ماذا يريد الشعب من حكومة الوفاق?!!
الناس في اليمن متفائلون بقائمة اللجنة العسكرية? فعلى الأقل لم ي?ْعرفوا بإثارة الزوابع بين الفرقاء? وليس فيهم – على ما أظن- من استخدم سلطته لقهر الضعفاء? ونأمل أن يكونوا مع الوطن عند تنفيذ مهامهم العسكرية المنتظرة? وأن يعتبروا مهمتهم اختبارا لقدراتهم على الحوار والتشاور وتجاوز الخلافات واتخاذ قرارات تضع اليمن فوق كل اعتبار? وأن يعملوا على تثبيت الحق والعدل الذي يرضي الله والوطن? وإذا كان ذلك معيارهم فسيرضى عنهم جميع الناس حتى المتشددين في هذا الوطن سوف يرضون لأنهم لن يجدوا ما يبرر تشددهم? ودائما العدل ينصر الحق ولا يؤذي أحدا …
وبعد إعلان أسماء اللجنة العسكرية بدأ الأمل يصحو وبدأ الناس يتطلعون إلى أن تقوم حكومة الوفاق الوطني بتطبيق معنى الوفاق وفق معايير وطنية حتى لا تكون حكومة (طلاق وطني بدلا من وفاق وطني) على رأي أخي (أحمد غراب) ..
الحقيقة أن وزراء حكومة الوفاق الوطني سوف يخوضون تجربة صعبة لا يحسدهم عليها أحد? فليست الحالة مهيأة ليفرحوا بالمناصب كما يتوقعون? ولا مكاتب الوزارات مهيأة لجعلهم يستمتعون? بل على العكس من ذلك ? فالذي يقدر المسئولية منهم لا شك سوف يتعوذ بالله من شر ما ينتظره من صعوبات? وسيشعر أن هذا المنصب لم يعد منصب تشريف كما كان لكثير من الوزراء? بل هو منصب تكليف ثقيل إما أن يتحمله وينهض? أو ينكسر ظهره تحت حمله ويتوارى… العمل المنتظر من هذه الحكومة شاق ومرهق للعقل والجسد? والجميع يشفق على الوزراء إذا لم يكونوا على قدر هذه التحديات? ولذلك فالناجح في هذه الحكومة هو ناجح في الحكومات القادمة? والفاشل فيها سيحترق وسينعكس فشله على شخصيته وعلى حزبه في المراحل القادمة…
حكومة الوفاق الوطني حكومة محصورة بين فكي كماشتين حادتين لن تنجو منهما إلا بإرادة وطنية صادقة وهمة قوية? وتجرد من كل الضغوط الحزبية ودعم حقيقي من أصدقاء اليمن? الحكومة الانتقالية تنتظرها كماشة توقعات الشعب التي تمثل نارا هادئة تنذر ببركان جارف قد يكتسح كل شيء في اليمن وتمتد نيرانه خارج اليمن إن خاب ظن الجماهير –لا سمح الله- وفشلت حكومة الوفاق الوطني في توفير الخدمات الضرورية? وفي المقابل تساند كماشة التوقعات كماشة الإمكانات المحدودة? التي لن تكون مساعدة على النجاح في تلبية توقعات الجماهير إلا إذا تم دعم اليمن لحل أزمات الأمة الاقتصادية وبالذات بعد الدمار الشامل الذي أصاب البلد بفعل الحرب وبفعل المستفيدين من الحرب..
ولذلك فهي حكومة الإنقاذ الوطني السريع ? وعليها أن تنجح في مهامها ? ولا مجال لديها للحديث عن مبررات للتقصير? ومكتوب عليها أن تتعامل مع التحديات التي خلفتها الأزمة من أول يوم لها? وعليها أن تتحمل العمل في الظروف الصعبة? وعلى وزرائها أن يمسحوا من قاموس حياتهم ساعات الراحة والاستجمام? وأن يبقوا في حالة طوارئ حتى يعيدوا حياة الشارع إلى طبيعتها ? ولتعرف هذه الحكومة أنها ستكون محل رقابة الشارع في كل الأوقات? والشارع لن ينتظر مزيدا من التسويف والشعارات البراقة? الشارع اليمني لن يتقبل أي خداع بعد اليوم? وليس أمام الوزراء إلا العمل الجاد حتى وإن كان بعضهم قد خبر الوزارة في العهد السابق واعتاد على الهروب من بعض الواجبات حينما يشعر بالضغط? فإن المطلوب منه اليوم غير الأداء السابق حتى يظل آمنا? ويقدم نموذجا جيدا للحزب الذي ينتمي إليه? فلا وقت للهروب ولا مجال للكلام عن الإنجاز قبل ظهوره في واقع الناس…
الناس يتوقعون من حكومة الوفاق الوطني أن تظهر أداء سريعا في حل مشكلات الشارع? وأن تكون البداية من توفير الخدمات الضرورية كالكهرباء والمياه والمشتقات النفطية والتعليم والصحة? مرورا بإعادة أسعار السلع إلى ما كانت عليه قبل الأزمة ? ثم البدء في إعادة إعمار ما تدمر? وتشغيل الشباب في إعادة البناء…
الشباب اليمني يعانى كثيرا من البطالة? ومن الفراغ القاتل? وأظن أن الساحات قد لعبت دورا جيدا في التنفيس عن الشباب? ولولا وما توفره للشباب العاطل من مساحات للتعبير عن الرأي وتفريغ الطاقات لكانت الجريمة قد دمرت ما تبقى من أمل في أمن البيوت والعائلات… فعلى الحكومة ألا تطالب الشباب بترك المسيرات والمظاهرات قبل أن توفر لهم فرص عمل تؤمن لهم معيشتهم.. ولاشك أن توفير فرص العمل للشباب هي الوسيلة الوحيدة لاستثمار طاقات الشباب في بناء الوطن وإبعادهم عن ساحات الاحتجاجات والمشاغبات… ولذلك فسيكون على الحكومة هذه أن تبدأ العمل الفعلي وتنفذ ما يصلح حياة الناس وتكف عن الكلام وكفى..
[1] أستاذ المناهج وطرائق التدريس المشارك بجامعة صنعاء
—
الأستاذ المشارك في مناهج اللغة العربية وطرائق تدريسها بكلية التربية جامعة صنعاء -رئيس قسم مكتبة مركز النوع الاجتماعي والتنمية