معركة الصدق
بقلم/ عبدالحافظ معجب
اتخذت دول العدوان على اليمن من مقولة الألماني جوزيف جوبلز “اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس” شعاراً لها، فيما اتخذت اليمن من قوله تعالى في سورة التوبة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ” عنواناً لمواجهة العدوان في حربه الظالمة على اليمنيين، حتى ترسخت لدى العالم قناعة بأن ما يقوله الجيش اليمني واعلامه الحربي صدقاً لا مجال فيه للتضليل أو الخداع.
وعلى الرغم من أن دول العدوان كانت السباقة إعلامياً في الحرب من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده سفير السعودية في واشنطن آن ذاك عادل الجبير عشية انطلاق عملياتها العسكرية واستعانتها بعد ذلك بالبوق المسمى أحمد عسيري متحدثاً باسم عاصفة عدوانها، وبالرغم من امتلاك دول العدوان لماكينة اعلامية كبيرة وضخمة في ترويج الأكاذيب وبث الاشاعات التي كانت ولا تزال تهدف الى قتل الروح المعنوية للمقاتل اليمني وتستهدف قصف ادمغة اليمنيين في بيوتهم إلا أن “مقطعاً” صغيراً من الفيديو كانت تقدمه عدسة الاعلام الحربي كان ينسف كل ما يدعون.
وبعد أربعة اعوام من التضليل والكذب والتزوير للعدوان عاد عادل الجبير لمهنته الاصلية في “صب الشاي والقهوة” لطال عمره، واحمد عسيري يواجه حبل المشنقة عندما انتهى دوره، ووسائل اعلامهم أنهكها الكذب ومل الناس تكرارها واعادتها لنفسها في كل نشرة وبرنامج، فيما لمع نجم متحدث الجيش اليمني العميد يحيى سريع الذي يتصدى اليوم بمفرده لما تبقى من ماكينات الكذب والتضليل وأصبح المتحدث الوحيد الذي ينتظر العالم ماذا سيقول عقب كل عملية نوعية لأبطال جيشنا ولجاننا الشعبية التي اتخذت من الصدق منهاجاً لا يتعب فيه أحداً.
سريع الذي تأخر قرار تعيينه كثيراً ولكنه بسرعة الضوء خطف الأضواء عالمياً حتى باتت تصريحاته مصدراً رئيسياً لوسائل الاعلام العالمية وللصحافة الأجنبية ولسان حالهم يقول “وينك من زمان ياسريع” وربنا يسامح اللي كان السبب.
ومن واقع التجربة الاعلامية مع ابواق العدوان خلال الفترة التي مضت من عمر حربهم علينا الكل أصبح يعي انهم اعتمدوا على الكذب والخداع والاشاعة والتشويش وإخفاء الحقائق والمعلومات واختلاق وقائع ممسرحة واغراق وسائل الاعلام بأكثر الاخبار تناقضاً لتشتيت المتابع واغراقه في تفاصيل لا علاقة لها بحقيقة الحرب والصراع، وازاء ذلك لابد لنا من تحصين أنفسنا بوقاية ذاتية من الحرب الاعلامية والنفسية من خلال عدم الاستهانة بالدعاية او الخبر او الموقف، وعدم تبسيطها، والتحرر من طغيان الخصم وصورته الدعائية، ورفض القوالب الجاهزة في الحكم على الأمور والاحداث، وعدم خداع النفس بالإسقاط “ينسب الشخص سلبياته للأخرين”، وعدم الاستلام للأحداث أو الدعايات أو الانجرار ورائها، والتمسك بالثبات والوضوح في الاحكام، والثقة بالخلفية الفكرية والوطنية، والتحصن بالإيمان.