السعودية تضخ ملايين الدولارت على الجامعات الأمريكية .. لمائا؟!
1563 يوم من العدوان على اليمن
شهارة نت – واشنطن
كشف احد المساهمين في صناعة الإعلام الأمريكي النقاب عن واحدة من أهم الاساليب التي تنتهجها السعودية للتغطية على جرائمها في اليمن، من خلال دعمها بملايين الدولارات لنحو 62 جامعة أمريكية.
واكد المساهم في صحيفة “نيويورك تايمز” مايكل سكولوف، أن المملكة السعودية تقوم بضخ ملايين الدولارات سنويا إلى الجامعات الأمريكية، متسائلا عن غاية حكام السعودية مقابل هذه الأموال.
ويشير سكولوف في بداية تقرير مطول، تحت عنوان “لماذا توجد أموال سعودية في الجامعات الأمريكية؟”، الى الاحتجاجات الطلابية التي جرت العام الماضي أمام واحدة من أهم المؤسسات العلمية الأمريكية “معهد ماساسوشيتس للتكنولوجيا” (أم آي أتي)، وكانوا يطالبون بإلغاء زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى المعهد العريق، ويريدون إثارة الانتباه للوضع الكارثي الذي خلقه في اليمن، بالإضافة إلى تركيز النظر على علاقة المؤسسة و62 جامعة أمريكية مع السعودية.
واشار سكولوف إلى أن محمد بن سلمان كان يقوم بجولة في الولايات المتحدة، حيث استقبله الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، وتحدث عن صداقة نشأت بينهما بسرعة، وشكره على صفقات السلاح التي تريد بلاده شراءها من أمريكا، وقال مازحا: “هذا لا شيء بالنسبة لكم”.
ونوه التقرير إلى أنه كان من بين المتحدثين في التظاهرة أمام “أم آي تي” شيرين الأديمي (35 عاما)، التي قضت شطرا من حياتها في اليمن، ويعيش أهلها عدواناً لا أحد في أمريكا يعرف بها.
وتقول الصحيفة إنه لكون المساهمات المالية السعودية في الجامعات الأمريكية تأتي على شكل دعم مالي للبحث، وممولة بشكل كامل من شركة النفط العملاقة “أرامكو” والصناعات الأخرى المملوكة من الدولة، فإنه لم يكن هناك ما يدعو لرفض المساهمة المالية، ولهذا كانت أصوات المحتجين هامشية، ومن السهل تجاهلها.
ويلفت سكولوف إلى أن الأديمي تعيش مع زوجها طالب الدكتوراة في “أم آي تي”، وكانت تنهي رسالتها في جامعة هارفارد، ولم تكن تهتم بالسياسة، فقالت: “لو كان لدي شيء أقوله في الرأي العام لكان عن التعليم”، لكنها بدأت تكتب عن التدخل السعودي في اليمن عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنشورات الأمريكية، ولبست في التظاهرة قميصا كتب عليه “الرجل الذي تستقبله (أم آي تي) يقوم بتجويع ملايين اليمنيين للموت ويمنع عنهم الطعام والدواء”.
ويفيد التقرير بأنها كانت تقول ببساطة إن الجامعة تستقبل “مجرم حرب”، وتجب معاقبته على جرائمه لا الترحيب به، وقامت هي وخمسة من المتظاهرين بدخول مبنى الجامعة، وسلمت عريضة عليها 4 آلاف توقيع لرئيسها رفائيل ريف، تطالبه بإلغاء المناسبة، مشيرا إلى أن ريف لم يكن في مكتبه، ولم يحصل المتظاهرون على رد.
وتذكر الصحيفة أنه في صباح اليوم التالي قضى محمد بن سلمان ساعات في مخبر الإعلام في المعهد، الذي تقدمه الجامعة على أنه أهم ما تملكه من ناحية البحث، وبميزانية سنوية 75 مليون دولار، تسهم فيها 90 شركة ومؤسسة منها مؤسسة محمد بن سلمان، حيث تسهم كل واحدة منها بـ 250 ألف دولار سنويا، وفي ذلك اليوم وقع السعوديون ثلاثة عقود بقيمة إجمالية قدرها 23 مليون دولار، اثنان منها لتوسيع المشاريع البحثية الحالية مع M.I.T يمد الدعم لمخبر الإعلام، وعقد آخر مع شركة البتروكيماويات السعودية، سابك، لتطوير أبحاث متقدمة لتصفية الغاز الطبيعي.
وينوه التقرير إلى أنه في الشهر ذاته، تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنت “أم آي تي” أنها تقوم بتقييم علاقاتها مع المملكة، وعين العميد ريتشارد ليستر، الذي يشرف على علاقات الجامعة مع الكيانات الأجنبية ليقوم بالمراجعة، وهو مهندس نووي بالتدريب، وانضم للجامعة منذ كان في العشرينيات من عمره، في عام 1979، وكانت مهمته البحث في مصدر المال وإن لم يكن شرعيا، ويقضي برفض التعاون مع الجهة التي تبرعت به، وهي مهمة ليست بالسهلة، مشيرا إلى أن المشكلة هي أنه لو مضت الجامعة في هذا الطريق فإنها ستنظر في كامل نظام التبرعات والجهات التي سترفضها والأسماء التي ستحذف من قائمة المتبرعين.
ويستدرك التقرير بأن “الناشطين في حرم الجامعات يريدون المزيد من جامعاتهم، فـ(أم آي تي) ليست بحاجة للمال السعودي، فهي من الجامعات الأكثر ثراء في أمريكا، ويعدل ناتجها المحلي العام سبعين دولة، منها منغوليا ونيكاراغوا وجمهورية الكونغو، والمال الذي تحصل عليه من المصادر السعودية قليل نسبيا لا يتجاوز 10 ملايين على مدى سنوات، مع أنها تلقت هدايا من أثرياء سعوديين وصلت قيمتها لحوالي 43 مليون دولار”.
ويورد التقرير نقلا عن أستاذة الفلسفة في “أم آي تي” سالي هاسلانغر، قولها إن الجامعات تأخذ “رأسمالا رمزيا” وتبيع اسمها ومصداقيتها وسجلها العلمي، “واستخدمناها لتلميع صورة محمد بن سلمان”.
ويفيد التقرير بأن تقرير الهدايا الأجنبية يبقى غير مكتمل؛ لأن الجامعات لا تسجل كل شيء، وبعضها لا تلتزم بالقانون، وربما زادت نفقات السعودية على التعليم في أمريكا مليار دولار، بالإضافة إلى أن الجامعات نفسها لا تدري ما يجب عليها تسجيله أم تركه.
وتنقل الصحيفة عن المسؤولين في “أم آي تي”، قولهم إن مواردهم من العقود مع “أرامكو” هي 10 ملايين في السنة، وهي مبلغ قليل من شركة تحصل على مليار دولار في اليوم.
ويعلق سكولوف قائلا إن علاقة الجامعات بالسعودية تطرح موضوعا آخر، وهو إن كان عليها التعبير عن مواقف سياسية أو أخلاقية، مشيرا إلى أن سلوك السعودية كان كافيا للقيام بتحرك في الكونغرس الشهر الماضي لمنع صفقات سلاح إلى السعودية والإمارات.
وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالقول إنه في الوقت الذي اتسم به تقرير ليستر، من “أم آي تي” بالصراحة حول فظاعة جريمة خاشقجي، ودعوة طلاب الجامعة لقطع العلاقة مع السعودية، إلا أن العميد أوصى الإدارة في النهاية بقطع علاقتها مع مؤسسة محمد بن سلمان “مسك”، والحفاظ على التعاون مع بقية المؤسسات الأخرى، مثل “أرامكو” و”سابك” وجامعة مدينة الملك عبد العزيز التكنولوجية.