الصراعات باليمن تسرع بانهيار الدولة
حتى اذا نجح المفاوضون في اقناع الرئيس علي عبد الله صالح بالتخلي عن الحكم فانه لا مفر فيما يبدو من انزلاق اليمن الى الفوضى والحرمان وهو ما يمثل مخاطر كبيرة على شعبه وجيرانه ناهيك عن السعودية عملاقة النفط.
وانتشرت مظاهرات مناهضة لصالح في اليمن بعد الاطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك في فبراير شباط وكان هذا تحولا جديدا في الازمات المزمنة التي لا تعد ولا تحصى والتي أشعلت المخاوف من انهيار مؤسسات الدولة او نشوب حرب أهلية في أفقر دولة بالعالم العربي.
ويواجه اليمن منذ عدة اشهر احتجاجات وعوزا وموجات من أعمال العنف التي تسفر عن سقوط قتلى. ويمارس المواطنون حياتهم اليومية بمجرد أن تتوقف نيران الصواريخ.
وسعى وسطاء خليجيون وغربيون لاقناع صالح بتوقيع اتفاق مع أحزاب المعارضة يترك بموجبه الحكم مقابل عدم محاكمته وهو ما يرفضه المحتجون الذين يطالبون باسقاطه ومحاكمته.
وتراجع صالح عن توقيع الاتفاق ثلاث مرات قبل أن تلحق به اصابات بالغة في محاولة اغتيال في يونيو حزيران ولا تصدق الا قلة من اليمنيين أنه سيتخلى عن السلطة طوعا.
وتعكر طموحات نخبة من الزعماء القبليين والقادة العسكريين الكفاح لانهاء حكم الرئيس الممتد منذ 33 عاما ولكن حتى الحل الدبلوماسي لن يريح اليمن من الانهاك الذي تسببه حركات متمردة او من أزمة في الموارد تدفع السكان الذين يتزايدون بسرعة الى خوض معركة من أجل البقاء.
وقال دبلوماسي غربي في صنعاء طلب عدم نشر اسمه “دخل اليمن في تدهور شبه دائم سيستغرق الخروج منه سنوات وربما عقود.”
وأضاف “من الصعب تقبل هذا لكن الخاتمة لن تأتي باتفاق سياسي. أمامنا مشوار طويل لعقود.”
وشجعت الاوضاع السياسية غير المستقرة المتمردين ورجال القبائل والاسلاميين المتشددين على السيطرة على أجزاء من البلاد بعيدا عن سيطرة الحكومة في اليمن التي لم تكن قوية قط.
وسيطر متشددون مرتبطون بتنظيم القاعدة على بعض المدن الساحلية في الجنوب ويقطع انفصاليون جنوبيون مسلحون الطرق السريعة الرئيسية ويتحرك المتمردون الحوثيون الشيعة في الشمال بحرية على الحدود مع السعودية.
وقال مسؤول يمني طلب عدم نشر اسمه “صالح ما هو الا الرجل القوي في أقوى فصيل في البلاد التي تحولت كلها الى فصائل الان.”
وكثيرا ما تحدت الشبكات القبلية باليمن سلطة الحكومة فكانت تسعى في أحيان كثيرة الى الحصول على الاموال او المشاريع التنموية مقابل القبول بسلطة الحكومة المركزية لكن السيطرة على أراض في الاونة الاخيرة ربما تكون مؤشرا على اتجاه اكثر قتامة.
وقال المحلل والصحفي اليمني سامي الغالب ان السيطرة على الاراضي وراؤها أجندة سياسية اذ تحصل الجماعات الانفصالية على مكاسب.
وسيطر المتمردون الحوثيون الذين ينتمون الى الطائفة الزيدية الشيعية على محافظة صعدة المتاخمة للسعودية ويقاتلون للسيطرة على محافظة الجوف المجاورة.
وكانت السعودية تدخلت عسكريا لمساعدة حكومة اليمن في قتال الحوثيين عام 2009 .
وقال الغالب ان الحوثيين في الوقت الحالي لا يمثلون تهديدا مباشرا لكنهم اذا أصبحت لهم أراض تحت سيطرتهم في المستقبل فان مقاتليهم قد يوسعون نطاق حدودهم.
وفي الجنوب فر عشرات الالاف من محافظة أبين الساحلية حيث تقاتل القوات اليمنية اسلاميين متشددين في صراع يقول منتقدو صالح انه استغله ليثير مخاوف عالمية من انهيار الامن ان غاب عن المشهد.
ونقل دبلوماسي كبير عن مصادر مخابرات غربية قولها ان اليمن يتمتع بالقوة العسكرية الكافية لهزيمة المتشددين “وكونهم لم يفعلوا فهذا يشير الى وجود أسباب سياسية.”
وقال نازحون من أبين لرويترز ان قوات الامن تركت زنجبار عاصمة المحافظة دون أن تقاتل حين دخل المتشددون للمرة الاولى في مارس اذار. ولم تبد القوات الموالية لصالح او الوحدات المنشقة التي تدعم المعارضة اي دفاع.
وقال احمد محمد (21 عاما) الذي فر من زنجبار حين حول القصف منزله الى رماد “ما يحدث مزحة… حرب يشنها الجيش اليمني منذ خمسة اشهر بدعم امريكي ضد ماذا.. 500 متشدد تقريبا.. لا يبدو هذا مقنعا.”
وتريد قوى غربية وخليجية ان يوقع صالح اتفاقا لنقل السلطة املا في أن يعيد هذا الاستقرار ويسمح للحكومة باخماد تنظيم القاعدة بجزيرة العرب الذي يتخذ من البلاد مقرا له.
لكن نطاق الاضطرابات اتسع حيث تخوض وحدات الجيش الموالية والمناوءة لصالح وتدعم كل منها فصائل قبلية مواجهات في العاصمة صنعاء وغيرها وهو ما يطغى على الحركة السلمية الداعية للديمقراطية التي جعلت من الناشطة اليمنية توكل كرمان واحدة من ثلاث فائزات بجائزة نوبل للسلام هذا العام.
وتسيطر القوات الحكومية على قمم الجبال المحيطة بصنعاء ويوجه أفرادها أسلحتهم صوب الجنود الذين انضم قائدهم اللواء علي محسن الى المعارضة في مارس اذار.
وقال مسؤول يمني ان القوات الموالية لصالح أقوى بثلاث مرات من حيث الاعداد والعتاد من خصومها في العاصمة وهو خلل في التوازن يقول كثيرون انه د