السيد حسن نصر الله يكسر الصمت ويضع النقاط على الحروف
بقلم/ د. سهام محمد
كان من اللافت في المقابلة الهامة جدا مع سماحة السيد نصر الله العديد من النقاط التي وجب وبيانها والتركيز عليها لأنها بالفعل تؤسس لمرحلة جديدة في الصراع والرؤية الإستراتيجية في المنطقة :
اولا ان البث المباشر للمقابلة بحد ذاته تحد كبير ورسالة واضحة … والدليل ان القنوات الاسرائيلية نقلت مباشرة ايضا وبعضها يحلل مباشرة ..لدرجة توقّفهم عند التحليل والملاحظة امام الراحة الظاهرة على ملامح السيد وحسه الفكاهي … الواضح ان السيد حسن نصر الله أراد ان يوصل رسالة واضحة هنا اننا نحن أسياد الوقت ونحن من يختار التوقيت المناسب في فعلنا ورد فعلنا .
اللافت في هذا الامر انه كرس إستراتيجية الغموض البنّاء نحو العدو الامر الذي يزيده إرباكا . انها حرب نفسية مدهشة ( الآيكيدو النفسية ) وهو تحويل مسألة الانفاق على الحدود مع لبنان من محاولة صنع انجاز اسرائيلي الى سلاح مضاد ( عدم كشف عدد الانفاق وتاريخها ومن حفرها .. وتبخيس شأنيّتها في مسألة تجاوز الحدود … زيادة ألهلع عند المستوطنين … زرع الشقاق وقلة الثقة بين قادة العدو ومستوطنيه … البسمة بحد ذاتها اصبحت سلاحا نفسيا … ) انها بالفعل قدرة جبارة على إدارة الحرب النفسية.
كما اكد على جهوزية المقاومة الكاملة لاي عملية دخول للجليل والسيطرة عليه على امتداد حدود ١٠٠ كلم وبآلاف المقاتلين كإجراء دفاعي في حال حدوث الحرب دونما حاجة للأنفاق.ومن كل الجهات ومن حيث لا يعلمون ولا تقف امامنا الجدران والحواجز .
كما اكد السيد على غياب وارتباك الوعي الاسرائيلي في عقيدة القتال ( مثلا : تحول المناورات عندهم من هجوم الى دفاع ) .
وكشف الحوار اعلانا رسميا ان السيد ينطق بإسم محور المقاومة …وهذا المحور يعلن : كل الخيارات موضوعة على الطاولة وهي مفتوحة … وتحذير شديد اللهجة لنتنياهو كي لا يخطىء في التقدير خاصة في اندفاعته في سوريا لحاجات انتخابية لديه …حيث ان غاراته ورهاناته سقطت لان النظام بقي وازداد قوة وايران موجودة وحزب الله وان الامكانات القتالية وصلت لبنان ومنها الصواريخ الدقيقة ..واعلان عدم السماح بالاخلال بموازين القوة والردع ..
ثم تطرق السيد لدول المنطقة فأكد أن ما حصل في سوريا انتصار كبير جدا وان الملفات المتبقية ( ادلب و شرق الفرات هي في الحقيقة تشهد اليوم اشكاليات وتعقيدات تركية كردية وروسية … ) وأكد السيد ان ترامب جادّ في الإنسحاب من سوريا الأمر الذي سبب هلعا لكل اتباع امريكا في المنطقة …الذين حاولوا تدارك هزيمتهم فحصل تقييم استراتيجي في ابو ظبي بين الامارات والسعودية على اثره تقرر الانفتاح على النظام السوري واعتبار أن الأخطر في هذه المرحلة ليس إيران إنما امتداد نفوذ لتركيا وقطر والاخوان … كما اكد السيد في سياق حديثه ان الاكراد مثلا عندما استشعروا تخلي الولايات الامريكية عنهم جاؤوا الى بيروت وطلبوا مقابلة مع حزب الله لطلب الوساطة مع النظام السوري ثم نحو روسيا لشعورهم بالخيانة الامريكية لهم .. ثم بدأت الدول العربية تتواصل مع النظام السوري من زيارة الرئيس السوداني عمر البشير الذي جاء موفدا من السعودية الى اعلان بعض الانظمة الاخرى التواصل ….لكن عاد ترامب لابطاء اندفاعة العرب تجاه سوريا واخذهم الى مؤتمر مزمع عقده في وارسو لاعادة توجيه العداء نحو ايران …
ويؤكد السيد في تقييمه ان ترامب سينسحب في كل الحالات .. ومن مؤشراته الكبرى اتفاق ترامب مع طالبان في افغانستان …وحصلت محاولة لصفقة عرضها الامريكي لينسحب مقابل انسحاب ايران وحزب الله من سوريا ، وعرضها الروسي لتقصّي الجواب فتشاور روحاني مع السيد حسن ومع الرئيس بشار الاسد وكان الرفض وكان رأي السيد انه لا ضروري لأي تنازل لان ترامب سينسحب عاجلا ام اجلا …
تطرق السيد حسن لصفقة القرن حيث أكد انها في تراجع بسبب وهن بن سلمان بعد جريمة الخاشقجي وعدم وجود تفاعل فلسطيني يمكن ان يتحمل هذه الخطورة الكبرى …
اما في خصوص البحرين فقد أكد السيد على حق للشعب في تقرير مصيره وتأكيد مظلوميته .
وأضاف أن ما يحصل في اليمن هو بالفعل اسطورة تنتصر ويجب أن تدرس .
اكد السيد ان العلاقة مهمة جدا وثابتة مع الحلفاء لا سيما مع فخامة الرئيس وجبران باسيل لكن مع الانتباه لهامش كل طرف في التمايز وعدم الانجرار الى سجالات لا طائل منها …واكد على معلومة عن سعي امريكي اعلنه هيل في زيارته الاخيرة للبنان لفصل التيار الحر عن حزب الله …
كما نفى السيد اشاعة المثالثة والسعي لتغيير الطائف وتحدى المروجين لهذا الأمر في ايجاد ولو دليل صغير …
كما اكد ايضا على سلام داخلي في لبنان مع ضرورة البعد عن اي اثارة مهما كان نوعها .. ونفي الغلبة ودعى للتفاهمات والتقارب ..
اما في الشأن الحكومي فقد اصر على التشكيل السريع مؤكدا أن حزب الله لا يعطل بل انه قدّم كل التسهيلات وقدم الحل قائلا( ترجموا نتائج الانتخابات في تشكيلها ) -ومؤكدا هناك مساع جدّية للتشكيل ونحن ننتظر كما اكد ان العلاقة مع الرئيس الحريري الذي له ظروفه الاقليمية جيدة وهو حسب السيد يحاول تدوير الزوايا مشيرا ان هناك تجنب من جهة حزب الله لعدم مهاجمة حزبه او الدخول معه في اي مواجهة خلافا لهم .
أشار السيد أيضا للجدّية في مكافحة الفساد وانه مسار طويل للمكافحة وحساس وخطير لكن مع اصرار كبير من قيادة الحزب على المضي فيه. واكد السيد ان الفساد مغطّى قانونا وهذه مسألة مهمة تحتاج مسارا تعديليا للنصوص وهذا بدأ لكن غياب تشكيل الحكومة يؤثر مشيرا الى ضرورة تطهير القضاء مع التأكيد أيضا ان المعركة المقبلة ستكون اقتصاديا أساسها العمل على منع هدر مال.
ثم اكد في نهاية الحوار ملخصا ان الحزب رغم قوته لا يريد حكم البلد بل يريده للجميع ومع للجميع .