إيجابيات المصائب
يستغرب البعض من هذا العنوان متسائلا?ٍ : وهل للمصائب إيجابيات ? ويتبادر إلى الذهن مقولة : مصائب قوم عند قوم فوائد , لكن هذا ما لا يعنيني في الأمر فليس في عموم الشعب اليمني مستفيد مما تعانيه البلاد فالكل : الكبار والصغار يعانون تداعيات الأزمة التي ألقت بظلالها الوارفة على الجميع وإن بدرجات متفاوتة .
بشكل عام المصائب لا تأتي إلا بالأسواء ولم يسبق في تاريخ الإنسانية أن جاءت بخير باستثناء النوازل الموقظة للأمم والأجيال المتعاقبة أن اصحوا من غفلتكم فتأتي بشيئ من الصحوة الدينية ليتوب البعض وتعود حقوق البعض وإن كانت آنية لدى الإنسان الذي جس??ِد الله تعالى حقيقته في مثل : ” وإذا مس??ِكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نج??ِاكم إلى البر أعرضتم ”
” وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مس??ِكم الضر فإليه تجأرون . ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ”
وإذا مس??ِ الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا? أو قائما?ٍ فلما كشفنا عنه ضره مر??ِ كأن لم يدعنا إلى ضر مس??ِه ” .
لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن الأزمة المصيبة القائمة في البلد قد آتت في أ?ْكلها ببعض الإيجابيات التي منها :
• نظرا?ٍ لانقطاع الكهرباء نضطر للنوم مبكرين وبالتالي نصحو مبكرين وقد شبعنا نوما?ٍ والليالي طويلة فلا يأتي الفجر إلا وقد أخذنا قسطا?ٍ وافرا?ٍ فنصلي في المسجد جماعة , وبمعنى آخر تحرر الريمونت من أيدينا فعدنا بحمدالله للوضع الطبيعي .
• تحرر أطفالنا من سيطرة القنوات الفضائية ومسلسلات الأطفال على عقولهم فصاروا ينامون مبكرين ويتفرغون للصلاة ويقرؤن القرآن ويذاكرون دروسهم بأريحية غير معهودة ويقومون بخدمة والديهم وطلبات المنزل بشكل غير مسبوق .
• كنا نطبل للفتنة لا نعرف قيمة الأمن وحين افتقدنا الأمن وسيطر علينا الخوف والرعب ننتظر الموت صباح مساء عرفنا قيمة نعمة عظيمة من نعم الله وهي الأمن .
• كنا في غفلة?ُ وتيه?ُ عجيبين فكانت المصيبة الحالية عاملا?ٍ في إيقاظنا وتنبيهنا فرجعنا قليلا?ٍ إلى الله لعلمنا أن ما نزل بنا ليس سوى نتيجة من نتائج الذنوب على الجميع .
• كان الكسل قد تملكنا وخصوصا?ٍ من يملك سيارة ومع انعدام البترول ومن ثم تجاوز قيمته الضعف عما كان قبلا?ٍ صرنا نتحدث عن فوائد المشي الصحية ونلقي مواعظ في هذا الشأن ونقطع مسافات لم تكن على البال مشيا?ٍ .
• مع انعدام الغاز وارتفاع سعره وفاحشة قيمة وايت المياه وكساد العمل والتجارة تعلمنا الاقتصاد والتدبير والادخار وصرنا نلقي مواعظ شبه يوميه على نسائنا وأولادنا .
• طغت على أصالتنا حياة التحضر المعاصرة فانخدعنا بها وبسهولة التعامل معها وتخلينا عن الأصالة فإذا بنا رويدا?ٍ رويدا?ٍ نعود إليها راغبين ومجبرين ونادمين .
• إنعدمت الكهرباء فتوقفت ثلاجات التبريد فشربنا المياه العادية واستخدمنا الوسائل القديمة في التبريد فخف??ِت نزلات البرد والصقيق والتهاب الل??ْوز والإنفلونزا , وانعدم الآيسكريم فخف??ِ السعال عند أطفالنا .
• مع خروج الكهرباء التام عن التغطية لا سخانات ولا مياه حارة وبالتالي عدنا لاستخدام المياه الباردة من حنفي المياه رأسا?ٍ إقتداء?ٍ بسيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم .
• ذهبت الكهرباء فعدنا للفوانيس والحطب وظهرت الأدخنة من جهات متعددة أعدت للأذهان ما قبل الغاز .
• وأخيرا?ٍ وهذا الأهم فمع اشتداد المعارك اضطررنا للنزوح بنسائنا وأبنائنا خوفا?ٍ عليهم من الفجائع التي تكاثرت والموت الذي ينشر رعبه في أماكن المواجهات وما جاورها وبقينا نعاني الوحدة والجعجعة , تلخبطت حياتنا وانتكست يومياتنا حينها عرفنا قيمة الزوجة وما تعنيه للرجل فآمنا أنها النصف الآخر .
ربما تمتلكون وتعرفون أكثر مما أعرف ولكن نسأل الله اللطف بنا وباليمن .