فيما أكدت المحققة الأممية في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، آغنيس كالامارد، ان الجلسات المحاكمة المغلقة في السعودية بشأن مقتل خاشقجي لا ترقى لمستوى المعايير الدولية، وإن محاكمة المتورطين في الجريمة تجري بسرية تامة بدون الكشف عن أسماء المتهمين الأحد عشر الذين يحاكمون بهذه القضية، كشفت صحيفة واشنطن بوست أن قتلة خاشقجي تلقوا تدريبات سابقا في الولايات المتحدة.
وكان خاشقجي قُتل على أيدي سعوديين وصلوا إلى إسطنبول، في الثاني من أكتوبر الماضي، في حادث أثار غضباً على المستوى الدولي، واتُّهم فيه مباشرةً ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأقرت السلطات السعودية بعد أن أصدرت بعض التصريحات المتناقضة، بأن خاشقجي قُتل حين فشل موظفو القنصلية في إقناعه بالعودة إلى السعودية.
والارتدادات التي سبّبتها الجريمة لا زالت مستمرّة، رغم مرور 6 أشهر عليها، وهي ارتدادات تطال عصب العلاقة الأميركيّة السعوديّة الحسّاسة والدقيقة جدًا، خصوصًا في مجالات الأمن والاستخبارات، وهي علاقة “لا زال مستقبلها معلقًا، في انتظارات إجابات الرّياض”، بتعبير محلّل الشؤون الخارجيّة في “واشنطن بوست”، ديفيد إغناتيوس.
وحتى الآن، لا رواية سعوديّة واضحة، أو بتعبير أدقّ، مقبولة، حول كيفيّة ولماذا قُتل خاشقجي، ولا إجابات، في المقابل، على أسئلة كيف تم تدريب فريق إسطنبول الذي نفذ العملية وكيف تمكّن من السيطرة عليها؟ وما هو دور ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ومساعديه المقربين في عملية القتل؟ وما هي الروادع الجديدة التي يمكن تطبيقها، في الرياض وواشنطن، للتأكد من أن مثل هذا القتل المروع لخاشقجي لن يحدث مرة أخرى؟ والأهم من ذلك، هل سيتم محاسبة أي شخص؟ وهي الأسئلة التي تصرّ عليها الولايات المتحدة الأميركيّة.
وأكد إغناتيوس ان على الرغم من زعم المسؤولين السعوديين بأن بن سلمان أجرى تغييرات، بإقالة منسق عملياته السرية السابق سعود القحطاني، وإن “رويترز” كشفت أنه مازال في خدمة بن سلمان ولم يتعرض لأي عقاب، كما أن آلة القمع السعودي تبقى في الخدمة، ويديرها العديد من الأشخاص أنفسهم الذين عملوا مع القحطاني.
وأكد الكاتب أن بعض أعضاء مجموعة التدخل السريع السعودية التي أرسلت إلى إسطنبول تلقوا تدريبات في الولايات المتحدة، وفقا لمصادر أمريكية وسعودية وإن التدريب أوقف بعد العملية.
وقد حذرت وكالة المخابرات المركزية (سي آي أيه) الوكالات الحكومية الأخرى من أن بعضا من عمليات التدريب الخاصة هذه ربما قامت بها مجموعة “تاير وان غروب”، وهي شركة مقرها في ولاية أركنساس بترخيص من وزارة الخارجية.
وهذا التدريب تم قبل حادثة خاشقجي، باعتباره جزءا من الاتصال المستمر مع السعوديين ولم يُستأنف.
ويشير الكاتب إلى أن هناك أيضا خطة أميركية معلقة لتدريب وتحديث جهاز المخابرات السعودي في انتظار موافقة الخارجية الأميركية. وهذا المشروع طورته “Culpeper National Security Solutions”، وهي وحدة تابعة لشركة “DynCorp” بمساعدة بعض المسؤولين السابقين البارزين بـ”سي آي أيه”، ولم يتم القيام بأي عمل في المشروع.
ويكشف أن إحدى جهات الاتصال السعودية المشاركة في التخطيط لمشروع تدريب Culpeper، كان اللواء أحمد العسيري نائب الاستخبارات السعودية الذي يقول مسؤولون سعوديون إنه قيد التحقيق بسبب تورطه في عملية قتل خاشقجي.
ويشير الكاتب إلى أنه قد تم تعيين مايكل موريل، القائم بأعمال المدير السابق لـ”سي آي أي”، رئيسا لمجلس إدارة Culpeper عام 2017، لكنه لم يشغل هذا المنصب وفقا لمصدر مطلع على أحوال الشركة.
ونقل عن مصدر ثان ونقل إن موريل انسحب من المشروع خلال أيام من مقتل خاشقجي بسبب قلقه بشأن الاتجاه الذي تسير فيه السعودية، ورفض موريل التعليق.
كما أن ستيفن فاينبرغ، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة Cerberus، هو أيضًا رئيس المجلس الاستشاري للاستخبارات (بياب) الذي يقدم مشورة مستقلة في مسائل الاستخبارات.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على أنشطة الأعمال في Cerberus قوله إنه عندما تولى فاينبرغ منصبه قلل من اهتمامه بجميع الشركات في محفظة Cerberus التي شاركت في مسائل الدفاع والاستخبارات، بما في ذلك Tier 1 Group وDynCorp.
وقال المصدر المقرب من الشركة إن عملية سحب الاستثمارات حدثت قبل وفاة خاشقجي ولم تكن ذات صلة.
وذكرت الصحيفة أن العديد من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين يعتقدون أنه دون وجود قواعد واضحة ومساءلة، فإن هذه الشراكة قد لا تدوم في ظل معارضة شديدة من العديد من أعضاء الكونغرس.
من جهة أخرى أشار الكاتب أن مجموعة NSO وهي شركة إسرائيلية تقدم أدوات متطورة لاختراق الهواتف المحمولة، قامت بمراجعة وتعديل علاقتها بالسعودية، وفقاً لمصدر سعودي.
وذكر أن هذه الشركة، التي استحوذت عليها مؤخرًا شركة للأسهم الخاصة مقرها لندن تدعى Novalpina Capital LLP -بعد مراجعة داخلية- زعمت أن تقنية المراقبة الخاصة بها لم تسهم بشكل مباشر في تتبع خاشقجي في طريقه إلى حتفه.
لكن “واشنطن بوست” نقلت عن المصدر السعودي أن الشركة جمدت طلبات جديدة من المملكة بسبب المخاوف من أن تقنيتها ربما تكون قد أسيء استخدامها. ورفضت الشركة مناقشة أي عملاء محددين، غير مؤكدة أو نافية هذا الأمر.
ولم يُعثر حتى الآن على أي أثر لأشلاء خاشقجي، لكن السلطات التركية أشارت، في فبراير الماضي، إلى إمكانية حرق جثة خاشقجي المقطَّعة في مقر إقامة القنصل السعودي.