م?ِن الذي ي?ْدير المعركة العربي?ة?!
منذ الشهر الأخير من العام الماضي? ونحن نشهد معارك جابت العالم العربي من المغرب إلى المشرق? ومن الشمال إلى الجنوب? اشتركت كلها في عدة صفات? أولها: أن هناك أ?ْناسا?ٍ ك?ْث?ْر نزلوا إلى الشارع? وثانيها: أن هناك تدخلات خارجية خطيرة وهائلة قد دخلت الساحة أو اصطفت استعدادا?ٍ للدخول? وثالثها: انتشار حالة من الفوضى والارتباك? ورابعها: انتصار التيارات الدينية.
في تونس ثار الناس انتقاما?ٍ لمحمد البوعزيزي? ليس لأن مسؤولة في البلدية أو شرطية قد صفعته على وجهه? وليس لأنه أحرق نفسه? بل لأن هؤلاء الناس كانوا قد شم?روا عن سواعدهم منذ زمن للاحتجاج? ولكنهم كانوا ينتظرون إطلاق صافرة البداية. وتحر?ك الجميع دون تنسيق بين الأطراف ليتحد?وا السلطة التي كانت تعاملهم بكل أنواع القسوة? لذلك رأوا أن أي تراجع? على أية صورة? يعني انتهاء الثورة? وبالتالي العودة إلى الخذلان والتعر?ض لمزيد?ُ من الظلم? إلا أن حالة من الفوضى قد سادت? ولا تزال? رغم الانتخابات التي جرت والتي أدت إلى انتصار التيار الإسلامي.
إذن الذي أدار معركة تونس هو مجمل الغليان? ومجمل القهر? ومجمل القمع? إضافة إلى أن النظام لم يستطع أن يتعامل مع الحراك المعارض لأن هذا النظام كان يعيش في وهم القلعة التي لا يمكن اقتحامها. ومع كل الحرص الذي أبداه التونسيون? إلا أن الأطراف الخارجي?ة لا تزال تنتظر المناسبة للاستيلاء على الثورة أو على جزء?ُ منها على الأقل.
وفي مصر اندلعت الحركات الاحتجاجية? دون تنظيم أيضا?ٍ? ودون تخطيط? فكان كل الهم? م?ْنصب? على تفكيك النظام القديم? دون الالتفات إلى ضرورة بناء النظام الجديد? فاندفع الناس في فوضى كبيرة? وتصد?ى النظام للناس على أساس أنه لا يجوز الخروج عليه? وأن من في الشارع هم عبارة عن أناس مارقين على القانون وخارجين عن المنطق. وأ?ْجريت انتخابات أيضا?ٍ? حقق فيها الإخوان المسلمون مكاسب لم تكن متوقعة? ولم يكن الوصول إليها ممكنا?ٍ لو استمرينا بقراءة مكونات القوة للنظام السياسي السابق? إلا أن اللافت للنظر أن الدول الكبرى بدأت تستعد للدخول إلى مصر.
وفي ليبيا أدار المعركة خمسة أطراف? هم: القذافي وقواته? وسيف الإسلام وبقايا الداعمين لحكم أبيه? والجامعة العربية? وقوات الثوار القادمين من الشرق? وعلى رأس الجميع دول حلف شمال الأطلسي? وهناك أطراف خ?ِفي?ة فيها الجاسوس الصهيوني فرام حداد? والعصابات الإرهابية المنظمة التي يقودها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي.
أما اليمن? فقد ظهر أن الذي يدير المعركة هم أربعة أطراف? قوات علي عبد الله صالح? وقوات المعارضة? ودول مجلس التعاون الخليجي? بينما تمث?ل الطرف الرابع في مجلس الأمن الذي بدأ ي?ْطل? برأسه استعدادا?ٍ للدخول إلى أرض المعركة انتصارا?ٍ للمصالح الأمريكية والأوروبية.
أما في سوريا فإن هناك أطرافا?ٍ لا حصر لها ولا عد?? كل?ها تد?عي أنها صاحبة الحق في القرار? ومنها النظام المحمي بالانتماء والولاء من قبل العسكر ورجال الأمن? والمعارضون الجدد والقدامى المدعومون من الغرب?ِي?ن الأمريكي والأوروبي? بل وإن بعضا?ٍ من الدعم قادم من إسرائيل? وجامعة الدول العربية التي تورطت في حالة من الارتباك عندما تنازعتها سياسات عربية مختلفة? وعندها خ?ْشي أن تنزلق في الخطأ الجسيم? كما جرى في العراق وليبيا. وهناك أيضا?ٍ إيران وحزب الله وآخرون تجمعهم عقائد فكرية وسياسية وإستراتيجية مع سوريا. وهناك كذلك روسيا والصين وما اتخذاه من مواقف تندرج تحت مسمى المشاركة الفاعلة في النزاع. كما تلعب تركيا أدوارا?ٍ متعددة الوجوه والملامح.
وفي لبنان مجموعة من المعارك? إن أردت أن تعرف من هي الأطراف المشاركة فيها? فعليك قبل كل شيء? أن تتعلم فنون التنجيم وضرب الودع? حيث ترى الفرنسيين والأمريكان وإيران وتركيا والسعودية وسوريا? والأمم المتحدة والمحكمة الدولية وبعض العرب وغيرهم الكثير.
المعركة العربية يديرها الكل? إلا أن العرب الذين اكتفوا بأن يكونوا لاعبين لأدوار ثانوية لا تتجاوز دور الكومبارس لا كمثل غيرهم? وكأن الأمر يجري في فنزويلا أو هاييتي.
الراي