على من تضحكين ياهوليوود?
الى متى ستظل صورة المنطقة العربية في السينما الهوليوودية مرتبطة بالصحراء والرمال والجمال والبحر? والى متى سيظل العرب خارج منطقة الحداثة حيث يظهرون في أفلامها بلحى كثة وهندام قديم وعادات بالية , يتجولون في الأسواق القديمة ضمن تفاصيل حياة رثة?
هذان السؤالان دارا في رأسي وأنا أتابع الفيلم الهوليوودي ” قاتل النخبة ” أو” Killer
Elite “الذي يعد أحدث ما أنتجته هوليوود حيث جرى عرضه في صالات العرض
السينمائية العالمية الأسبوع الماضي وتراوحت ميزانية انتاجه بين 66 مليونا إلى 70 مليون دولار أمريكي.
وبعيدا عن موضوع الفيلم الذي ضم نخبة من نجوم هوليوود : جيسون ستاثام? روبرت دينيرو? دومينيك بورسيل وكليف أوين? وأخرجه جاري ماكندري وسيناريو وحوار: مات شيرينج, فموضوعه لا يستحق كونه اعتمد على الإثارة والمطاردات والأكشن ليكون فيلم شباك تذاكر بامتياز ! بلا مضمون ولا طرح فكري , فإن الذي أثارني في الفيلم هو استمرار هوليوود في أفلامها بالإقلال من شأن العربي أمام الأوروبي , رغم أن العالم لم يعد مثلما كان في الستينيات , فلقد صار مفتوحا , بفضل الفضائيات وشبكة الأنترنيت , فعلى من تضحكين يا هوليوود ?
ومثال على ذلك :عندما تنتقل الكاميرا في “قاتل النخبة” من لندن أو باريس الى عمان تبدو كأنها تنتقل من عصر الى آخر !! فلا توجد حدائق ولا دور سكنية ولا مراكز تجارية , والشيء الوحيد الموجود هو الرمل والبحر وعقود النفط والحقائب المتخمة
بالدولارات التي تدفع للقتلة المأجورين , ويمشي الأوروبي , كما يظهر في هذه الأفلام ,على هذه الأرض بخيلاء وكأنه هابط من كوكب آخر !!بينما يمارس سكان هذه الأرض حياتهم بعشوائية وبؤس رغم أن أحداث الفيلم تجري في الثمانينيات وهو عقد شهد قطف ثمار الطفرة النفطية في المنطقة بشكل واضح
واذا كانت مشاهد كثيرة من الفيلم الذي صو?ر في المغرب تجري أحداثها في جنوب السلطنة فعندما ينتقل البطل الى مسقط ويهبط عبر طائرة الهليكوبتر يظهر الفيلم , , أن مسقط ليست سوى صحراء ورمال وشاطىء يزدحم بالبشر الذين يملأون المكان فوضى , مشهد الهبوط يحمل دلالة واضحة تعكس روح التعالي التي أراد صانعو الفيلم أن يظهروا البطل الأوروبي عليها قياسا للذين يدبون على الأرض يملأونها ضجيجا !!
أما قصة الفيلم المقتبسة عن رواية?ُ مثيرة?ُ للجدل للكاتب? فينيس رانولف “الرجال الجبناء” فهي أيضا تظهر روح العربي المفتونة بمشاعر الحقد والثأر بينما يرق قلب الأوروبي داني (جاسون ستاثمان) حين يقتل قائدا مكسيكيا ويحنو على طفل غطى وجهه الدم كان مع القتيل , فيصاب بصدمة , لرهافته كما أراد صناع الفيلم , فيتقاعد عن العمل ويتجه الى استراليا , لكنه لم يهنأ هناك طويلا إذ يتلقى طردا به تذكرة طائرة وصورة لزميله هانتر (روبرت دينيرو) الأسير لدى أحد شيوخ عمان , فتثور النخوة والشهامة في روحه ويطير داني الى ع?ْمان لإنقاذ صديقه. وهناك يشرح له الشيخ الذي لم يبق له من الحياة سوى ستة شهور , كما يؤكد له الأطباء, ومن الأولاد سوى ولد واحد ويريد أن يودع الحياة بعد أن يثأر هذا” الأوروبي !!” لأولاده الثلاثة الذين قتلهم أفراد الخدمة الجوية الخاصة البريطانية في الحرب , والمعروف في التقاليد العربية أن الثأر لا يأخذه سوى أهل القتيل , لكن صناع الفيلم أرادوا أن يظهروا العربي عاجزا , لذا يستعين بالأوروبي لتحقيق ذلك , وكل الذي يتمناه هذا الشيخ الذي كان يحتضر , أن يشهد القصاص ينزل بالقتلة , فيعرض على (داني) مبلغ 6 ملايين دولار ليقوم بالمهمة وفي الوقت نفسه يحتجز الشيخ معلمه هانتر حتى يتم صديقه المهمة ويطلب من داني أن تظهر كل عمليات القتل على أنها حوادث أو حالات وفاة طبيعية , وهذه أيضا تخالف التقاليد العربية في الثأر حيث يتباهى المنتقم بأخذ ثأره , لا يمحو آثار جريمته لتقيد ضد مجهول !!بالإضافة الى اعتراف قتلة أبناء الشيخ بجريمتهم أمام الكاميرا قبل إنزال العقوبة بهم!!
هذه الصورة التي تظهر العربي المتشبع بمشاعر الإنتقام والثأر , العاجز عن أخذ ثأر أولاده , فيلجأ الى قاتل مأجور محترف , هذا القاتل يبدو مثاليا حين يؤكد إن هدفه ليس المال وإنما اطلاق سراح (هانتر) وهذا ما يفعله في نهاية الفيلم حين يترك الحقيبة المليئة بملايين الدولارات ويستل (هانتر) حزمتين أو ثلاثة ويترك الباقي للقاتل الذي قضى على الشيخ أما ابنه الرابع الذي كان يرافقه فقد قال “لن أعود للصحراء” !!!
من خلال هذه الأحداث نستشف أن (هوليوود) تظل تؤكد على الصورة التي رسمتها ماكنة الإعلام الغربي للعربي وهي صورة فيها الكثير من الإجتراء والعسف وتقوم هوليوود بتصديرها بشكل أصبح مضحكا للقاصي والداني !
razaq61@yahoo.com