويل والتفسير المستمد أسسه من القاموس السياسي الديمقراطي ? بل عليهم تكييف المفاهيم التي تنسجم مع أسس التوافق السياسي وتنسجم كذلك مع واقعنا المعاش بنوع من التفاعل المتواصل المستجيب لحاجة الإنسان اليمني إلى الاستقرار والبناء والتطور.
يعلم الجميع أن خروج الرئيس علي عبد الله صالح من السلطة بأي صيغة لن يسقط ” ثورة التغيير والإصلاح” ? فالثورة ستستمر في الساحات? وسيراقب الجميع تطورات المرحلة? وعلى أحزاب اللقاء المشت