إهانات ترامب لاصدقاءه في السعودية تتوالى والاخيرة تنحي رأسها صمتاً!
1509 يوم من العدوان على اليمن
شهارة نت – تحليل
يوماً بعد يوم يُظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عجز السعودية عن الرد على إهاناته المتكررة والتي تثبت للعالم أجمع أن بقاء آل سعود في السلطة مرهون بالحماية الأمريكية، وأي خلل في هذه المعادلة يعني رحيل هذه العائلة عن سدة الحكم، وما يؤكد ذلك أكثر هو الصمت السعودي عن هذه الإهانات التي استغربها الشعب الذي لم يكن يعتقد أن ملكه عاجز عن الرد على واشنطن.
خلال أقل من 10 أيام وجّه ترامب إهانته الثانية للملك سلمان بن عبد العزيز وقال له في تجمّع لأنصاره في ولاية فلوريدا ضمن حملة تدعو لإعادة انتخابه رئيساً لأمريكا في العام 2020 :”إن السعودية دولة غنية جداً ليس لديها شيء سوى المال، “فأعتقد أن بإمكانهم (السعوديين) دفع المال مقابل دفاعنا عنهم”.
وتابع: “هناك الكثير من الدول التي ندافع عنها، وليس من العدل أن يدفعوا ثمناً قليلاً، لكنهم سيدفعون، فهم يشترون كمية كبيرة من المعدات مقابل 450 مليار دولار من بلادنا”.
وأضاف: “نحن ندافع عن الكثير من الدول الغنية، وهم لا يحترموننا، بصراحة حينما أطلب منهم ذلك يدهشون ويقولون إنه لم يسبق أن طلب أحد منهم ذلك، لا يقولون ذلك بالمعنى الحرفي، فهم أذكياء لكن يمكنك أن تشعر بذلك من نظرتهم”.
وقبل ذلك، كان ترامب قد قال أواخر الشهر الماضي لجمهوره في ولاية ويسكونسن (شرقي أمريكا)، إنه اتصل بالملك سلمان، وقال له: “أيها الملك، لقد أنفقنا الكثير ونحن ندافع عنك، وأنت تملك الكثير من المال”، حينها قال العاهل السعودي: “لكن لماذا تتصل بي؟ لا أحد أجرى اتصالاً كهذا في السابق”، فقال ترامب: “هذا لأنهم كانوا أغبياء”.
وأكد ترامب أنه لا يريد أن يخسر حليفاً ثرياً كالسعودية وهي اشترت من بلاده ما قيمته 450 مليار دولار، مضيفاً: “وعسكرياً ندعم استقرارهم”.
وكان الرئيس ترامب تحدث ثلاث مرات على الأقل في تجمعات سابقة السنة الماضية عن تفاصيل اتصاله بملك السعودية، ومطالبته السعودية بدفع مزيد من الأموال نظير الحماية الأمريكية لبلاده، وفي أكتوبر الماضي، قال ترامب إن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لن يبقى في السلطة دون دعم الجيش الأمريكي ولو لأسبوعين.
ما تفسير الصمت السعودي ومن أين تأتي ثقة ترامب بأن السعودية لن ترد على إهاناته؟
أولاً: السعودية غارقة في العديد من الملفات الساخنة في المنطقة ولولا الحماية الأمريكية لكان تغيّر وجه السعودية برمته، فمن الفشل في حصار قطر والتدخل في الحرب السورية لمصلحة الجماعات الإرهابية مروراً بالتدخل بالشؤون الداخلية للعراق وصولاً إلى حرب اليمن التي استنزفت آل سعود وجعلت الكثير من الدول تخرج من تحت عباءتهم، كما سمحت هذه الحرب للغرب بإجبار السعودية على الرضوخ لما تطلبه منها هذه الدول وإلا ستفتح ملفات انتهاكات حقوق الإنسان في وجه السعودية وعندها لن تكون الأخيرة بخير، والأهم أن التورّط في مقتل خاشقجي كسر شوكة حكام آل سعود أمام الغرب.
ثانياً: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يزال يحلم في الوصول إلى العرش وأي محاولة لإظهار العداء في وجه واشنطن ستكلفه كرسي الحكم، لأنه يعلم جيداً أن أمريكا هي من توفّر الحماية لعائلته، وبالتالي اللعب خارج الحلبة مع واشنطن سيخرجه من هذه اللعبة، وترامب مدرك جيداً لهذه القضية لذلك لا ينفك يبتزّ السعودية لأنه يعلم أنها لن ترد عليه.
ثالثاً: السعودية تعرف أنها أخطأت عندما وضعت جميع “بيضها في سلة أمريكا”، والأخيرة حالياً لن يكون في مصلحتها أن تنوع السعودية في اقتصادها وتخرج من دائرة الاعتماد على النفط لذلك تبتزها أمريكا بين الفينة والأخرى وتضعها بين فكي كماشة لكي يصعب عليها الاختيار وتبقى جامدة في مكانها.
رابعاً: كانت العلاقة بين السعودية وأمريكا مبينة على معادلة بسيطة تتمثل بتوفير الحماية من الجانب الأمريكي مقابل توفير النفط من السعودية وشراء الأسلحة من أمريكا، وبقيت هذه المعادلة حتى يومنا هذا إلا أن هناك مجموعة من المتغيرات طرأت حالياً على هذه المعادلة، فمع إنتاج النفط الصخري أصبحت واشنطن ترغب في إخراج السعودية من بعض الأسواق العالمية لتحلّ مكانها، لذلك العلاقة النفعية مع السعودية تغيّرت وتحوّلت إلى منافسة، وفي حال لم تتمكن السعودية من تحقيق مشاريع اقتصادية تنموية سنكون على موعد مع سقوط هذه العائلة خلال مدة ليست بالبعيدة.
في الختام.. أمريكا هي بأمس الحاجة اليوم للسعودية لزيادة إنتاج النفط وذلك لتحقيق أمرين: الأول يتمثل في ممارسة ضغط أكبر على إيران لكي تثمر العقوبات الأمريكية عليها، والثاني تخفيض سعر النفط لأن ارتفاعه سيألّب الرأي العام في أمريكا ضد ترامب، لذلك يبتزّ ترامب السعودية وصمتها يعدّ بمثابة “الرضا” على هذه الإهانات المتكررة لذلك لن نستغرب أن يعمد ترامب لتوجيه مثل هذه الإهانات للمرة السادسة والسابعة وهنا يبقى القرار للشعب الرافض لهذه الإهانات، ولكن هل يفعل شيئاً حيال هذا الأمر، هذا سنتركه للأيام المقبلة.