«اليهودي الحالي».. قصة حب تتخــطى الاختلاف الديني
«فاطمة المسلمة»? و«سالم اليهودي»? بطلا رواية «اليهودي الحالي»? للمؤلف اليمني علي المقري? جمعهما الحب والزواج وفرقهما الموت? حيث تتناول الرواية حياة اليهود في اليمن? والذين لم يبق?ِ منهم في اليمن سوى أعداد قليلة لا تتجاوز الـ300 يهودي? والذين عاشوا فصاما?ٍ سياسيا?ٍ سببه عدم الانتماء للوطن? في حقبة زمنية تعود إلى القرن الـ?17 وفي قرية ريدة باليمن.
وتحكي الرواية التي استخدمت أساليب تقنية قائمة على السرد البسيط والمكثف? قصة حب? ساحرة تدور في مساحة الصراع بين الديانتين المسلمة واليهوديـة? جسدتها «فاطمة»? وهي ابنة مفتي الأمة? وشاب يهودي اسمه «سالم»? والذي لقبته حبيبته من شدة عشقها له? بـ«اليهودي الحالي»? والحالي مصطلح يمني يستخدم للمدح? ويراد به إظهار «جمال صاحبه»? فيما تخلى «سالم» اليهودي عن شعوره بعدم الانتماء للوطن حال اليهود جميعا?ٍ? بعد أن وقع في حب «فاطمة» فقال لها «انت البديل عن الوطن.
المقري من جهته? قال لـ«الإمارات اليوم»? إنه تطرق في روايتي «اليهودي الحالي»? و«رائحة سوداء ـ طعم أسود» لفئتين يمكن القول إنه «تم تهميشهما في المجتمع اليمني? هما اليهود والأخدام (السود)? لأسباب طائفية وعرقية ودينية? نابعة من المجتمع والسياسة التي تشدد على أن الدين مرتبط بمفهوم الوطن».
ولفت المقري إلى أن «الكتابة لديها مهمة صعبة في كشف ورصد المهمشين في الواقع? ولكن يفترض من الكاتب أن يكون على مسافة من الحكومات ليبدع في طرحه»? مشيرا?ٍ إلى أن «اليهودي الحالي لا تجيب عن تساؤلات شائكة مرتبطة بأصول وهوية وتاريخ اليهود أو حتى الأخدام في رواية «رائحة سوداء ـ طعم أسود»? ولا تعكس آراء? إنما تجسد الواقع بقصة تلامس مشاعر القراء».
وتابع المقري أنه قبل تأليف الرواية اطلع على ما اسماه «الإرث اليهودي من فنون وموسيقى يمنية حاضرة الآن معهم في فلسطين المحتلة عام ?1948 وترجم مقالات عبرية بمساعده زملائه تطرقت لليهود في اليمن».
التهميش الحالي
حول انتماء اليهود للمجتمع الحالي? يرى المقري أن «المجتمع هم?ش هذه الفئة? على الرغم من أنهم يمنيون? حيث المجتمع في اليمن لازال متمسكا?ٍ بالأعراق والأنساب والأصول? فاليهود يأتون في المرتبة الثانية من أسفل طبقات المجتمع وقبل الأخدام المنبوذين بإرادة الشعب? لذلك واتكاء حالة التهميش? تخلت فئتا اليهود والأخدام عن المشاركة بدورها في الاحتجاجات والمظاهرات المناهضة للرئيس اليمني علي عبدالله صالح? أو حتى ابداء رأي حول ثورة الربيع العربي التي طالت اليمن».
وبالعودة إلى تفاصيل رواية «اليهودي الحالي»? التي يحكيها سالم اليهودي نفسه? عندما كان في الـ12 من عمره? عرضت عليه ابنة المفتي «فاطمة» أن تعل?مه القراءة والكتابة? على الرغم من أن الصراع بين الديانات كان في أوجه? فإن فاطمة كانت رمز?ٍا للتسامح والسلام والعشق? الأمر الذي جعل فاطمة وسالم يتخففان من صراعات الآباء? ليغوصا في الحب المحظور? الذي انتصر بزواج الثنائي? وبداية عقدة الرواية عندما تلد «فاطمة» وتموت? وفي مشهد وفاتها? يقول المؤلف إنه تأثر بالحالة التي آلت إليها فاطمة لدرجة أنه بكى عند موتها? لأنه بموتها ينكشف سرهما بأن «فاطمة» مسلمة وليست يهودية? ومصير ابنهما «سعيد»? معلق بين احتمالين بأن ينسب إلى أبيه ويكون يهوديا?ٍ بحسب الشريعة الاسلامية? أو إلى أمه يصبح مسلما?ٍ بحسب الأعراف اليهودية.
وكما بدأت الرواية بتفاصيل دقيقة تغني الفكرة? ختمت كذلك بتفاصيل دفن «فاطمة» و«اليهودي الحالي»? وفرض مقابر المسلمين واليهود إبقاء رفاتهما مجتمعتين في موضع واحد.
تجربة المنفى
إلى جانب رواية «اليهودي الحالي» في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ?30 عرض كل من الكاتب والمؤرخ البريطاني روبرت ليسي كتبه «نظرة تاريخية من الداخل للسعودية لمؤرخ وكاتب غير عربي»? والروائية السورية مها حسن? التي عرضت روايتها «حبل سري» وتجربة الكتابة في المنفى.
وقالت الروائية السورية الكردية المقيمة في فرنسا منذ سبع سنوات? مها حسن إن روايتها الحبل السري? «ترتبط بتجربة الكتابة في المنفى»? وترتبط بجدلية ثنائية الوطن والمنفى? وتعكس معاناتها في ذلك? إذ تمكنت من حل هذه المعضـلة على الورق وفي ممارستها الكتابـة? لكنها لم تحلها على الأرض وفي الواقع? فهي كردية ـ سورية مقيمة في فرنسا تكتب بالعربية.
ولفتت إلى أنها كتبت «حبل سري» وهي تعاني المنفى في الوطن? إذ إن الرواية تتحدث عن معاناة الابنة «باولا» بعد وفاة أمها في حادث سير في فرنسا? وتذهب للوطن «سورية» لتبحث عن أصولها? فكان منفى الأم هو وطن الابنـة? ووطن الابنـة هو منفى الأم.
وتابعت: «تأثرت في كتاباتي بسارتر? فيما جدتي الكردية التي لا تعرف اللغة العربية على الرغم من أنها تصلي وتقرأ القرآن بالعربية? لكنها لا تفهم ما تقرأ? وعندما كنت في سورية كان شعور المنفى يلاحقني? لذلك لم أشعر بالانتماء للوطن في سورية? وجاء المنفى الفرنسي ليكون وطنا».