ثورة ق?ي?ِم لا عدوانية
لم تكن الشعوب العربية في حال?ُ أفضل قبل اندلاع الربيع العربي فقد عانت الأم?ِر??ِين من أنظمتها الحاكمة , فمن سرطان الفساد والرشوة والمحسوبية إلى انعدام العدالة وغياب المساواة , مرورا?ٍ بالقمع والظلم والإستبداد .
أيضا?ٍ لم تكن الأنظمة في وضع ت?ْحسد عليه فهي السبب الرئيسي والمباشر في كل ما يحدث , وتتحمل الشعوب جزء?ٍ من المسئولية فقد ساهمت بشكل وبآخر في تغذية الفساد وإشباع نهمه .
لله سبحانه حكمة في الربيع العربي فليس هناك بريء لا الأنظمة ولا الشعوب ولا الربيع ولا يد??ِعي طرف?َ أن الله عز وجل يصب عليه البلاء صب??ِا?ٍ فالمعاناة نتيجة حتمية وثمن طبيعي كعقوبة إلهية لجناية الأنظمة والشعوب , الكل اليوم يدفع الثمن والخوف مما هو أضر وأوجع مما نحن فيه نسأل الله اللطف .
وبالعودة لمضمون الكتابة فقد خلت ثورات الربيع العربي من أهم?? ميزة تمتلكها الثورات على مر?? التاريخ وهي القيم :
· في العراق – التي بدأ منها الربيع – خلت محاكمة الرئيس الراحل صدام حسين من أبسط معاني النزاهة والحيادية والشرف , وترافق معها قرار حل?? حزب البعث الحاكم وتسريح الجيش وبها كانت القاصمة التي قصمت ظهر عراق ما بعد صدام حسين .
· ثورة تونس هي الأكثر قيمية إلا أن حل??ِ حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم وحظره وملاحقة رموزه بدوافع إنتقامية دلالة على العقلية الإقصائية المتعفنة التي أفقدت الثورة جزء?ٍ مهما?ٍ من قيميتها , مضافا?ٍ إليه إنكار وجحود سنوات حكم بن علي .
· في مصر يواجه الرئيس مبارك المريض ذي الثالثة والثمانين عاما?ٍ محاكمة تفتقد للإنسانية , وينال تاريخه الجحود والنكران كزين العابدين ويواجه حزبه الوطني مصير ساب?ق?ِي?ه? البعث والتجمع الدستوري الديمقراطي .
· في ليبيا ق?ْبض على القذافي وولده المعتصم ووزير دفاعه وتم إعدامهم بطريقة بشعة تنم عن فقدان الدين وانعدام الأخلاق والمروؤة والقيم الإنسانية النبيلة وظلت الجثامين مرمية في حاوية يزورها الناس ويلتقطون لها الصور لأيام حتى تعفنت وبعد جدل حول التصرف في الجثة كان الإختيار ما بين الرمي في البحر والدفن في مقبرة الغزاة أو في الصحراء سرا?ٍ .
رحم الله أسماء بنت أبي بكر حين قالت لولدها عبدالله بن الزبير وقد أبدى خشيته من التمثيل به بعد موته : أو يضر الشاة سلخها بعد ذبحها ?
لقد كان صدام حسين أوفر حظا?ٍ من معمر القذافي وكان خصوم صدام أكثر دينا?ٍ وإنسانية وأخلاقا?ٍ من خصوم القذافي وكان الأمريكان أشرف من الناتو والسؤال : ما الذي يخشاه الأثوار من الميت ?
صدام حسين حظي بتسليم جثته لعائلته التي دفنته في مسقط رأسه بعد أن نال ما للميت من حق التغسيل والتكفين والصلاة والمواراة , بينما ح?ْرم القذافي من كل ذلك ود?ْفن سرا?ٍ في الصحراء في مخالفة صريحة لتعاليم الشريعة وأعراف الإنسانية .
الخوف من الميت :
ما حصل للقذافي خطأ جسيم وتكرار واضح لما وقع فيه ثوار بعض البلدان العربية إب??ِان ثورات التحرر في الخمسينات والستينات , هكذا كانوا يتعاملون مع خصومهم فالإمام البدر رحمه الله كان يتمنى الدفن في وطنه اليمن وأوصى بذلك لكن الرعونة السياسية والحقد الأعمى والمرض المستفحل حال دون تحقيق أمنيته وإنفاذ وصيته !!!
الله ما أسرع إنصافه , حكام العرب مكثوا طوال عقود من حكمهم يلعنون سابقيهم ويطمسون آثارهم وأمام أعينهم وعلى مسمع من آذانهم جاء من يلعنهم ويجحد آثارهم وبعد موتهم يعلم الله بماذا سيتعاملون معهم ?
وخلاصة القول : أردت فقط تسليط الضوء على سلبية قاتلة تصاحب ثورات الربيع العربي ألا وهو افتقادها للقيم الدينية والأخلاقية والإنسانية التي ترقى بالإسلام والعروبة ومعها أصرخ : نحن في حاجة لثورة قيم لا عدوانية .