اليمن بعد 1400 يوم من العدوان .. السعودية تتنصل من جرائمها في ظل غياب العدالة الدولية
شهارة نت – تقرير / عبدالله الحنبصي
في تحول جديد للمواقف السعودية حيال عدوانها على اليمن، أخذت التصريحات السعودية تأخذ منحنى مغاير لما كانت عليه من خلال تخليها عن نبره الهجوم واستخدام القوة الى محاولة التنصل عن جرائمها المتعددة باليمن، حيث يقوم المسؤولون والاعلاميين السعوديون بالتعمد على اصدار تصريحات وكتابة مقالات يدعون فيها ان الاعلام شوه ما يقومون به في اليمن زاعمين ان عملياتهم العسكرية التي اودت بما يزيد عن 40 الف مدني بين شهيد وجريح تأتي في اطار القانون الدولي والانساني وان هدفهم من الحرب هو انقاذ ومساعدة اليمن.
ويتضح من خلال المقال الذي نشره الأمير السعودي تركي الفيصل “الرئيس السابق للمخابرات السعودية”، في صحيفة الشرق الأوسط السعودية في عددها الصادر يوم الجمعة، الموافق 18يناير 2019م، بعنوان (نحن واليمن، التفسيرات المغلوطة لتدخّل مشروع) ، يتضح مساعيه الى اختلاق مجموعةٍ من التبريرات التي يرى فيها أن تدخّل السعودية واعتداءها على اليمن (كان مشروعاً).
فالفار عبد ربه منصور هادي صرّح فور وصوله إلى الأراضي السعودية بأنه لم يكن يدري أن هناك حرباً قد قامت وسُمّيت بعاصفة الحزم مما يعني حصول العدوان على اليمن بقرار سعودي ودون موافقه حتى من جامعة الدول العربية
ويحمل الأمير في مقاله المنظمات الإنسانية الدولية مسؤولية تردي الاوضاع الانسانية في اليمن ليقول بأن السعودية ليست هي مَن تسبّب في حصار اليمن وتجويع شعبه الصامِد، وتفشّي الأمراض المُزمنة والطارئة فيه بسبب منع وصول الدواء إلى المحتاجين؛ ويكرّر بأن السعودية ليست مَن كان السبب في تدمير دولته ومؤسّساته وبنيته التحتية واحتلال جزره وشواطئه والعديد من محافظاته.
وركّز الأمير الاستخباراتي في مقاله الذي خطه من مُنتجعه في الولايات المتحدة الأميركية حيث يُمضي هناك مُعظم أوقاته الدافئة، على أن هناك ثنائية محورية في (أمن واستقرار) اليمن والمملكة ، متجاهلاً أن المملكة السعودية شنت عدوانها الأول على اليمن في العام 1934م واحتلّت كلاً من منطقتي الحديدة وحجة، وكانت القوات السعودية الغازية المحتلة بقيادة الأمير فيصل بن عبدالعزيز وهو أبو الأمير تركي الفيصل.
كما وقفت المملكة السعودية ضد إرادة الشعب اليمني في ثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14 أكتوبر 1963م، حيث حاصرت جنوب اليمن ولَم تعترف بالنظام الوطني في الجنوب إلا بعد قرابة 8 سنوات.
كما شنّت المملكة السعوديّة الحرب على اليمن الجنوبي عام 1969م واستولت على أجزاءٍ واسعةٍ من أراضي الوديعة والشرورة وهي أرض يمنية أباً عن جدّ.
كما وقفت السعودية ضدّ إرادة الشعب اليمني في تحقيق وحدته في 22 مايو 1990م، وتم طرد ما يزيد عن مليون ونصف المليون مهاجر مُغترب يمني في ذات عام الوحدة كي تشكّل عقبة كؤوداً وتحدياً كبيراً في وجه الدولة اليمنية الوحدوية الوليدة، وشجّعت ودعمت حركة الانفصال في 1994م، ودعمت الانفصال بالمال والسلاح والعملاء والمرتزقة.
وفي العقدين الاخيرين شنّت السعودية حرباً ضروساً استمرت لأسابيع في الحدود الشمالية للجمهورية اليمنية وتحديداً في محافظة صعدة وراح ضحيّتها مئات من الشهداء والجرحى وتدمير البنى التحتية للمحافظة.
لتختم السعودية حربها العدوانية بتحالفها في شهر مارس 2015م ولا تزال مستمرة في عدوانها حتى كتابة هذه الأسطر في العام 2019م، قتلت فيها عشرات الآلاف، وجرحت أضعافهم، وجوّعت الملايين من شعبنا الصابر الصامِد. وبسبب هذا العدوان من دون سواه تم إدخال المملكة السعودية ضمن قائمة العار السوداء التي يصدرها مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة في جنيف لعامين متتاليين 2017م و2018م، واتخذت العديد من برلمانات العالم قرارات تشريعية بعدم تصدير الأسلحة والذخائر إلى السعودية، لأنها تقتل به الأطفال والنساء والشيوخ المدنيين.
وللتذكير فحسب فإن الكونغرس الأمير
كي قد أصدر في نوفمبر 2018م قراره التاريخي بإدانة السعودية ومنع تصدير الأسلحة والذخائر إليها، لأنها تقتل الأطفال والنساء المدنيين اليمنيين.
بعد كل الذي اقترفته المملكة العربية السعودية من جرائم مشهودة موثّقة في السجّل العالمي لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الإنسانية الدولية، وموثّقة في جميع وسائل الإعلام المحلية والعالمية، وقبل هذا وذاك موثّقة في الضمير الجَمْعي للشعب اليمني العظيم.
ويتسأل متابعوا الامير تركي عن كيف لأيّ أحد أيَّاً كان موقعه أو مستواه أن يحاول، لمجرّد المحاولة، التنصّل والهروب من كل هذه الجرائم وبهذه البساطة والسذاجة والتسطيح؟!!، لا أظن أن هناك عاقلاً ما في كرتنا الأرضيّة يستوعب هكذا تبرير لمجرّد الهروب من الاستحقاقات الإنسانية والأخلاقية والدينية والاقتصادية، لأن دماء اليمنيين ليست رخيصة كما يظنّون، ولو كانت لما صمدوا أربع سنواتٍ عجاف، وكذلك لما قال فيهم الرسول الأعظم محمّد بن عبدالله صلّى الله عليه وسلّم أزيد من أربعين حديثاً نبوياً شريفاً، تمجيداً لهم ولأدوارهم العظيمة.
محمد آل جابر “السفير السعودي في اليمن” والذي يعتبر الحاكم الفعلي للمناطق المسيطرة عليها السعودية والامارات اطلق هو الاخر تصريحات مشابه لمقال الامير السعودي، وكذا ما يقوله بشكل مستمر في الآونة الاخيرة تركي المالكي “المتحدث الرسمي باسم تحالف العدوان السعودي” حول ان الاعلام يستهدف السعودية ويحرف الحقائق حول ما يجري من مجازر وتدمير وحصار وتجويع لليمنيين، مع تأكيدات منهم أن السعودية تقدم المليارات لدعم اليمن ومساندته.
وخلافاً لتبريرات السياسيين والاعلاميين السعوديين، يتضح أن ضحايا الغارات والحصار جراء التدخل السعواماراتي لم يكن هو فقط محور ارتكاز المعاناة في اليمن فمنظمة سام للحقوق والحريات ومقرها جنيف رصدت 103 عملية اغتيال سياسية، في مدينة عدن منذ سيطرت الامارات عليها في 2015 إلى 2018.
وحسب تقرير المنظمة فإن الإغتيالات ركزت على رجال أمن وخطباء مساجد وسياسيين اغلبهم يناويء الامارات وحضورها في عدن والجنوب، فيما يقبع المئات من اليمنيين في السجون الاماراتية ويتعرضون في سجونها لاقسى انواع التعذيب وحتى الاغتصاب الجنسي حسب المنظمات الدولية.
وتشير الاحصائيات التي صدرت مؤخرا بعد مضي 1400 يوم من التدخل السعودي بان الوضع قد تجاوز الكارثة والمأساة وان الادعاءات السعودية والاماراتية حول انقاذ اليمنيين تشبه الى حد التطابق عمل السعودية مع الكاتب والصحفي جمال خاشقجي الذي ارسلت وفدا لاعادته الى حضن بلده السعودية ولكن بتقطيع اوصاله وتجزأته وإذابته بمادة الاسيد.
يقول عبدالرحمن راجح ان الرياض ارسلت آلاف الطائرات، ودعت مئات الاف الجنود والمرتزقة من كل حدب وصوب، ودفعت المليارات من الدولارات، واحدثت الانقسامات والصراعات، واشترت الولاءات من اجل هذه العملية، ولذا جاءت النتيجة مشابهة تماما لعملية انقاذ خاشقجي واعادته الى بلده حيث اظهرت اخر الاحصائيات المؤكدة والموثقة ان اكثر من 40546 مدني سقطوا بين شهيدا وجريح بسبب القصف الجوي المباشر للطائرات السعودية والاماراتية فقط خلال الاربع السنوات الماضية، وأوضحت الاحصائيات أن عدد الشهداء بلغ 15 ألفاً و822 مواطناً بينهم 3 آلاف و495 طفلاً وألفان و250 امرأة، و10 آلاف و113 رجلاً، فيما بلغ عدد الجرحى 24 ألفاً و724 مواطناً بينهم 3 آلاف و497 طفلاً وألفان و524 امرأة، و18 آلاف 712 رجلاً.
وفي جانب البُنية التحتية كشفت التقارير الصادرة من المنظمات الانسانية عن تدمير السعودية والامارات 15 مطاراً و16 ميناءً وإلحاق أضرارٍ بالطرق والجسور بلغت 3 آلاف و93 ما بين طريق وجسر.
وأوضحت الإحصائياتُ أن العدوان دمّر ألفاً و525 خزانَ وشبكة مياه و281 محطة كهرباء ومولدات و480 شبكة اتصالات، ما جعل أهم المنشآت الحيوية في اليمن خارج نطاق التغطية.
وأشار المركز أن العدوان دمّر أكثر من 437 ألفاً و167 منزلاً وشرد أكثر من أربعة ملايين مواطناً ودمّر ألفاً و159 مسجداً و984 مركزاً ومدرسة تعليمية وتوقفت أربعة آلاف و500 مدرسة، كما قصف 365 مستشفى ومرفقاً صحياً و42 مؤسسة ومنشأة إعلامية.
وفي جانب الوحدات الإنتاجية بينت الاحصائيات الاخيرة أن العدوان دمّر 790 مخزن أغذية و683 ناقلة مواد غذائية و642 سوقاً ومجمعاً تجارياً و373 محطة وقود و284 ناقلة وقود و365 مصنعاً و374 مزرعة دواجن ومواشي و236 موقعاً أثرياً و317 منشآت سياحية و124 ملعب ومنشأة رياضية.
ومع هذا الكم الهائل من الدمار والمأساة التي صنعتها السعودية في اليمن لايزال السعوديون يتشدقون بالقانون الانساني ويصرون على ان اهدافهم من الحرب التي يشنونها تصب في صالح اليمن واليمنيين.
وقد أثارت مؤخرا تصريحات عبدالعزيز الواصل “المبعوث الدائم للسعودية في مجلس حقوق الانسان” السخرية والضحك وكذلك البكاء، حيث تحدث اثناء جلسة للمجلس في جنيف عن عدد من التوصيات والافادات بشان اليمن واوصى المجتمع الدولي وحكومة المستقيل هادي بالاهتمام بالتعليم والرعاية الصحية بينما قامت بلاده بتدمير 365 مستشفى ومرفقا صحيا و884 مركزا ومدرسة تعليمية كما انه تحدث عن اهتمام بلاده بضمان حماية وسلامة الاطفال باليمن بينما تؤكد الاحصائيات الموثقة والصادرة عن العديد من المنظمات عن مقتل وجرح 7311 طفل بسبب الغارات الجوية وتطبيق حصار ادى الى وفاة 247000 طفل وامراة خلال 1400 يوم من الحرب العدوانية على اليمن.
هذه الاحصائيات المرعبة التي لم نشر فيها الى موضوع انتشار الأوبئة والامراض وما احدثته من كارثة بحق اليمنين وضحايها الذين يحصون بالآلاف تعتبر حصيلة للتدخل السعودي والاماراتي وكان من المفترض انها درس وحافز لايقاف العدوان الذي تأخر ايقافه كثيرا وحافزا ايضا لجبر الضرر والاعتذار لليمن واليمنيين والكف عن التدخلات في شؤونهم، لكن السعوديين ينطبق عليهم المثل القائل “إذا لم تستح فاصنع ما شئت”، حيث لازالوا يروجون للاكاذيب والشائعات التي اثبت الزمن كذبها وعدم مصداقيتها.