من يمثل الارادة العربية في مؤتمرات القمة
نشر في جريدة الزمان اللندنية في عدد يوم 24/ 10 / 2000 ? بمناسبة انعقاد مؤتمر قمة شرم الشيخ لدعم الانتفاضة الفلسطينية .
ليس من الصعب التنبؤ بسلوك الاشخاص في موقف ما على اساس معرفة سيرتهم الذاتية السابقة ? وانماط السلوك التي اعتادوها في مواقف مشابهة .كما لم يكن من الصعب التنبؤ مسبقا بالسلوك السياسي ومجموعة المواقف التالية لطرف او جهة سياسية ما ? على اساس تتبع مجرى سلوكياتها السابقة ? لذلك لن يكون اكتشافا كما هو ليس ليس حالة خضوع لهاجس” المؤامرة” الذي يعتقد البعض انه يسيطرعلى جميع تفسيرات العقل العربي للاحداث? القول في ان مؤتمر قمة شرم الشيخ ليس الا جزء من المؤامرة الكبرى على ارادة شعبنا الفلسطيني وعلى الامة العربية . ولم يكن من مهمات قمة شرم الشيخ البحث في مكاسب المنتفضين بغية دعم انتفاضتهم او تقديم الدعم لها . بل لاحتوائها وتمييعها .فلقد صرح ياهود باراك هذا اليوم ان ” عملية السلام بشكلها الحالي وصلت الى نهايتها ? وقمة شرم الشيخ تهدف الى وقف العنف ? وتشكيل هيئة تعني بالحد من مخاطر تجدد العنف . أي أنه حدد مسبقا مهمات القمة العربية والغاية منها .
سواء أعلن باراك هذا الامر او لم يبادر للاعلان عن نياته? فالحقيقة معروفة من خلال مراجعة سلوك الاطراف المعنية ومتابعة مشاركاتها على امتداد تاريخ الصراع العربي – الصهيوني . سنقتصر هنا على بعض الامثلة القليلة التي لاتقبل او ترتضي تفسيرات مختلفة :
1-هناك كثير من اوجه التشابه بين سلوك الحكومات العربية حيال الانتفاضة الحالية? وثورة الشهيد البطل عز الدين القسام عام 1936. بعد ان فشلت الحليفة بريطانيا في قمع واخماد ثورة القسام? تنادى العرب لقمة من اجل مناقشة دعم الثورة? فأجتمع ملوك العراق? السعودية?الاردن?ومصر في اول مؤتمر قمة عربية في 10\10\1936. وكانت الغاية الحقيقية التي دفعت الملوك هو الخوف من امتداد الثورة لكياناتهم القطرية. وتوصل السادة الملوك الى ان افضل طريقة لتحقيق السيادة العربية على فلسطين هو ان يلقي الثوار اسلحتهم ويعتمدوا على ” النيات الطيبة لصديقتنا بريطانيا التي أعلنت انها ستحقق العدالة.” وستأتي قررات قمة شرم الشيخ الحالية بقرار مشابه تماما ودعوة وامنيات مشابه جدا?ِ? بعد مضي اكثر من 64 عاما?ِ على هذا القرار? بدعوة الانتفاضة لايقاف نشاطاتها والاعتماد على لجنة تحقيق بأشراف صديقتنا ” اميركا ”
2-عندما اجتمع الحكام العرب في ا?َب /1943 للتباحث في امكانية تحقيق الوحدة العربية. توصلوا الى صحة اطروحات نوري السعيد , رئيس وزراء العراق قي حينها? بضرورة التعاون من اجل حماية ” الاقليات” وضمان حقوقها كوسيلة لتحقيق الوحدة العربية. ولم تكن اية اقلية معنية بهذا الطرح غير حقوق الاقلية اليهودية في فلسطين ? فبدلا من تحقيق الوحدة او اتخاذ اي قرار يمكن ان يمثل خطوة باتجاهها ? اصبحت مشكلة رعاية حقوق الاقليات هي المشكلة ( أي الاقرار بحق الصهاينة في اغتصاب فلسطين ) ? يعني الاتفاق على تعطيل الوحدة .
3- اجتمع الملوك العرب في أنشاص في 28\5\1946, لتدارس الوضع في فلسطين? واعربوا عن امنياتهم? متوسلين “بالعلي القدير ان يحققها ” بأن ” لاتعكر هذه القضية صفو علائق المودة بين الدول والشعوب العربية من جهة وبين الدولتين الصديقتين انجلترا واميركا من جهة اخرى? حرصا على دوام هذه العلاقة وتفاديا?ٍ لاي اضطراب يمكن ان يكون له اسوء الاثر على السلم العام” وتوصل الحكام العرب في قرارهم الاساسي من اجل فلسطين الى ضرورة “وضع خطة لمقاومة الخطر الشيوعي.” ونعتقد ان نفس الامنيات في عدم تعكير صفو العلاقة مع الصديقة اسرائيل والحليفة اميركا? هي التي ستحكم قرارات مؤتمر القمة القادم . وقد يكون الارهاب ( وهو ما يكني به الحكام العرب والحليفان اسرائيل واميركا قوى الثورة العربية ) هو العدو والبديل عن الخطر الشيوعي المطلوب مواجهته.
3- في مؤتمر قمة الصمود والتصدي الذي عقد في الخرطوم? بعد فترة قصيرة من هزيمة حزيران 1967? والذي عرف بلاءاته الثلاثة- لا للمفاوضات .. لا للاستسلام .. لا للصلح -? وضع بعض حكام الدول المنتجة للبترول عبد الناصر امام خيارين .اما ان يطلب وقف ضخ النفط كما اقترح الرئيس العراقي عبد الرحمن عارف ? للضغط على الغرب لوقف دعمه لاسرائيل ? وهذ يعني ان الدول النفطية غير مستعدة لتقديم العون المالي الذي تحتاجه كل من مصر وسوريا والاردن لاعادة التسليح وبناء جيوش تتناسب وحجم المعركة القادمة ? او ان يقدموا له المال مع الاحتفاظ بحق الغرب بالتمتع بالنفط العربي وتقديم نسب من ارباح شركاته النفطية لاسرائيل . وأجبر عبد الناصر بالقبول بأعادة التسليح والتخلي عن فكرة استخدام النفط في المعركة. نفس الدعوات ستتكرر حول مطالبة الشارع العربي بوقف ضخ النفط? فالشعب الفلسطيني بحاجة الى الدعم المادي لتعويض الخسائر التي تعرض لها جراء الانتفاضة. ولاشك ان وقف ضخ النفط سيؤثر في تقديم المعونات المادية للتعويض عن هذه الخسائر خاصة وان