حادثة جامع النهدين.. ما أشبه اليوم بالبارحة!!
بعد ما يقارب ستة أشهر على وقوع جريمة جامع الرئاسة التي استهدفت حياة فخامة رئيس الجمهورية وكبار مسؤولي الدولة وهم يؤدون الصلاة في أول جمعة من شهر رجب الحرام فقد تم إحالة ملف هذه الجريمة البشعة إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية في حق مرتكبيها وكشف ملابساتها ومن يقفون وراءها تمهيدا?ٍ لمحاكمتهم.. باعتبار أن كشف ملابسات هذه الجريمة ومحاسبة مرتكبيها مطلب شعبي قبل أن يكون مطلب ضحايا هذه الجريمة وأولياء دم الشهداء الذين سقطوا فيها..
صحيح أن هذه الجريمة لم تحقق الهدف كما خطط لها وأراد منفذوها إلا أنها ألقت بظلالها على مسرح الأحداث في الساحة اليمنية والإقليمية والدولية..
وغي?رت وبشكل جذري قواعد اللعبة السياسية وحولت الصراع من صراع سياسي بين قوى سياسية وفقا?ٍ للنظام والقانون الذي ينظم ويحمي قواعد هذا الصراع السياسي إلى صراع دموي مسلح تجاوز جميع الحدود وفتح الباب على مصراعيه أمام القتلة والمأجورين وتجار الحروب لاستثمار مأساة الوطن وأوجاع الشعب والدفع نحو حرب أهلية طاحنة? لا يستفيد منها إلا أصحاب المشاريع الصغيرة وأعداء الوحدة والديمقراطية والحرية? بالإضافة إلى ذلك إن هذه الجريمة وما تبعها من أعمال قتل وتخريب وانتهاك لحقوق الإنسان وتدمير البنية التحتية من قبل الإخوان المسلمين عززت قناعة المجتمع الدولي بأن ما يجري في اليمن تجاوز حدود الاعتصامات السلمية والمطالب المشروعة وبالتالي فإن حل الأزمة اليمنية لا بد أن يكون بالحوار ووفقا?ٍ للمبادرة الخليجية للخروج بتسوية سلمية تضمن أمن واستقرار اليمن ووحدته حتى لا يتحول إلى تربة خصبة لتنظيم القاعدة والتيارات المتشددة مما يهدد السلام العالمي.
وكل ما يهمنا كمواطنين يمنيين أن يتم كشف المتورطين بهذه الجريمة ومحاكمتهم مهما كانت مكانتهم ليس لأن علي عبدالله صالح كان هو المستهدف الأول في هذه العملية الإجرامية? ولكن إظهارا?ٍ للحقيقة وحتى لا تصبح الاغتيالات السياسية والتصفيات الجسدية وسيلة للقضاء على الخصوم من أجل مصالح شخصية وحزبية هذا من جانب ومن جانب آخر حتى يعرف الجميع أن القانون
لا يستثني أحدا?ٍ.
وهنا تعود بنا الذاكرة إلى جرائم اغتيال ما زال مرتكبها مجهولا?ٍ رغم أن ضحاياها من أبرز قادة الثورة اليمنية 26 سبتمبر وهما الشهيد علي عبدالمغني الذي اغتيل في العام 62م في منطقة مأرب وبشكل غامض يثير العديد
من التساؤلات خصوصا?ٍ وأنه اغتيل بوجود صالح الضنين حارسه الشخصي الذي ما زال حيا?ٍ يرزق ومن كبار المعارضين للنظام اليوم.. والشهيد الآخر هو محمد
محمود الزبيري الذي تم اغتياله في منطقة برط ومن المصادفات العجيبة أن الشيخ عبدالمجيد الزنداني كان موجودا?ٍ إلى جوار الزبيري .
هذه المفارقات العجيبة تضع العديد من التساؤلات حول دور صالح الضنين في اغتيال علي عبدالمغني ودور الزنداني في اغتيال محمد محمود الزبيري خصوصا?ٍ
وأن علي عبدالمغني والزبيري كانا مع قيام دولة مدنية وهو ما يعارضه الزنداني والضنين حتى اليوم.
ولا نستبعد تورطهما أيضا?ٍ بحادثة جامع الرئاسة ومحاولة اغتيال علي عبدالله صالح رفضا?ٍ أيضا?ٍ لدولة مدنية حديثة تقوم على أنقاض أفكار ظلامية لا تؤمن بالحرية والديمقراطية والتعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد.
ما أشبه اليوم بالبارحة.. لقد ضرب مشروع الدولة المدنية الحديثة بالأمس? وتم اغتيال قادته الذين قادوا الثورة وحملوا الفكر التنويري المنفتح الذي يرسي دعائم المدنية ويعزز توجهاتها ويرمي بالماضي البائس الذي ظل جاثما?ٍ في الوطن لعشرات السنوات بعناوين الحكم الوراثي المستبد..
اغتيل قادة المدنية بالأمس بحضور ومباركة الرافضين لها? المتخفين خلف عمائم التنوير والعصرنة اليوم!..
علي عبدالمغني ومحمد محمود الزبيري قائدان بارزان من قيادات الثورة السبتمبرية كان يحملان فكرا?ٍ مدنيا?ٍ ومشروعا?ٍ حضاريا?ٍ يتجه باليمن نحو المدنية وبناء الدولة الحديثة بعناوين واضحة لا لبس فيها أو بهتان..? ولكن حكم عليهما دعاة الانغلاق ومن حاولوا وأد الثورة كثيرا?ٍ بالموت..
والتاريخ اليوم يعيد نفسه للواجهة ويكرر نفس الحدث بمحاولة اغتيال علي عبدالله صالح الذي حمل منذ تسلمه للسلطة في البلد مشروعا?ٍ حضاريا?ٍ يتجه باليمن نحو المدنية..
مفارقات عجيبة يشهدها التاريخ اليمني ويدونها بأحرف متشابهة وكلها تستهدف اغتيال المشروع الحضاري لليمن..
التاريخ يتكرر اليوم بنفس شخوص المشروع الماضوي الاستبدادي الذين عملوا على اغتيال المدنية في الستينيات..? يتكرر ويفضح سوء النوايا التي اختبأ
هؤلاء خلفها طيلة هذه السنوات..
التاريخ يتكرر ويعيد أحداثه إلى الواجهة ليفضحهم ويشهد ضدهم ويعريهم وكل ذلك بإذن الله سبحانه وتعالى..
وإن أغلقت ملفات الأمس فيقينا?ٍ لن تغلق اليوم ولن يستطيع مرتكبو جامع دار الرئاسة ممن يستهدفون اغتيال المشروع الحضاري لليمن من الهروب كما فعلوا
بالأمس.. فالأحداث قد تتكرر ولكن الوقائع تختلف تماما?ٍ..