حصار العدوان للدريهمي يفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن
التحالف وحصار اليمن
شهارة نت – تحقيق
يعاني أكثر من 7000 مدني في مديرية الدريهمي جنوبي الحديدة من حصار خانق تفرضه تحالف العدوان ومرتزقته منذ 8 أشهر.
وكان تحالف العدوان فرض في يونيو 2018 حصارا بريا وجويا على منطقة الدريهمي المكتظة بالسكان، والتي تقع على بعد حوالي 20 كم من مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.
ولم تترك قوى العدوان أي ممرات آمنة للسكان المدنيين للفرار من خلالها، ثم بدأت حملة عشوائية من الضربات الصاروخية والمدفعية على المنطقة.
وقال ممثل مديرية في المجلس المحلي للحديدة، “ماجد شريم”: “لقد حوصر آلاف المدنيين من الأطفال والنساء حتى المسنين من قبل القوات السعودية”. وأضاف: “يموت العشرات كل يوم بسبب الجوع والمرض. لا يمكنهم الفرار بسبب عدم وجود ممرات آمنة”. وعلاوة على ذلك قام التحالف الذي تقوده السعودية بحظر خدمات الإنترنت للمنطقة، ما يجعل من المستحيل تقريبا على السكان الاتصال بالعالم الخارجي.
وفي أغسطس 2018، أعلن التحالف عن شن عملية عسكرية للاستيلاء على المدينة، مدعومة بالقوات الجوية، والصواريخ والمدفعية، وهجوم بري، وكذلك القوات الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لكن على الرغم من كل ما لديها من موارد، لم تتمكن القوات السعودية من التغلب على المقاومة الشرسة التي أظهرها سكان الدريهمي.
وقال محمد سليمان الحلسي، وهو مسؤول رفيع المستوى في محافظة الحديدة، إن المدنيين في الدريهمي واجهوا عدوا خارجيا في الحصار، وآخر داخليا؛ وهو الجوع والأمراض التي ابتليت بها المناطق الساحلية الأخرى، مضيفا: “مهما حدث، لن نستسلم لقوات التحالف وسنحتفظ بأرضنا”.
كارثة إنسانية:
وقال الدكتور “يوسف الخضري”، الناطق باسم وزارة الصحة والسكان في اليمن، إن حصار الدريهمي؛ أدى بالفعل لحدوث كارثة إنسانية.
وأضاف أن هناك بالفعل كارثة إنسانية في مدينة الدريهمي، حيث تنتشر على نطاق واسع الملاريا والكوليرا وحمى الضنك، ناهيك عن سوء تغذية الأطفال والأمراض النفسية عند الأطفال والنساء، لا يمكننا مساعدة هؤلاء المدنيين الأبرياء.
واعتبر أن مقارنة الحصار الذي فرضته السعودية على الدريهمي بحصار لينينغراد من قبل القوات الألمانية والفنلندية في عام 1944، وهو أحد الحصارات العسكرية الأكثر وحشية وسمعة سيئة، ليس من قبيل المبالغة.
واقعيا، من نواح كثيرة، فالحصار المفروض من قبل التحالف الذي تقوده السعودية بدعم من الولايات المتحدة، هو أسوأ بكثير وسيشكل سابقة خطيرة. فقبل فرض الحصار، دمر التحالف المزارع، والمتاجر، والمساجد، والمراكز الصحية، والمباني الحكومية، وعشرات المنازل المدنية وحول المدينة، ونضب بالفعل مخزون المدينة من الطعام والأدوية، وكان مئات من سكان المدينة يعانون من أمراض، أو مصابين نتيجة القصف العنيف من قبل القوات السعودية. وجرى استخدام سياسة فرض الحصار الخانق على المدنيين دون توفير ممرات إنسانية للنساء والأطفال والجرحى للوصول إلى بر الأمان، في جميع أنحاء اليمن، من قبل التحالف خلال حربه التي استمرت 4 سنوات على جارة المملكة الجنوبية.
وكان الحصار، الذي يقيد حركة دخول وخروج الأشخاص والبضائع للمنطقة، سلاحا شائعا يستخدم في العصور الوسطى لإجبار المقاومة على الاستسلام، والآن تستخدم السعودية هذا التكتيك لإحداث تأثير مدمر في اليمن، حيث اتخذت خطوة إضافية من خلال تدمير جميع العناصر الأساسية لبقاء الإنسان على قيد الحياة بما في ذلك المستشفيات والمزارع.
وفي الواقع، وكما أشار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، تستهدف السعودية بشكل ممنهج مصادر الغذاء، ومرافق تخزين الأغذية في اليمن في حملتها التي تشنها على اليمن.
قافلة يائسة
واشتكت وزارة الصحة اليمنية أن المجتمع الدولي يتجاهل محنة المدنيين في الدريهمي، قائلة إن عشرات النداءات صدرت لمنظمة الإغاثة الدولية دون استجابة، وأبلغت الوزارة “MintPress” أن تدخل منظمات الإغاثة أصبح أمرا ضروريا بشكل عاجل لإنقاذ سكان الدريهمي والمدن الساحلية الأخرى بما في ذلك الحديدة.
وعلى الرغم من تحملهم بأنفسهم لتبعات الحرب السعودية المدمرة، بدأ آلاف السكان المدنيين اليمنيين في جمع التبرعات وإعداد قافلة غذائية كبيرة لتسليمها إلى سكان الدريهمي.ويأمل السكان أن يتم تسليم القافلة الغذائية بواسطة الصليب الأحمر أو الأمم المتحدة للمدنيين المحاصرين في المنطقة.
وطلبت السلطات المحلية من الجنرال الدنماركي “مايكل لوليسحارد” رئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة اتفاق الهدنة في اليمن، أن يرافق القافلة الغذائية لتجنب استهدافها من قبل قوات التحالف التي تقودها السعودية.
ولم يتم الإعلان عن تاريخ مغادرة القافلة، ويتوقع على نطاق واسع أن تمنعها القوات السعودية من الوصول إلى المدينة، لكن هذا لم يكن كافيا، لثني المئات من الناس عن جمع الأطعمة المعلبة، والبطانيات المستعملة والأدوية، حتى الماشية لسكان الدريهمي المحاصرين.
نماذج مماثلة
ويعد الحصار المفروض على مدينة الدريهمي مثالا صارخا لنوعية الحصار الذي عانت منه عشرات المدن اليمنية في المناطق الساحلية والحدودية الغربية بالبلاد، حيث يكافح المدنيون من أجل البقاء دون طعام أو ماء جار أو وقود، ومبتلون بالأمراض. وخلال 4 سنوات من الحرب في اليمن، شهد العالم الآثار الناجمة عن الحصار، ونشرت الصحف في جميع أنحاء العالم صورا لأطفال مصابين بالهزال ويتضورون جوعا من المناطق المحاصرة، والآلاف من الرجال والنساء في حالة يائسة، وغالبا يشبه كل منهم الآخر، وتبدو صدورهم غائرة، وتندفع العظام من جلدهم الذي تملؤه التجاعيد من سيقانهم وأذرعهم. كما أصبح الحصار المفروض على اليمن، بدعم من الولايات المتحدة والقوى العسكرية الغربية الأخرى، بيئة خصبة للأمراض المعدية والأمراض المزمنة، في الوقت الذي تستنفد فيه أيضا إمدادات الغذاء والأدوية المنقذة للحياة.
ويأتي الحصار المستمر في خضم أزمة إنسانية متفاقمة خلصت الأمم المتحدة إلى أن حوالي 80% من السكان (24 مليونا) يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، بما في ذلك 14.3 مليون شخص في حاجة ماسة لتلك المساعدات. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة، فإن نسبة من هم في حاجة ماسة ارتفع بشكل مذهل إلى 27% في 2018. وتقدم قصص الإبادة الجماعية في الحرب العالمية الثانية تصورا شاملا للإبادة الجماعية التي شنتها الحملة العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، حيث تقوم الجيوش بهجوم متزامن على جميع جوانب الحياة.