أردوغان بعد الانتخابات ..صدمة!
بقلم/ فاطمة صندوق
خسارة أردوغان الأخيرة في حرب الانتخابات المحلية تعكس أجواء من التوتر الملحوظ على الساحة السياسية، حيث لم يتوقع العثماني أبداً أن يعيش خيبة أمل جديدة في بلاده وبالتحديد في أكبر بلدات تركيا (أنقرة وإسطنبول) بعد أن مني بخسارات عدة جراء اقحام تركيا بحروب إقليمية .
حزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان الرئيس الثاني عشر للبلاد، طعن بنتائج الانتخابات البلدية في إسطنبول (حسب وسائل إعلامية).
لم يكن الشعب التركي يبدي كامل رضاه عن أداء أردوغان الرئاسي، حيث كان يبدي حالة من الغضب العارم في شوارع أنقره التي بدت غارقة في سيل الغلاء فيها، وعلى الرغم من الوعود الأردوغانية بتحسن المستوى المعيشي في تركيا وتكفل الحكومة بتوفير وتأمين شواغر عمل والتقليل من نسبة البطالة، إلا أن هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح وعبرت أنقرة العاصمة عن رفضها القاطع لاستمرار الحزب الحاكم “حزب العدالة والتنمية” في قيادة الدفة فيها، وبعد نتائج الانتخابات استفاقت الليرة التركية على هبوط غير مسبوق بقيمة الليرة التركية .
وبالرغم من فوز أردوغان في 24 بلدة تركية، إلا أن خسارته في العاصمة السياسية “أنقرة” والعاصمة الاقتصادية ” إسطنبول” ولدت حالة نفسية محتدمة لدى الرئيس التركي أردوغان نفسه ولدى الأوساط السياسية، وتصدر أردوغان بجانب نبأ الخسارة الصفحات الأولى في تركية والعالم.
أما عن كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي نجح في احراز صفقة ناجحة على أردوغان قال في أول تصريح له اليوم بعد نتائج الانتخابات المحلية إن “الشعب صوت لصالح الديمقراطية واختار الديمقراطية”.
وكثير من التقارير الإخبارية التركية ترشح فوز أوغلو في الانتخابات الرئاسية القادمة في حال ترشحه لما له من شعبية ساحقة تفوق شعبية أردوغان.
أما رواد التواصل الاجتماعي في العالم، وقد انقسمت الآراء في تركيا ما بين غاضب من النتائج وألقوا اللوم على تقاعس الشعب في أداء واجبه الانتخابي وراضي عن النتائج وخصوصاً أن العملية الانتخابية في تركية سبقت بأعمال عنف وحشية من قبل الشرطة التركية ولدت حقداً كبيراً انعكس بشكل سلبي على الانتخابات في البلاد.
تسارع الأحداث في تركيا لم يكن لصالح أردوغان، وخصوصاً أن البلاد كانت لم تشفَ بعد من حمى “قضية خاشقجي” حتى دخلت في صراع مع واشنطن، التي أعلنت العداء لتركيا وتوعدت بمحاسبتها اقتصادياً في حال فكرت أن تنهي تواجد الأكراد في شرق الفرات، وقد اكتفت تركيا حينها بحماية حدودها حسب تعبيرها، وتتابعاً لمجريات الأحداث، لم تهنأ تركيا يوماً بعد امتلاك سورية لمنظومة الصواريخ “إس 400” الروسية، وعملت جاهدةً على امتلاكها بالرغم من تحذير الولايات المتحدة لها ومن خطورة العواقب، إلا أن تركيا حرصت على تطوير خططها في سبيل امتلاك هذه المنظومة في سياق تطوير القدرة العسكرية التركية، ولعلها بلغة العقوبات صرحت الولايات المتحدة الأمريكية إيقافها تزويد تركيا بمكونات لازمة لطائرات “أف -35” الشبحية، بسبب خطط أنقرة شراء منظومة “إس -400” الروسية.
دوامة من الصراعات السياسية والعسكرية في تركية جعلت التفكير بمستقبل البلاد يوصل لنفق مسدود، لا يمكن لأردوغان بعدها أن يعيد ترتيب علاقاته حسب مصلحته في المنطقة، فما يرنو له الشعب التركي هو العيش باستقرار وأمان كما في السابق وبناء علاقات طيبة مع شعوب المنطقة التي عاشت زمناً طويلا بشكل سلمي، ولعل هذه الصفعة القوية التي تلقاها أردوغان من الشعب التركي، تجعله يصحو من نومه ومن حلمه العثماني المغموس بالإخوانية.