بقلم / عبدالله مفضل الوزير
إلى غير ذلك من الدلالات التي تعبر عنها عمليتي عدن والبيضاء يوم أمس، إلا أنه يمكن الجزم بان اختيار التوقيت وتوالي تنفيذ العمليتين في نفس اليوم وبنفس الساعة هو ما أفرز واقعا جديدا في معادلة توازن القوة والرعب معا.
السعودية التي اهتزت أركانها باستهداف خطوط إمدادات النفط بسبع طائرات يمنية مسيرة وكانت ردة فعلها تجاه العملية هي ارتكاب مجزرة كتعبير عن الفشل وانعدام سبل الرد.
وايضا الدعوة إلى عقد قمم ثلاث بمكة المكرمة خرجت ببيانات مشوشة وما عبرت عنه في طريقة إخراجها وما تبعها من مواقف متباينة لبعض الدول عن مدى الانقسام العميق والجروح الغائرة التي صنعتها أسرة آل سعود في الأمة.
إلى غير ذلك من حراك في كواليس السياسة من التباكي والصراخ تجد نفسها أمام عدة تهديدات وبعد يوم واحد من إطلاق بيانات تلك القمم الثلاث.
وهو ما يعني عدم الاكتراث لردات الفعل هذه وأن عصا اليمن باتت غليظة وقادرة على رد الصاع بصاع مثله ان لم يكن بصاعين.
بالإضافة إلى أزمات داخلية، وتصعيد يمني غير مسبوق، وخذلان امريكي، وتوتر في العلاقات الدولية مع المحيط على مستوى الحكومات والشعوب مع بقاء المجاملين فقط ممن هم بحاجة أموالها والعديمي الجدوائية.
لم تكن السعودية تتصور يوما أن تصل إلى هذه النتيجة بل كانت واثقة في أن أمريكا لن تتخلى عنها، وكانت تحسب حساب ثقلها في العالمين العربي والإسلامي كخيار آخر في حال ما إذا خذلها الغرب.
وكانت مصدقة كذبتها في أن أنصارالله هم أداة بيد إيران التي لن تجرؤ على التصعيد “لخوفها من أمريكا” وبالتالي ستوقف أنصارالله عن استهداف الأماكن الحساسة في المملكة، كالنفط والمنشآت الحيوية.
بهذا الغباء يفكر سلمان وابنه إضافة إلى الغباء الطفولي فيما يعتقدونه في الأموال التي ينفقونها من حل سحري يفك أصعب الألغاز ويخرجهم من أي تهديد قد يواجهونه.
ظنوا أنه بعد الخذلان الأمريكي لهم فإن الزعماء في العالمين العربي والإسلامي ممن يقبضون منهم أموالا وهم كثر سيتحركون لإنقاذهم في حال ما إذا تعرضوا لتهديد حقيقي كتهديد استهداف النفط.
ولم يضعوا في بالهم احتمال عجز مرتزقتهم أو خذلانهم، أو بالأصح لم يفكروا في مدى توفر الإمكانية لدى مرتزقتهم للتحرك نحو إنقاذهم وأغفلوا جانب أن مرتزقتهم منشغلين بمشاكلهم الداخلية التي صنعتها السعودية طبعا.
أغفلت المملكة جانب ما تقوم به اليمن من تصنيع للأسلحة المتطورة والحديثة وظلت متمسكة بخيبتها “إيران إيران ايران”
ولم تضع في بالها أن اليمن توقفت فترة عن استخدام الصواريخ البالستية والطائرات بدون طيار وهو ما يعني أن هناك كمية تراكمية من ترسانة هذه الأسلحة، كما أنه خلال هذه الفترة في احتمال صناعة كميات كبيرة من هذه الأسلحة.
كانت اليمن بحاجة إلى الوقت وقد توفر لها هذا الوقت مما مكنها من زيادة مخزون ترسانتها البالستية والجوية، وكانت السعودية ايضا بحاجة إلى الوقت لحشد وتدريب أعداد هائلة من المرتزقة من أجل احتلال الحديدة.
الصمود الأسطوري الذي أبداه رجال الله في بداية معركة الحديدة كان هو الفيصل في إلحاق الخزي بالعدو وهزيمته وبالتالي دفعه مرغما للجلوس إلى طاولة المفاوضات، فيما كان التصنيع العسكري مستمرا في نشاطه بوتيرة عالية وبطاقة أكثر مرونة تستوعب متغيرات المعركة وظروف العمل، وتهديداتها وبطاقة أكثر إنتاجا أيضا.
كما أن معركة حجور وأيضا معركة الضالع وتحول هاتين الجبهتين لصالح الجيش واللجان الشعبية قد مهد للانتقال إلى المرحلة الأخرى من المواجهة والتي نعيشها اليوم.
وفي الوقت الذي كانت فيه كل الجهود التي استطاعت السعودية حشدها كردة فعل تجاه استهداف خط إمدادات النفط هي عقد ثلاث قمم.
قامت اليمن بإطلاق تهديدات عدة أهمها تدشين سلاح الدفاع الجوي، وأعقبت ذلك بإسقاط طائرتي تجسس متطورة بوقت قياسي، ونفذت عمليات نوعية إحداهما في عمق الأراضي المحتلة في عدن والأخرى في البيضاء وبشكل متتالي في تعبير عن مدى النجاح التنظيمي والاستخباراتي والعسكري.
يشير ذلك إلى أن هناك عدم اكتراث لجعجعة السعودية وتحركاتها بعد نزع فتيل تأثيرها خلال الفترة الماضية ودفعها لاستهلاك كل أوراقها خصوصا انها استخدمتها طمعا في حسم المعركة بسرعة.
هذه الانتصارات والتحولات النوعية جعلت الكثير من المرتزقة يفقدون الثقة في أسيادهم ويحاولون الالتحاق بالوطن جماعات جماعات، كما أن صفقات تبادل الأسرى تتم بوساطات داخلية وبعيدا عن الأسياد في دلالة على أن المرتزقة لم يعودوا يحتملون ولا يكترثون لما سيقوم به أسيادهم الذين يفضلون الصمت تجاه هذه التصرفات.
وبالنظر إلى ما تعيشه السعودية في جبهتها الداخلية من مشاكل خدمية وسياسية واقتصادية يمكن الجزم بأن النظام السعودي يعيش أيامه الأخيرة.
كما أن طبيعة حكام اليوم في المملكة بما يملكونه من رصيد هائل من الغباء والمكابرة سيساعد ذلك في عملية تسريع سقوطهم.
ولا مبالغة في ذلك فمملكة النفط وامبراطورية المال والبقرة الحلوب تشهد جبهتها الداخلية حالة من السخط الشعبي نتيجة سجن العلماء وإعدام الناشطين وانقطاع الكهرباء والمشتقات النفطية وارتفاع معدلات البطالة إلى غير ذلك من العوامل.