مسئولينا بين : ثقافة ( الانتهازية والزندقة) ثقافة (الغطرسة والتعالي)
من المؤسف أن نجد الثقافة السلوكية عند مسئولينا تمثل عاملا مهما من العوامل التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة المشوهة والمجردة من منظومة القيم والأخلاقيات السلوكية في التعاطي مع الأخر الوطني ..إذ نجد أننا ابتلينا بنموذجين للمسئولين , فالنموذج الأول ( انتهازي وصولي ومنافق ) وشعاره ( الغاية تبرر الوسيلة ) وهذا النموذج هو من استقال يوم 21 مارس والتحقوا بسيدهم وولي نعمتهم ( الجنرال) الخائب.. النموذج الثاني لا يزل في (السلطة) وهذا النموذج يتسم طابوره بمميزات وصفات ( الغطرسة والغرور والتعالي والفوقية) ويرى الأخر برؤية دونية حتى وأن كان هذا الأخر من ( شيعته) أو محسوبا عليه بحكم فقه الضرورة ..!!
نعم بين ثقافة الانتهازية والتمصلح واستغلال الفرص من جهة وبين ثقافة الغرور والغطرسة والتعالي والفوقية من جهة ثانية وجدنا أنفسنا أمام أزمة طاحنة للوطن والشعب , وبقدر رفضنا لمنطق المتمردين الوقح وتصدينا لمشروعهم الإنقلابي المجرد من الأخلاقيات , نرى على الطرف الأخر الرمزية المتعالية والمتغطرسة والفوقية المصابة بدءا الغرور تمارس بدورها ذات الطقوس السلوكية التي كانت تسلكها وتمارسها قبل الأزمة دون اتعاظ أو محاولة لرؤية أسباب ودوافع الأزمة .. سلوكيات تكاد تكون شاملة إلا من رحم ربي من مسئولين فعلا استشعروا خطر الأزمة وأدركوا دوافعها وأسبابها فعملوا في أوساط الشعب وتداركوا تلك السلوكيات وتخلوا عن بعض الصفات السيئة حتى على الأقل في هذه المرحلة الحرجة التي تحتاج لوعي المسئولين وضرورة تخليهم عن بعض الطقوس النرجسية والتعامل مع الناس برؤي بعيدة عن المنطق السلوكي المتعالي والمتغطرس والمغرور والفوقي بل ورؤية الأخر بمنظار ( الدونية والسخرة) ..?
بيد أن الأزمة كشفت في تداعياتها أن أولئك المنافقون والزنادقة وحملة المباخر والانتهازيون الذين كانوا حتى وقت قريب يسبحون بحمد ( الحاكم) فيما منهم من كان يمسح بعمامته ( حذاء الحاكم) ,أمثال هؤلاء تحولوا بلمح البصر إلى خصوم أشداء ل( الحاكم) وأندادا له وبوقاحة سافرة يتحدثون عنه وقد جعلوا منه ( شيطان رجيم) بخطابهم وفي مواقفهم وسلوكياتهم وأفعالهم ..?
هذا التمادي في الخصومة لا يماثله إلا ما سبق أن عشناه وشاهدناه من تمادي في ادعاء الوفاء والولاء المزيفين من قبل هؤلاء الذين يذكرونا بقول الزعيم ما وتسي تونج ( أن التطرف نحو اليسار هو بداية الولوج نحو اليمني ) وبالتالي أن التطرف بادعاء الولاء والوفاء يؤدي إلى التمرد والتأمر والعكس وبالتالي فأن خير الأمور أوسطها وحسب.
المؤسف أننا وفي لحظة لم يجد فيها الحاكم غير تضامن الحفاة العراة الذين عاشوا زمن صولجان الحاكم وعزه في دائرة التهميش ولا يزال أمثال هؤلاء في ذات الدائرة دائرة التناسي والتجاهل والتهميش ومع ذلك لم تمنع مرارة التجاهل والتهميش هؤلاء المهمشين والمنسيين من الاصطفاف والتلاحم والتعبير عن رفضهم لكل أشكال التمرد والتأمر والفوضى ملتفين حول الحاكم تعبيرا عن مشاعر وطنية فياضة وتجسيدا لولاء وطني راسخ لا تصنعه المصالح ولا المنافع ولا جدلية الربح والخسارة , بل المصلحة الوطنية والمصلحة الوطنية الجمعية التي تؤكد حقيقة واحدية الهوية والانتماء والولاء والجذور والطبقة الاجتماعية , غير أن المؤسف أن هناك من لا يزل يظهر في مربع الشرعية والدفاع عن النظام وعن أمن واستقرار الوطن , لكنه لا يزل يتمسك بذات الثقافة السلوكية الفوقية التي يصر البعض من هؤلاء على أن يتميز بها وهذا في تقديري تعبيرا عن ( عقدة الشعور بالنقص) التي تستوطن أمثال هؤلاء الذين يعوضون جهلهم وعقدهم المتخلفة بمثل هذه السلوكيات المتعالية والمتغطرسة والمغرورة مع الأخذ في الاعتبار أن وضعنا ما كان ليصل إلى هذا المنحدر الخطير من الظواهر لوا كان مسئولينا يتحلون بقدر من التواضع والشعور بالمسئولية الوطنية ويدركوا أنهم خداما لهذا الشعب وليس ( ملوكا وأمراء ) عليه.. ولوا كان مسئولينا سلكوا سلوكا أخلاقيا متواضعا مع العامة من أبناء الشعب ومن هم استلهموا رسالتهم ودورهم الوطني والاجتماعي لما وصلنا لهذا المنعطف ,, بل لوا تحلى مسئولينا بقيم وأخلاقيات ومثل فخامة الأخ / علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية _ حفظه الله_ لما كنا عشنا هذه الأزمة ولا عرفنا الأزمات مطلقا ..
قد يقول قائل وما مناسبة هذا القول , وأعود وأقول أن اعادة هيكلة العلاقة
الاجتماعية في بعدها الوطني وكذا اعادة هيكلة الدولة وتفعيل دورها وأعاده الاعتبار لدورها كل هذه بمثابة أهداف وغايات لا يمكن تحقيقها أو الوصول إليها ما لم تتغير الانماط السلوكية لبعض مسئولينا وتغيب من قاموسهم اليومي وأجندتهم ثقافة التعالي والغطرسة والغرور والعنجهية التي لم تعود تجدي في المستقبل الوطني كما هي لم تجدي في وقت الأزمات والتداعيات وقد كشفت الأزمة بتداعياتها وإرهاصاتها أن أولئك المهمشين والمنسيين من أبناء الوطن هم أول من ثبت في ميدان المنازلة وكان لهم شرف إعادة وترسيخ السكينة للغالبية الملتاعة التي وجدت نفس