فرحة?َ لم تكتمل
أذكر أنه وقبل أربعة أشهر تقريبا?ٍ عرض علي??ِ أحد الإخوان صيغة اتفاق بين مؤسسته وهيئة يمنية مقرها أمريكا لإبداء ملاحظاتي حوله , وبعد قراءتي لتلك الإتفاقية وجدتها غامضة ومبهمة ولا تلبي طموح ورغبة صديقي فما كان مني سوى القول له : إن هذه الإتفاقية تشبه المبادرة الخليجية – قاصدا?ٍ الغموض ومجال التأويل في تفاصيلها – والآن وبعد مخاض عسير وولادة أممية تم التوافق على المبادرة الخليجية بثوبها الجديد وآليتها التنفيذية المزمنة بعد إزالة الغموض واللبس وإغلاق باب التأويل والتكهن والتفسير .
لحظات انتظرها المواطن المنكوب بساسة لا يرحمون ولا يتركون الرحمة تنزل , يتصارعون ولا يحسون , لحظات وقفت معها دق??ِات قلوب الملايين من أبناء اليمن وهم يتابعون ويترقبون ساعة الصفر التي يفتح فيها الرئيس قلمه الم?ْو?ِق??ِر ليضع توقيعه السامي على وريقات المبادرة وما تلاها من تواقيع ممثلي طرفي النزاع في البلد وشركائهما والحلفاء .
ليلة سعيدة أمضاها اليمانيون – أو الأغلب منهم – يتراقصون ويبتهجون بالألعاب النارية والرصاص الحي وبرزوا إلى الشوارع ليس حبا?ٍ في طرفي النزاع ولا تعاطفا?ٍ مع أحدها فمما لا خلاف فيه أنه لا الوطن ولا مصلحة المواطن هما ما يهم الطرفين , فالشهور العشرة أظهرت حجم اللامبالاة بمعاناة المواطن والمخاطر التي تتهدد الوطن , لكن المجتمع اليمني لم يكن يأمل بالتوقيع المستقبل الأفضل والحياة الرغيدة واللقمة الهني??ِة من الأحلام والأوهام التي لا وجود لها سوى في مخيلات الساسة وعلى صفحات برامجهم ووعودهم الإنتخابية , لكنه كان يأمل العودة للوراء عشرة أشهر ( ما قبل تفجر الأزمة ) فقد كانوا يتوقعون :
· أن الكهرباء لن تنطفئ بعد الآن .
· الطرقات ستخلوا من التقطعات والنهب .
· دبة البترول ستعود لقيمتها بألف وخمسمائة ريال .
· الديزل سيتواجد في جميع المحطات وبسعره الأساسي .
· ستنتهي أزمة الغاز وسيتوفر بسعره المعتاد .
· كيس الدقيق سيعود لوضعه الطبيعي قبل الأزمة 3500 ريال .
· وايت الماء سيستعيد سعره 1200 ريال .
· الهدوء والسكينة ستع?ْم جميع المدن والمحافظات وعلى رأسها صنعاء وتعز .
· النازحون والمشردون سيعودون ديارهم المهدمة وما تبقى منها .
· الراكب سيدفع لوسيلة المواصلات الداخلية 30 ريالا?ٍ .
· مع إشراقة شمس اليوم التالي ستعود الحياة لطبيعتها فت?ْزال المتارس والتحصينات وحملة نظافة لكل مخلفات وآثار الحروب والصراع .
· مع فجر اليوم التالي ستكون النقاط الأمنية والعسكرية والقبلية قد عادت لقواعدها .
· الشعور بالأمان والعودة للمدارس والجامعات .
· ستتوقف حملات التعبئة والتحريض الإعلامي والشعبي .
لقد تفاجأ اليمانيون بالعكس من ذلك تماما?ٍ فيا فرحة ما تمت , وكأنك يا بو زيد ما غزيت فالحال كما هو إن لم يكن أسوأ :
· الكهرباء إنطفأت أكثر من ذي قبل .
· إشتباكات متقطعة وتوترات وإطلاق نار في مختلف المناطق والأحياء .
· ظهور مناطق تحصين وإنشاء متارس في شوارع وأحياء جديدة .
· مظاهرات ومصادمات وقتلى وجرحى .
· أزمة غاز .
· تفاقم مشكلة النازحين والمشردين .
· الشعور بالخوف والرعب .
· إستمرار التحريض والتعبئة الإعلامية والشعبية وخطبتا الجمعة في الستين والسبعين الجمعة المنصرمة كانتا مشحونتين بالتعنيف والتجريح .
ومع استمرار الحال على ما هو عليه : يا فرحه ماتم??ِت .