ما بعد الثورة .. التعذيب حتى الموت في سجون مصر
أعلنت منظمة حقوقية مهتمة بقضايا ضحايا التعذيب والعنف في مصر? أن الشاب عصام عطا قد تم تعذيبه في السجن حتى الموت? ما أثار غضبا شعبيا وأعاد إلى الأذهان قضية خالد سعيد الذي توفي تحت التعذيب وأشعل موته شرارة ثورة 25 يناير.
لا تزال جدران الكثير من شوارع القاهرة والإسكندرية تحمل صورة الشاب “خالد سعيد” ضحية التعذيب وأحد أيقونات الثورة المصرية? إذ كانت قضيته أحد الأسباب المباشرة التي أدت إلى اندلاع المظاهرات عام 2010 وهو ما مهد الطريق لاشعال نار الثورة المصرية في يناير/ كانون الثاني 2011. وكان طموح الكثيرين من النشطاء والمنظمات الحقوقية أن تنجح الثورة المصرية في القضاء على ظاهرة التعذيب? وأن تطوي صفحة التعذيب مع نهاية عهد مبارك. لكن منذ تنحى مبارك وحتي الآن لم تتوقف حوادث التعذيب المتكررة في مصر في ظل غياب أحكام قانونية رادعة لمرتكبي جرائم التعذيب.
ففي مارس / آذار الماضي نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا?ٍ اتهمت فيه الجيش المصري بالضلوع في عمليات تعذيب ضد عدد من المتظاهرين وإجراء كشوف عذرية على عدد من الفتيات اللواتي تم القبض عليهن. قيادة الجيش أنكرت التقرير ونفت ما ورد فيه من اتهامات? ثم عادت واعترفت بها ووعدت بإجراء تحقيقات في هذه الإدعاءات. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي ظهر على الانترنت فيديو يظهر فيه عدد من ضباط الجيش والشرطة وهم يقومون بضرب عدد من الموقوفين وصعقهم بالكهرباء داخل مركز للشرطة في القاهرة.
أثار هذا الفيديو موجة اعتراضات واسعة انتهت بقرار أصدره رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر المشير حسين طنطاوي بفتح تحقيق فيما تضمنه هذا الفيديو. وحتي الآن لم تعلن نتائج التحقيق في هذه الواقعة? كما لم تعلن نتائج التحقيقات في عشرات قضايا التعذيب التي ظهرت في مصر ما بعد الثورة.
هذا وقضت محكمة جنايات الإسكندرية يوم الأربعاء (26 تشرين الأول/ اكتوبر) بالحكم سبع سنوات على اثنين من المتهمين في قضية خالد سعيد. وقد رأى البعض في الحكم انتصارا?ٍ لخالد السعيد? رغم أن الكثيرين من النشطاء على الفيسبوك ومواقع التواصل الإجتماعى انتقدوا الحكم الذي لم يشكل الضابط الذي يتهمه النشطاء بالتحريض على تعذيب خالد. وتزامنا مع ذلك ظهرت ضحية جديدة للتعذيب وهو الشاب عصام علي عطا الذي كان معتقلا في سجن طرة? وكان قد حكم عليه بالسجن لمدة عامين من قبل المحكمة العسكرية في 25 شباط / فبراير الماضي رغم أنه مدني. وأعلنت منظمة النديم المصرية لعلاج ضحايا التعذيب أن عصام قد لقي حتفه نتيجة التعذيب داخل السجن.
ويوضح محمود فتح الباب محامى أسرة الضحية بدايات القضية بقوله أنها “تعود إلى بضعة أشهر حيث تقول أسرة عصام علي عطا أنه كان مارا?ٍ في الشارع بجوار مشاجرة في منطقة المقطم بالقاهرة? وفجأة حضرت الشرطة العسكرية وقامت بإلقاء القبض على كل من في المكان ومن ضمنهم عصام? وتم تقديمهم للنيابة العسكرية التي أصدرت حكما?ٍ فوريا?ٍ بالسجن سنتين على عصام. ثم تم تحويله إلى سجن طرة المشدد التابع لوزارة الداخلية.”
حاولت أسرة عصام تهريب “شريحة” محمول إليه داخل السجن حتي يستطيع التحدث معهم? لكن أحدهم داخل السجن وشى به حيث تم العثور على “الشريحة”. ويقول محمود فتح الباب في حوار مع دويتشه فيله: “تعرض عصام للتعذيب عقابا?ٍ على محاولته تهريب الموبايل? وحسبما روت والدته آخر مرة زارت فيه عصام أخبرها بأنه يتعرض لعمليات تعذيب وحشية حيث يقومون بإدخال خراطيم مياه إلى جسده عبر فمه ومؤخرته”.
وفي مساء الخميس (27 أكتوبر/ تشرين الأول) وصلت جثة عصام علي عطا إلى مستشفي القصر العينى وذهب المحامي محمود فتح الباب إلى المستشفي? حيث أخبرته الطبيبة التي استقبلت جثة عصام “أنه حينما وصل للمستشفي كانت جميع أجهزته متوقفة عن العمل” وأنها ذهبت إلي نقطة شرطة المستشفي لتحرير محضر إثبات حالة? لكن في البداية تهرب الضابط المسئول من تحرير المحضر “لكن النبأ كان قد انتشر على تويتر والشبكات الاجتماعية? وتعاقبت مكالمات التليفون على الضابط المسئول من قيادات الداخلية حتى استجاب وحرر المحضر”.
وصباح يوم الجمعة (28 أكتوبر/ تشرين الول) تدافع المئات من النشطاء نحو “مشرحة زينهم” حيث جري تشريح جثة عصام لبيان أسباب الوفاة? كما انتقلت مسيرة من ميدان التحرير إلى منطقة زينهم حيث المشرحة منددة باستمرار جرائم التعذيب التى ترتكبها أجهزة الشرطة. وظهرت على الفيسبوك صفحة بعنوان “كلنا عصام على” جذبت الكثير من المتضامنين في سيناريو مماثل لحالة خالد سعيد حيث كانت صفحته على “الفيسبوك” أول المنابر الإعلامية التى دعت للثورة المصرية يوم 25 يناير.