رسالة تنبيه عراقية !
احد اخطر اوجه الكارثة في عراق اليوم ? تفكك منظومة القيم المجتمعية ? بالتالي تلاشي مفهوم الاسرة ومقومات بناءها الصحيح ? من خلال تغذية النزعات العرقية ? والطائفية في نفوس المواطنين وهذا نتاج حتمي للحالة السياسية الدافعة نحو التخندقات الطائفية ومشاريعها الهدامة ? والداعمة للظواهر و الايحاءات الطائفية و العنصرية ورعايتها رعاية تامة ? بأدوات سياسية مغلفه بأطر دينية طائفية .
لا حاجة للتحليل المعقد ?المتابع للشأن العراقي عن كثب يكتشف بما لا يقبل الشك ان نمو ارضية الاسلام السياسي الطائفي و رواج مفاهيم وظواهر غريبة مثل المحاصصة بشتى اشكالها المرفوضة بواسطة ادوات تتصدر المشهد والساحة السياسية الراهنة بكل وضوح ? فبقاءها في الصدارة يأتي من خلال استمرار الحالة الطائفية والتخندقات المرفوضة وفق المفهوم المدني العام للمجتمع وغياب روح الانفتاح والعلمنة الايجابية في المجتمع بمواكبة التطور الحاصل في العالم و مفهوم الثقافة والنظام الديمقراطيين وفق المعايير المعمول بها عالميا في الدول والمجتمعات المتقدمة .
توصيف عراق اليوم بدقة يحملنا على القول بأننا نعيش في بلد فاقد للسيادة وهذا ايضا واضح ? في ظل اطار سياسي ثيوقراطي فوضوي ? بعيد كل البعد عن اطار الدولة ? لا نعيش اليوم بدولة ? بسبب غياب مؤسسات وبنى الدولة وتلاشي نظرية العقد الاجتماعي الذي يقوم بين الشعب والنظام السياسي ضمن الاطار المؤسساتي العام للدولة .
نعيش اليوم في ظل عراق مخرب مدمر لا سيادة لشعبه على اراضيه ? مخترق من كل الجهات المحيطة به شمالا وجنوبا شرقا وغربا ? نظرية الدولة مشوهه اليوم في العراق ? دلائل كثيرة على قولي هذا منها عدم وجود مواصفات ومؤهلات رجالات الدولة بساسة اليوم ? بتقييم الاداء السياسي لكلا منهم على ارض الواقع نكتشف هذه الحقيقة ? والشواهد على قولي كثيرة ? منها على سبيل المثال ? كلما اقترب موعد انتخابات وحسب الظروف القائمة نجد ان هؤلاء الساسة يلجأون لحاضناتهم الدينية او الطائفية او العرقية لا الوطنية .
فتقييم الحالة الوطنية للسياسي من خلال الطرح والاداء الفعلي المتراكم ?لا من خلال الاقوال المتغيرة حسب الظرف السائد وغياب الاداء الفعلي الدال على روح المواطنة الجامعة .
الاعتزاز بالدين والقومية والطائفة والعشيرة عرف سائد في مجتمعاتنا الشرقية عامة والعربية والاسلامية خاصة ? نحترم ونجل عرفنا هذا بكل معنى الكلمة ? وفق شروط ? في مقدمتها ضمان سلامة المواقف الوطنية تجاه القضايا المصيرية وتجاه المواطنين وعدم تأثرها بأفكار ومعتقدات المحيط الضيق للسياسي او التطرف بها على حساب باقي ابناء الوطن .
مسؤولية انسانية ? اخلاقية ? وطنية ? وحتى دينية ملقاة على عاتق كل من خاض المعترك السياسي و وصل به مستويات عليا بالحكم ? التخلي عن الاطر الدينية و الطائفية و العرقية الضيقة والخروج عنها باتجاه اطار اوسع واعم ? اطار المواطنة الجامعة لكل ابناء الوطن . والنظر لمصلحة الوطن والمواطنين نظرة واحدة ? بمنظار واحد ? لا اكثر من منظار ? كما هو حاصل اليوم .
هذه أسس وبديهيات يجب توافرها في السياسي الطامح لانجاح مشروع بناء الدولة العصرية ? تؤسس لنظام ديمقراطي على مستوى الدولة لا النظام السياسي فقط ? أي بمعنى شعب ونظام سياسي ? دولة عصرية ي?ْحترم فيها الانسان ويقدس المواطن .
بكل ألم و وجع نقول ? ان الخطى المترنحة وغير واضحة المعالم التي يسير عليها ساسة اليوم لن تؤسس لبناء دولة وانما تقسم وتجزأ شعب ودولة ? طالما استمر نهجهم الحالي الذي ينطلقون منه بغياب المواطنة كأساس للانطلاق في العمل السياسي ? واستمرار العمل بالنهج الطائفي و العنصري والتحدث بمنطق الحاضنات الضيقة .
ناهيك عن المضي قدما بتنفيذ أجندات خارجية غير عراقية عوضا عن الاجندة العراقية الوطنية ? والتعويل على القوى الخارجية كمحرك ديناميكي وعقل مدبر من اجل الوصول للسلطة .
كما على السياسي الفاعل مسؤولية ? على الجميع ان يعترف ان على المجتمع النخبوي والشارع العراقي مسؤولية اكبر واعظم ? تكمن في ضرورة الوقوف بحزم بوجه الفاشلين والانتهازيين والطائفين ومتصيدي الفرص ? الذي يتحكمون بمصائرنا جميعا ومستقبل وطننا ?الذي بات على كف عفريت يتراوح بين مشروع التجزئة والتقسيم واحتمالات الحرب الاهلية .
العقدة هنا تكمن في تساؤل ? ان كان ساستنا الطائفيون على علم بالنتائج فهي كارثة وان لم يكونوا فالكارثة اعظم واخطر .
ان دارت “طاحونة ” الموت الطائفية لا سامحا الله ? فلن تبقي ولا تذر شيئا?ٍ ? ولن تثبتهم في مناطقهم الطائفية كسادة واصحاب جاه وسلطان وانما ستحط من قدرهم وتضعف سلطانهم . ان لم نقل ان نارها تطالهم الواحد تلو الاخر.
على الشارع العراقي الاستمرار بروح المثابرة ومواكبة الاحداث والاتجاه صوب التغيير الجذري من خلال الحراك الشعبي ? وتصعيد الاداء الفعلي على ارض العراق ? وتوسيع رقعة التظاهرات والذهاب لخيار الاعتصامات المدن